حظيت زيارة رئيس الوزراء الأثيوبى ميلس زيناوى لمصر، باهتمام كثير من المثقفين والمحللين المهتمون بالشأن الأفريقى خاصة دول حوض النيل، وتزايدت الأصوات المنادية بضرورة إعادة توطيد العلاقات المصرية الإثيوبية، إلا أن نجاح الدبلوماسية الرسمية يحتاج إلى دبلوماسية شعبية قوية تدعمه من خلال وجود روابط ثقافية تجمع الشعوب معا.
إن مجتمعات دول حوض النيل بشكل عام تمتاز بالتنوع الثقافى والمجتمعى بها؛ نتيجة لكونها تتشكل من مجموعات قبلية تتسم كل منها بثقافتها الخاصة بها وتقاليدها ونظمها المختلفة، ونظرا لوجود 80 قومية لكل منها لغتها الخاصة فإن إثيوبيا بحق تعد متحفا ثقافيا مفتوحا؛ حيث تتنوع الثقافات والتقاليد بتنوع وتعدد القوميات.
كما تعد إثيوبيا أرض الحضارة القديمة حيث أظهرت الدراسات المتخصصة فى فن العمارة التطور الهائل الذى تحقق فى المجالات الفنية والثقافية. ويعد (يها) أقدم موقع أثرى فى إثيوبيا. كما أن المواقع الأثرية فى أكسوم (شمال إثيوبيا) مسجلة كتراث تاريخى فى قائمة اليونسكو للمواقع التاريخية.
ونظراً لأن الزراعة تعد الحرفة الرئيسية التى يمتهنها معظم الاثيوبيين، فإن موضوعات الأغانى الشعبية تعبر عن العناصر الطبيعية مثل الأمطار و الرعد و الشمس و النجوم و الحيوانات المنزلية. وتعكس هذه الأغانى الشعبية التى تعرف بإسم "زافان" ثقافات وطبائع القوميات الاثيوبية المختلفة. هذا وتعد رقصة "الاسكيتا" من أشهر الرقصات الشعبية فى إثيوبيا. ومن أشهر الألات الموسيقية الشعبية الماسينكو، الكيرار، البيجينا، الواشينت وهو العود الإثيوبى التقليدى.
ويقول الدكتور عبد العزيز شاهين أستاذ الانثروبولوجـيا بمعهد البحوث الأفريقية بجامعة القاهرة، "حتى يمكننا التعامل مع المجتمعات الأخرى فيجب أولا أن نتعرف على طبيعة هذه المجتمعات والمحددات التى تكون شخصيتها، والشخصية الأثيوبية هى شخصية تقليدية تتعايش مع الطبيعة وترتبط بها، وليس لديها الفكر الأوروبى الإستعمارى، إلا أنها تمتاز بولائها وإنتمائها الكبير للقبيلة.
حيث تنقسم أثيبويا إلى تسعة أقاليم هى أوروميا وأمهرة وتيجراى وعفر وهرر والإقليم الجنوبى وبنى شنغول جوموز وجامبيلا والإقليم الصومالى وجميعها لها حكومتها الخاصة وعلمها الخاص بالإضافة إلى إدارتين مستقلتين هما مدينة أديس أبابا (وهى العاصمة) ومدينة ديرداوا".
ويشير شاهين إلى أن هناك مجموعة من الروابط التاريخية والجغرافية التى تربطنا بأثيوبيا، فقد كان نهرالنيل الذى تقع منابعه فى هضبة دائما جسرا لتوطيد العلاقات بين الدولتين والتعاون المشترك، وكانت لدينا تجارة مشتركة فى فترة تولى الملكة حتشبسوت حكم مصر، كما كانت الكنيسة الأثيوبية تتبع الكنيسة الأرثوذكسية فى مصر فى عهد عبد الناصر، وكانت هناك العديد من المصالح المشتركة.
ويوضح شاهين أن من أهم أسباب سوء العلاقات بين الدولتين هى الانفصال الثقافى بين مصر وأثيوبيا وتجاهل الشعوب الأفريقية فى الفترة الماضية ثقافيا، فيجب أن تكون هناك مشروعات ثقافية مشتركة تجمع بين الشعبين عن طريق البعثات والتبادل الطلابى وإقامة المهرجانات الأفريقية التى تروج للثقافة الأثيوبية، كذلك إطلاق الإذاعات المرئية والمسموعة التى تخاطب الشعب الأثيوبى بلغاته المختلفة وتوطد العلاقات بين الشعبين، أيضا دراسة اللغات الأثيوبية المتعددة مثل الأمهرية التى تعد الأكثر انتشارا، التيجرينية، الأرومنيجية، الجوراجينيجية حتى يمكننا التعرف على الحضارة الأثيوبية الممتدة عبر مئات السنين.
ويشير شاهين إلى أن هذا التغلل الثقافى المصرى فى أثيوبيا يساعد على زيادة الترابط بين الدولتين، ومواجهة التغلل الإسرائيلى فى أثيوبيا من خلال يهود أثيوبيا " الفلاشة " وأستغلالها فى تنفيذ مصالح لها فى المنطقة ، فطبقا لآخر إحصاء حكومى رسمى صدر فى عام 2007 عن طبيعة السكان فى أثيبويا فإن المسيحيين يشكلون نسبة 62,8 من السكان (43,5% أرثوذكس, 18.6% بروتستانت, 0.7% كاثوليك، بينما يشكل المسلمون, طبقا لنفس الإحصاء, نسبة 33.9%, وهناك ديانات طبيعية تصل نسبة معتنقيها إلى 2,6% من السكان ،كما توجد مجموعة صغيرة من اليهود تعرف بـ بيتا اسرائيل ( الفلاشا والفلاشا مورا) يعيشون فى المناطق الغربية من إثيوبيا.