وهم الحاجة للطوارئ

بعد اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات فى أكتوبر 1981، طلبت الحكومة من مجلس الشعب إعلان حالة الطوارئ فى البلاد، لمواجهة الحالة التى كانت مجهولة للجميع، وغائمة، وغامضة.

الهدف من إعلان حالة الطوارئ فى أى بلد من بلدان العالم، هو التعامل مع وضع استثنائى، فى فترة محدودة، لها تأثيرات مهمة على الأمن القومى، كالإرهاب، وحتى فى حالات تفشى الأوبئة والأمراض.

لكن لأن مصر مختلفة عن أى مكان فى العالم، فقد حولت ما هو استثنائى، إلى وضع دائم، حيث عشنا ثلاثين عاماً فى ظل الطوارئ الكاملة، وهو أمر غير مسبوق فى تاريخ الجمهورية المصرية.

وأتذكر حين طلب رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف مد قانون الطوارئ، قائلاً أمام مجلس الشعب، إنه يطلب مد العمل بقانون الطوارئ وهو كره له، كتبت مقالاً فى "روزاليوسف" أرد على رئيس الوزراء بعنوان بل هو كره لنا.

صحيح أن جميع المسئولين فى عهد مبارك وفى ظل الحكم العسكرى يؤكدون أنه لن يتم تطبيق الطوارئ على قضايا الرأى، وأن استخدامه يقتصر على المخدرات والإرهاب والبلطجة، لكن استمرار وجود قانون الطوارئ معلقاً فوق الشجرة، يعنى أنه قيد على رقابنا جميعاً، وأنه يمكن تطبيقه على أى شخص وفى أية لحظة.

مشكلة قانون الطوارئ ليس فقط فى أوامر الاعتقال التى يصدرها الحاكم العسكرى بموجب هذا القانون، ولكن لأنه يمنع التجمع ويصادر حرية التعبير، وبه نصوص تمنح الحاكم العسكرى الحق فى إغلاق مناطق، وهدم بيوت ومنشآت إذا شكلت خطراً على الأمن القومى، كما يرى القائمون على تطبيق هذا القانون الاستثنائى.

نعم مصر تعانى من حالة انفلات أمنى غير مسبوقة، ويحكم البلطجية معظم شوارعها، وسيستمر هذا الوضع لسنوات، لكن مواجهة الخروج على القانون، يجب أن تكون بالقانون الطبيعى وليس بالقوانين الاستثنائية، فالطوارئ لن تمنع البلطجة، كما لم تمنع الناس حين أرادوا النزول إلى الشارع وأجبروا الرئيس على التخلى عن سلطاته.

من يعتقد أن الطوارئ تحميه واهم.. ومن يعتقد أن الطوارئ هى السلاح السحرى لمواجهة الانفلات الأمنى والبلطجة واهم أيضاً.. والحل أن نعود لدولة القانون، ونقف جميع أمامه.. سواسية.