د.عاصم الدسوقى

فلسطين على مائدة الأمم المتحدة بين الكرام واللئام

الخميس، 22 سبتمبر 2011 04:49 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عندما أصبح مناحيم بيجين رئيسا لحكومة إسرائيل فى 1977 قال: لا يسألنى أحد عن دولة فلسطينية.. إن أقصى ما يمكن تقديمه حكم ذاتى للفلسطينيين». وآنذاك كانت مدافع حرب أكتوبر قد سكتت وبدأ الحديث عن «السلام فى الشرق الأوسط». وكانت الباكورة ذهاب السادات إلى إسرائيل (19 نوفمبر 1977)، ثم اتفاقه مع بيجن فى كامب ديفيد برعاية كارتر (5-17 سبتمبر 1978) على إقامة «حكم ذاتى فى الضفة الغربية وغزة». ثم نصت معاهدة 26 مارس 1979 (المادة الثانية) على أن الحدود بين مصر وإسرائيل هى الحدود بين مصر وفلسطين تحت الانتداب البريطانى (الذى انتهى ليلة 15 مايو 1948) وهذا يعنى عدم الاعتراف بوجود أرض فلسطينية وإنما وجود فلسطينيين تحت حكم إسرائيل. وتم النص فى الملحق الخامس على إجراء مفاوضات لإقامة سلطة حكم ذاتى فى الضفة وغزة من أجل تحقيق الحكم الذاتى الكامل للسكان.. (وليس إقامة دولة فلسطينية). وهذا ما تحقق فى أوسلو 1993 حيث أصبح ياسر عرفات رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية.. أى رئيس على الناس وليس على الأرض.. لأن الأرض ملك لإسرائيل، وكان بيجن قد قال فى مذكراته التى نشرها عام 1951: إن هذه أرض إسرائيل وإن العرب غزاة لها.
ويرى بعض فقهاء السياسة أن الحكم الذاتى يمكن أن يكون مقدمة لدولة، لكن هؤلاء ينسون أن ميزان القوة ليس فى أيدى الفلسطينيين. وفى التاريخ شواهد على هذا. فمن المعروف أن الدولة العثمانية كانت تسيطر على منطقة البلقان (أوروبا الشرقية اصطلاحا) ابتداء من منتصف القرن الرابع عشر (عام 1354) ولم تكن القوى الأوروبية الكبرى (روسيا والنمسا وإنجلترا وفرنسا) ترتاح لخضوع شعوب مسيحية لحكومة إسلامية، فأخذت تشجع شعوب البلقان على الثورة ضد الحكم العثمانى وبدأت شعوب المنطقة تفوز بالحكم الذاتى تحت الإدارة العثمانية ابتداء من عام 1804، فلما هزمت الدولة العثمانية فى الحرب العالمية الأولى خرجت من البلقان وتحولت الحكومات الذاتية إلى دول قومية مستقلة (بلغاريا ورومانيا والبانيا وتشيكوسلوفاكيا ويوغوسلافيا).
وما حدث فى أوروبا الشرقية حدث فى جزء من فلسطين عندما سمحت سلطة الانتداب البريطانى (1922) بإنشاء «الوكالة اليهودية» لإدراة شؤون اليهود. وبعد أن أعلنت بريطانيا أنها سوف تنهى انتدابها على فلسطين ليلة 15 مايو 1948 وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 29 نوفمبر 1947 على تقسيم فلسطين إلى دولتين: واحدة يهودية وأخرى عربية، ورفض العرب التقسيم استنادا إلى أن الأرض أرضهم فكيف يقبلون بتقسيمها. وطبقا لنظام العمل داخل الأمم المتحدة فإن ما توافق عليه الجمعية العامة يعد توصية وليس قرارا، إذن القرار يكون لمجلس الأمن شرط أن تحظى التوصية بموافقة ثلثى الأصوات كحد أدنى. لكن ما حدث أن الإدارة الأمريكية حالت دون عرض التوصية على مجلس الأمن خشية الفيتو، كما حالت دون استطلاع رأى محكمة العدل الدولية فى شرعية التقسيم. وهكذا ومن وراء ظهر مجلس الأمن أعلنت اعترافها «بحكومة يهودية مؤقتة فى الجزء المخصص لها فى التقسيم». وهذا معناه أن إسرائيل قامت بتأييد قوة كبرى وبمقتضى توصية وليس بقرار من مجلس الأمن.
فهل يمكن أن تعلن «دولة فلسطين» مثلما أعلنت دولة إسرائيل..؟ من الممكن أن تحصل دولة فلسطين على أكثر من ثلثى أصوات الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكن هل تمر من مجلس الأمن دون فيتو.. هذا هو المشكوك فيه، وهذا ما يطمئن إسرائيل وما جعل نتنياهو يقلل من أهمية الجمعية العامة وينام ملء جفونه عن شواردها.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة