مرشحو الرئاسة يتنافسون بالثقافة "فى فرنسا"

الثلاثاء، 20 سبتمبر 2011 01:01 ص
مرشحو الرئاسة يتنافسون بالثقافة "فى فرنسا" الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى
كتبت دينا عبد العليم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اعتمد مرشحو الرئاسة فى فرنسا لعام 2010 على السياسة الثقافية كأداة لترويج أنفسهم، واعتمدت برامجهم الانتخابية بشكل كبير على نشر الثقافة، بينما بقيت برامج مرشحى الرئاسة فى مصر بعيدة تماماً عن الثقافة، على الرغم من أن الثقافة تلعب دوراً هاماً فى المجتمع المصرى وما يشهده من حراك سياسى خلال هذه الفترة.

وفى الوقت الذى بدأ فيه مرشحو الرئاسة فى مصر التنافس على علمانية الدولة أم مدنيتها، والموقف من السلفيين والإخوان المسلمين والأزمة الاقتصادية والبطالة والعلاوة الاجتماعية، اهتمت البرامج الانتخابية لمرشحى رئاسة فرنسا بالثقافة، وتصاعدت النقاشات بين مختلف المرشحين حول مستقبل الثقافة وكيفية تمويلها وتخصيص ميزانية مستقلة للثقافة.

ووفقاً لتقرير نشرته جريدة الشرق الأوسط فإن البرنامج الأول للحزب الاشتراكى المقدم فى شهر إبريل الماضى اقتصر فيما يخص الثقافة على سطر واحد، سرعان ما تطور بعدها إلى اقتراحات مطولة حيث اقترحت "سيغولين رويال"، ممثلة الحزب الاشتراكى فى الانتخابات الرئاسية السابقة، وسيطا ثقافيا فى كل الثانويات لتشجيع النشاطات الثقافية عند المراهقين، أما زوجها السابق فرانسوا هولند الذى يترشح هو الآخر هذا العام، فهو يوصى بتعميم النشاطات الثقافية على التلاميذ فى المرحلة الابتدائية.

أما "مانويل فالس" و"أرنو منتبور" المنتميان لجيل «الذئاب اليافعة»، كما تُسمى القيادات الشابة فى الحزب الاشتراكى، فهما يوصيان بالاهتمام بالتراث الفرنسى القديم والدور الاجتماعى للثقافة، لكن مارتين أوبرى رئيسة الحزب الاشتراكى وابنة رئيس الوزراء السابق، جاك دولور والمرشحة الأوفر حظا للوقوف فى وجه الرئيس نيكولا ساركوزى، كانت أكثرهم شرحا وتفصيلا حيث خصصت لمقترحاتها كتيبا صغيرا من 10 صفحات.

أهم ما جاء فى الكتيب: رفع ميزانية وزارة الثقافة بنسبة 30 إلى 50 فى المائة تدريجيا وعلى مدى خمس سنوات، أى رفع الميزانية إلى نحو مليار يورو بدل 700 مليون المقترحة حاليا من طرف حكومة ساركوزى، وهى تريدها أساساً لدعم النشاط الفنى والشباب المبدع.

وتشرح أوبرى أنها ستأتى بهذا المبلغ من «ضرائب الثروة» التى تنوى استعادتها بعد أن ألغاها ساركوزى، أما الزيادة فهى ستخصص لتوظيف 10 آلاف شاب فى المجال الفنى والثقافى ومثله فى ميدان الوساطة الثقافية.

وكانت زعيمة الحزب الاشتراكى ومرشحته للانتخابات الرئاسية المقبلة شرحت تفاصيل هذه الخطة بقولها: «الاهتمام بالمجال الثقافى ليس من الكماليات فهو بنفس أهمية القطاع الاقتصادى، بل ومكمل أساسى له، لا ننسى أنه يمثل 3 فى المائة من الدخل الوطنى الخام، وأنه قطاع مهم يوظف نحو 12 فى المائة من الفرنسيين، وأن بلادنا تعتمد كثيرا على المؤسسات المتحفية والمعارض والمهرجانات لجلب السيّاح الذين يعتبر عددهم الأعلى فى العالم اليوم (80 مليون سنويا) وعلى صورتها كسوق فنية مهمة وقبلة المبدعين والمجمعين فى العالم، وأن الثقافة الفرنسية هى أيضا 400 مليون شخص ناطق باللغة الفرنسية مع مطلع عام 2050، ولذا فقد بات من واجبنا ضمان استمرار هذا التألق الذى لا يقدر بثمن».

«السيدة الحديدية»، كما تلقبها الصحافة الفرنسية، واجهت حملة انتقادات شديدة بسبب هذا الاقتراح، لا سيما بين صفوف الساسة من اليمين واليسار، خاصة أن النزعة الآن هى لسياسات تقشفية صارمة، حسب توصيات الخبراء، الذين حذروا من مغبة أزمة الديون التى تهدد اقتصاد الدول الأوروبية بالانهيار، بما فى ذلك فرنسا التى بلغت قيمة ديونها الخارجية 1500 مليار، وعلى عكس ذالك رحب رجال الفن والثقافة بفكرة رفع الميزانية بشّدة على غرار أوليفيه بوافر دارفور، الكاتب ومدير إذاعة «فرانس كولتور»، الذى كتب عمودا فى صحيفة «لوموند» جاء فيه ما يلى «ماذا يمثل مليار يورو..؟ إنها مصاريف تصنيع 60 دبابة من نوع (لوكلير). فهل يصح أن نقارن أسلحة الدمار هذه بمنافع الثقافة على بلادنا، قطعا لا! فبلدنا الصغير الذى يمثل 1 فى المائة من سكان العالم لم يكن ليصبح كبيرا بين دول العالم، لولا واجهته الثقافية الرائعة!».

مارتين أوبرى شرحت فى مداخلات كثيرة أن قسطا مهما من اهتماماتها فى حالة فوزها سيذهب للشباب المبدع باعتباره مستقبل الغد، علما بأن الإحصائيات الأخيرة لوزارة العمل قد أثبتت أن 80 فى المائة من الشباب العامل فى المجالين الفنى والثقافى يعيش بأقل من الأجر الأدنى فى فرنسا، أى بأقل من 1000 يورو شهريا.

وكانت مسألة إصلاح الضمان الاجتماعى التى قررتها حكومة ساركوزى منذ أشهر أثارت استياء العاملين فى الحقل الفنى من تقنيين ومصورين وفنانين. وهى التى تقتصر على الرفع من ساعات العمل والخفض من قيمة التعويضات التى تمنح للفنانين فى حالة البطالة، بعد أن كانوا يتقاضون تعويضات مالية كاملة طول السنة مقابل 500 ساعة عمل فقط، علما بأن حكومة فيون كانت قد أعلنت أن صندوق الضمان الاجتماعى قد تكبد هذا العام خسائر مالية بلغت المليار يورو، بسبب تعويضات العاملين فى الميدانين الفنى والثقافي.

مارتين أوبرى تنوى أيضا مضاعفة الفضاءات التى تجمع الشباب المبدع بالجمهور والجمعيات الأهلية، على اعتبار أن نقص المرافق الحيوية يمثل عائقا أمام نشاطهم. وتحبذ أوبرى أن تكون هذه الأماكن على شكل مجمعات ثقافية كبيرة أو تعاونيات فنية تقع فى محيط المدن، وتسمح باستقبال وإيواء عدد كبير منهم إثر تنقلاتهم، وكانت قد استوحت هذه الفكرة من تجربتها الخاصة فى مدينة ليل التى تشغل فيها منصب عمدة منذ 2004، والتى تصرف فيها على الثقافة ما يقارب الـ60 مليون يورو، وكان لها فيها عدة مشاريع ضخمة.

مارتين أوبرى تنوى فى حالة فوزها، إقحام المجموعة الأوروبية بصورة أكبر فى عملية تمويل ودعم المشاريع الثقافية، وحث جميع أجهزة الدولة على فتح أبوابها للفنانين الصغار للاستفادة بوسائل النشر والاتصال الخاصة بها بنسبة 10 إلى 15 فى المائة على الأقل مرة فى السنة، مما يسمح لهم بالتعريف بإنتاجاتهم عبر التراب الفرنسي، وفى كل المجموعة الأوروبية. زعيمة الحزب الاشتراكى أعلنت أنها ستشن حربا على الفوارق.





مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

WAEL ELHELW

عندهم حق

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة