تسعى السلطة الفلسطينية إلى وضع خطة عمل, تهدف لحشد اعتراف أكبر عدد ممكن من دول العالم بدولة فلسطين فى الأمم المتحدة, وإسرائيل تقف على أهبة الاستعداد لمواجهة السيناريوهات المتوقعة من ذهاب الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة طلبا للاعتراف بدولتهم المستقلة.
هذه السيناريوهات من وجهة نظر جهات أمنية التى تنتظر إسرائيل هى الأسوأ فى تاريخها, الأمر الذى أدى إلى تلويح إسرائيل بإلغاء اتفاقات أوسلو الموقعة مع الفلسطينيين, والتى تشكل الإطار القانونى للعلاقات بين الجانبين فى المجالات الأمنية والاقتصادية, أو البنى التحتية وغيرها.
المكاسب المرجوة فلسطينيا من ذهابهم إلى الأمم المتحدة فى أفضل الحالات, هى عضوية كاملة فى هذا المحفل الدولى, وفى أسوأ الحالات دولة غير عضو (أى دولة مراقبة) وهو الأمر الذى سيمكن فلسطين من الدخول إلى منظمات الأمم المتحدة ووكالاتها المختلفة, فضلا عن مكانة فلسطين السياسية التى ستكون بعد سبتمبر, لأن الحصول على مكانة دولة مراقبة _وهو أضعف الإيمان _ سيجعل السلطة فى مكانة أفضل فى حال التفاوض مع إسرائيل, أو فى حال تجنيد الضغط الدولى لمنع الانتهاك الإسرائيلى للحقوق الوطنية الفلسطينية.
إسرائيل لهذه الأسباب وغيرها لا تقلل من مخاطر الاعتراف بالدولة الفلسطينية, إذ أن ذلك سيمنح الفلسطينيين القدرة على إدارة صراع قانونى فى المحاكم الدولية خاصة محكمة لاهاى, إضافة إلى أنه سيصبح لدى الجانب الفلسطينى إمكانية تعديل الاتفاقات الأمنية والاقتصادية من خلال دعم دولى.
جاء تهديد إسرائيل بإلغاء اتفاقيات أوسلو نابعا من هذه المخاوف، وتعدد السيناريوهات المحتملة فى حال الاعتراف الأممى بدولة فلسطين, وبدأ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بالفعل دراسة البدائل المتاحة أمام إسرائيل للرد على هذه الخطوة مع مستشاره للأمن القومى, بما فيها ضم الكتل الاستيطانية الكبرى فى محيط القدس والضفة الغربية المحتلين إلى تخوم إسرائيل.
إلغاء اتفاقيات أوسلو بدأت الأبحاث فيها قبل نحو شهرين, عندما التقى وزير الخارجية الإسرائيلى أفيجدور ليبرمان مع وزيرة الشئون الخارجية فى الاتحاد الأوروبى كاثرين آشتون, وقال لها إن توجه الفلسطينيين للأمم المتحدة بطلب اعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود 1967, هو خطوة أحادية الجانب وتعنى إلغاء اتفاقيات أوسلو.
إذا كانت إسرائيل لا تزال تشير إلى مسألة إلغاء اتفاق أوسلو وهو قيد البحث واحد الخيارات فى مواجهة استحقاق سبتمبر, فإنه الخيار الذى بات أكثر وضوحا, بعد بحث نتائجها المحتملة, فمعظم الوزارات الإسرائيلية تعارض حتى الآن فكرة إلغاء اتفاقيات أوسلو خصوصا فى الوزارات الاقتصادية التى تخشى من أضرار على إسرائيل فى علاقاتها مع أوروبا, كما أن خطوة كهذه من شأنها أن تقود إلى مزيد من العزلة وعدم الشرعية لإسرائيل, فاتفاقيات أوسلو التى تم التوقيع عليها بالأحرف الأولى عام 1993, ثم بشكل نهائى عام 1995 فى البيت الأبيض فى واشنطن, هى الإطار القضائى لغالبية العلاقات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية فى مجالات الأمن والاقتصاد والبنى التحتية, ويلزم إلغاء الاتفاقيات دراسة عدد من القضايا المركزية فى الضفة الغربية, وبموجب هذه الاتفاقيات يتم تقسيم الضفة إلى ثلاث مناطق "A" وهى تحت سيطرة السلطة الفلسطينية الكاملة الأمنية والمدنية, ومناطق" B" التى تقتصر على سلطة مدنية فقط, وكلاهما معا يشكل ما يعادل 40% من الضفة الغربية, ومناطق "C " التى تسيطر عليها إسرائيل بشكل كامل ومساحتها 60% من الضفة الغربية, وفى هذه الحالة فإن إلغاء أوسلو يضع علامات استفهام بشأن استمرار هذا التقسيم, وكذلك بشأن استمرار التعاون الأمنى القائم بين إسرائيل وأجهزة الأمن الفلسطينية, واستمرار العمل بموجب نظام الجمارك الحالى, حيث تقوم إسرائيل بجباية الجمارك الفلسطينية, وقضايا أخرى تتصل بمصادر المياه والتزود بالكهرباء وغيرها.
من الناحية العملية فإن الاتفاق ربما يكون قد سقط منذ وقت طويل, بفعل الإجراءات الإسرائيلية وتنصل إسرائيل من هذا الاتفاق, لكن الحديث فى هذه المرحلة عن إلغاء الاتفاق إلغاء رسميا من جانب واحد, فهذا يعنى تمسك إسرائيل بأحد بنوده: "لايعتبر أى طرف بدخول هذا الاتفاق متخليا عن أى حق أو مطلب أو موقف", والتفسير الإسرائيلى لهذا البند يشير إلى ما تسميه حقوقا لها لاينقصها هذا الاتفاق, والتزاما بالنص فإنه يحق للفلسطينيين أيضا الشىء ذاته.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
المحامي علي المسلوخي
إلغاء عضوية اسرائيل في الأمم المتحدة بقلم المحامي علي المسلوخي