الحل ليس فى نجاح الثورة، إنما تكمن المشكلة فى الفترة الانتقالية التى تليها. فهى من أصعب الفترات، لذا يحتاج البلد إلى تيار سياسى كبير حتى يستعيد المواطن أمنه، وينعم البلد بالاستقرار وهذا ما نرجوه فى مصر الآن. إذا نظرنا إلى الأحزاب السياسية الحالية نجدها إما مفككة، وعملياً أسقطت من الشارع بسقوط الحزب الوطنى المنحل، و الأحزاب الجديدة ما زالت فى طور التكوين، ولم تعدّ بعد القيادات والكوادر اللازمة، وبالتالى فليس لها جمهور ومريدون على أرض الواقع.
نستنتج من ذلك أن البلد بعد سقوط النظام الحاكم وحزبه صار فى فراغ سياسى، لأن النظام السابق قد أطفأ الحياة السياسية والحزبية واحتوى العديد من قياداتها إلاّ من رحم ربى، ولم يبقى إلا نوره المزيف والباهت، وهذا ما حذر منه النظام الحاكم سابقاً قبل الثورة بأن البلد سيواجه فراغاً سياسياً إذا ما أسقط النظام وطالبه بالحرية والديمقراطية. لكن إحقاقا للحق فإن القوى السياسية الوحيدة المؤهلة لملئ جزء كبير من هذا الفراغ الكائن الآن هى حزب الحرية والعدالة المنبثق من جماعة الإخوان المسلمين.
قد يختلف المرء مع بعض الأفكار الخاصة بالجماعة، لكنه لا يستطيع أن ينكر قوتها وفرض وجودها فى الشارع المصرى، وآية هذا الوجود عدد المقاعد التى اقتنصتها فى برلمان 2005 السابق فى ظل وجود القضاء مقارنة بالأحزاب الأخرى.
حزب الحرية والعدالة يمتلك العديد من القيادات الكبيرة والمعروفة فى مصر كلها وله تقريباً مقار فى جميع أنحاء مصر، وله القدرة على ترشيح أعضاء له فى جميع دوائر مصر، حزب الحرية والعدالة له مشروع واضح يسعى إليه بثبات ودراسة وبخطى واثقة، كما يمتلك قاعدة شبابية كبيرة ومريدين له، بالإضافة إلى قدرته على احتواء العديد من التيارات الدينية الأخرى، على عكس التيارات السياسية الأخرى التى أدمنت الصراخ على الفضائيات. لذلك أزعم أن حزب الحرية والعدالة هو المؤهل عملياً الآن لقيادة البلاد فى الفترة القادمة وهو الوحيد الذى يستطيع ملأ الفراغ السياسى فى البلاد، لذلك ينبغى على قيادة الحزب إدراك مدى المسئولية التى ستقع على كاهلهم والدور الذى سيقومون به الآن فى مصر، وأنهم إذا ما أحسنوا فى هذا الدور ستستعيد مصر عافيتها التى تلاشت فى العقود الماضية، بل وستكون أفضل بكثير، أما إذا لم يعطوا هذا الدور حقه، و لم يدركوا مسئولياتهم جيداً فإن البلاد سترجع إلى العهد الحجرى القديم. إننى من هذا المنبر أوجه إليكم رسالة قائلاً فيها: نحن لا ننكر مدى الاضطهاد الذى نال منكم منذ ما يقرب من ستة عقود كنتم سبباً فى بعضه.
لقد آن الآوان لكم أن تتحملوا المسئولية بشجاعة ولتعلموا أنكم ستحكمون المصريين لا المسلمين فقط، لتقفوا على مسافة واحدة بين جميع المصريين بكل الأطياف السياسية، و جميع الأيدلوجيات، ولتقدموا الأولويات فى برامجكم، هذه فرصتكم و التى قد لا تأتى لكم مرة أخرى فأحسنوا استغلالها.
صورة ارشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
د. طارق النجومى
نريد عدالة وتنمية