د. جمال زهران يكتب: الفشل الذريع للحكومة والمجلس العسكرى.. لحين إشعار آخر!!.. لا يوجد إنجاز فى ملف العدالة الاجتماعية .. والفشل قائم فى قضية التطهير والتغيير السياسى والتنفيذى الشامل

الثلاثاء، 20 سبتمبر 2011 12:50 م
د. جمال زهران يكتب: الفشل الذريع للحكومة والمجلس العسكرى.. لحين إشعار آخر!!.. لا يوجد إنجاز فى ملف العدالة الاجتماعية .. والفشل قائم فى قضية التطهير والتغيير السياسى والتنفيذى الشامل د. جمال زهران

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كرد فعل إزاء مقالى السابق المعنون بـ: «يبقى الحال على ما هو عليه لحين ميسرة» قيل لى لماذا هذا التشاؤم على عكس طبيعتى المتفائلة؟! وكان رد فعلى أو إجابتى أننى أمتلك صفتين: الأولى محلل سياسى وباحث فى العلوم السياسية لمدة تزيد على 35 سنة، منذ أن كنت طالبًا فى الجامعة، وأتبارز مع زملائى على صفحات مجلات الحائط، لوصف وتحليل المشهد السياسى فى السبعينيات، واستمر هذا الوضع حتى الآن، والصفة الثانية: أننى رجل سياسة يقرأ الواقع. فقد أستخدم العلم فى ممارساتى السياسية، وقد استخدم الواقع من خلال القراءة الموضوعية والواضحة فى تطوير مقولات علم السياسة، وباعتبارى رجل حركة سياسية، فإن التفاؤل قيمة سياسية كبرى، يسهم فى شحذ الهمم، والبحث فى كسر الدوائر المغلقة، والإصرار على فتح النوافذ فى الغرف المظلم،ة بحثًا عن بصيص ضوء يقودنا إلى مخرج من أزمة.

والرجل السياسى الذى لا يمتلك هذه القيمة الكبرى، عليه أن يخرج من الحياة السياسية، ويعلن تقاعده مع الأحفاد، ربما لينقل لهم ويغرس فيهم ما لم يستطع أن يفعله فى فترة نضاله السياسى لحظة فقدان الأمل، ومن ثم فإننى لازلت أراهن أننى سأظل متفائلاً عن قناعة، فى أن الحياة الأفضل تنتظر الشعب المصرى، مهما حاول المتآمرون أن يشيعوا اليأس والإحباط، خصوصا بعد ثورة 25 يناير وحتى الآن. وتأكيدًا لذلك فإننى رغم حالة اليأس والإحباط خلال سنوات مبارك المخلوع العشر الأخيرة «2000 /2010»م، لم أشارك فى إشاعة اليأس والإحباط، بل كنت أدعو للأمل، كما أننى كنت أراهن على أن الشعب المصرى سيتحرك وقت اللزوم. وقلتها مدوية تحت القبة - ولمن يريد أن يتأكد فمضابط مجلس الشعب «2005 /2010» شاهدة، وذلك فى عام 2007 تحديدًا عقب مناقشة أحد استجواباتى الأربعة والسبعين، أن مصر ستشهد ثورة عارمة بطول البلاد وعرضها وآنذاك لا عذر لأحد. وكنت ولازلت أقول، إنه لا يغرنكم صمت الشعب المصرى فى كثير من الأحيان فهو صمت الصبر - وهى إحدى الخصال الكبرى لهذا الشعب العريق - والذى تنطبق عليه مقولة: «اتق شر الحليم إذا غضب» - فقد غضب الشعب المصرى كثيرًا وفى أوقات مختلفة، خصوصًا بعد الفشل الذريع والمتكرر لحكومات مبارك فى حل مشاكله، وعندما تأكد هذا الشعب، أنه لم يعد للصبر معنى، ولا للسكوت مبرر، فأعلن عن غضبته الكبرى ثأرًا لشرفه وكرامته وإنسانيته فى 25 يناير بثورة عارمة، اجتاحت البلاد لتطالب بإسقاط النظام كله، وليس مجرد إسقاط مبارك ومشروع التوريث. فلم يثر الشعب لمجرد اغتصاب إرادته وتلويث شرفه والإساءة إلى سمعته الحضارية، فى انتخابات برلمان نوفمبر/ ديسمبر 2010 فقط، ولم يكتف بطلب إسقاط مبارك وخلعه فقط، بل طالب بإسقاط النظام، وتغيير قواعد المجتمع كله للفشل الذريع لنظام مبارك، وكل رموزه الفاسدين الفاشلين فى جميع المواقع.

لقد غضب الشعب المصرى، وثار، وقدم نموذجًا فى الثورة السليمة السلمية والنظيفة، ولن يترك أحد يتلاعب به وبثورته، أو يسىء استخدامها فى غير مساراتها الحقيقية. وما غضب عليه، يمكن أن يغضب عليه مرة ومرات دون توقف، لأنه يصر على نجاح ثورته. فالثورة المصرية أعلنت وتفجرت باسم الشعب المصرى، وولدت لكى تنجح فى تحقيق أهدافها كاملة.

وحتى الآن فشلت جهود المتآمرين فى تبريد الثورة بالوقت، والالتفاف عليها بالتعديلات المشبوهة، ومحاولات إجهاضها بإدارة الفترة الانتقالية بآلية «الفتنة السياسية»، ولكن الثورة الآن أصبحت فى مفترق الطرق، ولابد لها أن تنجح ولا خيار سوى النجاح.

وأستطيع أن أرصد الآن للخروج من هذا المأزق، بعض الشواهد وهى:
أولاً: الفشل الذريع للحكومة والمجلس العسكرى فى إدارة الفترة الانتقالية ابتداءً من 11 فبراير وحتى الآن: حيث تتصرف الحكومة باعتبارها امتددًا لنظام مبارك، وكذلك تفكر بهذه الطريقة. فكل ما تفعله هو مجرد تعديلات طفيفة على أى شىء الغرض امتصاص الغضب الشعبى، واستهلاك محلى وعالمى، واستنزاف القوى الثورية وإرهاق القوى السياسية، فى عمليات تفاوض غير مجدية، ومطالبات عقيمة وكأننا فى نظام مبارك بالضبط، وتمارس الحكومة دور حائط الصد عن المجلس العسكرى، الذى وصل إلى الجدار العازل بين المجلس العسكرى والشعب. وبدلاً من أن تتزايد شعبية المجلس العسكرى، بدأت فى التراجع السريع، بعد هذا الإخفاق الواضح، فالحكومة الآن تتخذ القرارات وإعداد مشروعات قوانين عديدة، إلا أنها تذهب إلى المجلس العسكرى لتحفظ فى الأدراج، ولا أدرى إذا كان الوضع كذلك: فلماذا يستمر شرف فى رئاسة الحكومة، أو الوزراء المعينين؟! إذا كانت الحكومة تقوم بواجبها مثلاً، ثم تجهض لدى المجلس العسكرى، فإن رائحة الالتفاف حول الثورة والتآمر عليها ظاهر للعيان، إذن لماذا يستمر الوزراء رغم ذلك؟! فإما أن يكونوا شركاء فى المؤامرة، وإما أن يكونوا قد قبلوا المنصب «قيمة وسيما وأبهة» وكذلك مصلحة شخصية لو كان الوزير ورئيس الحكومة مقتنعًا بالثورة، وأن حكومته هى حكومة الثورة، فإن إجهاض أى عمل للحكومة أيا كان مصدره، هو انقلاب على الثورة، ومن ثم يستدعى الأمر استقالة فورية، إذا كانت هناك بقية من الكرامة. وذلك حتى ينكشف المستور، وتتكشف أبعاد المؤامرة التى أصبحت واضحة أمام كل ذى عينين، خاصة أننا أغمضنا بعض الوقت، لكن لم يعد ذلك صالحًا طوال الوقت وإلا أصبحنا شركاء فى المؤامرة على الثورة بدلاً من شركاء فى اندلاع الثورة.
ثانيًا: الفشل السياسى للحكومة والمجلس العسكرى: فالمعروف والمستقر عليه عقب الثورات، هو المبادرة بوضع وثيقة عامة بالهدم ومشروع البناء فى إطار بيان دستورى تمهيدًا للخطوات التالية. فالبداية بالدستور ثم إنشاء المؤسسات الدستورية بالانتخابات.. إلخ. إنما الذى سارت فيه الحكومة والمجلس، هو البدء بالتعديلات الدستورية ثم بيان دستورى، ثم السعى نحو الانتخابات، ثم إصدار تعديلات على قوانين الانتخابات والحقوق السياسية ومجلسى الشعب والشورى، لكى تستمر الأوضاع على ما هى عليه، رغم مضى ثمانية أشهر، ونحن على مقربة من نهاية سبتمبر 2011، وهو الموعد المحدد للإعلان عن الانتخابات ودعوة الشعب للانتخاب دون تحديد نهائى لقانونى مجلسى الشعب والشورى، والحقوق السياسية حتى لحظة كتابة المقال، فهل تستقيم هذه الأمور؟! إنه الفشل الذريع.

كما أن المجلس العسكرى بدأ بإتاحة الفرصة للحريات، ثم بدأ العد التنازلى فى القيود بتعديلات على قانون الأحزاب، حتى وصلنا إلى تفعيل قانون الطوارئ، وفرض محاكم أمن الدولة مرة أخرى، واستمرار المحاكمات أمام المحاكم العسكرية وذلك بعد وعود حاسمة بانتهاء الطوارئ للأبد. ويتساءل الناس عن صحة ومصداقية وعود الحكومة والمجلس، كما يتساءلون: أين مطلب الثورة بإلغاء حالة الطوارئ؟! لقد عُدنا من حيث بدأت الثورة، وكأننا لم نعش ثمانية أشهر فى حلم الثورة العظيمة، ومخاض تطورات الملف السياسى والإصرار على نظام انتخابى يجمع بين القائمة والفردى، هو إعطاء قبلة الحياة مرة أخرى لنظام مبارك للاستمرار حتى إشعار آخر.

ثالثًا: الفشل فى تحقيق العدالة الاجتماعية: وخلاصة ذلك أن الحكومة لم تستطع أن تنجز شيئًا فى هذا الملف، ولازالت الأجور كما هى، ولم يطبق الحد الأدنى للأجور فى الواقع العملى، واقتصر حديث وزير المالية السابق عضو لجنة السياسات، على الحديث دون تنفيذ. ولم يطبق الحد الأقصى للأجور «عشرة أمثال الحد الأدنى»، كما أنه لم يتم رفع حد الإعفاء الضريبى، ولم تتحسن حياة الناس، ولم تتوقف الأسعار عن الارتفاع. وفى النهاية مازال الفقراء ومتوسطو الحال يدفعون الثمن بعد الثورة، مثلما كان قبل الثورة. ومازال الأغنياء فى حياتهم الرغدة ولم يدفعوا الثمن ولا رجال الأعمال يدفعون شيئًا، ومازالت ضرائبهم كما هى، وتراجعت الحكومة عن زيادتها أو فرض ضريبة على معاملات البورصة، أو حتى إلغاء الدعم فى الطاقة مازال محل دراسة!! ومن ثم فإن الحديث عن عائد الثورة ومن يجنيه أو من يدفع الثمن، لايزال غامضًا مجهولاً وبلا حسم، وهو فشل ذريع للمجلس العسكرى والحكومة حتى إشعار آخر!!

رابعًا: الفشل فى ملف التطهير والتغيير السياسى والتنفيذى الشامل: حيث مازالت رموز نظام مبارك فى السلطة التنفيذية والأجهزة المختلفة مستمرين ويحكمون، ويعوقون التغيير، وكانوا من دعاة التوريث والتزوير.. إلخ.. وعلى الرغم من مليونية 8 يوليو الماضى لإقالة الحكومة والمحافظين والتطهير.. إلخ، وتعهد شرف رئيس الحكومة بالتطهير، إلا أن كل وعوده ذهبت أدراج الرياح، واستمر الوضع على ما هو عليه لحين إشعار آخر بكل أسف. فقد استمر رئيس المجلس القومى للشباب وكذلك الرياضة، ورئيس مكتبة الإسكندرية، ورئيس هيئة الاستعلامات وأمين الصندوق الاجتماعى، ورئيس هيئة قناة السويس، والجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، والمحاسبات، والإحصاء، والرقابة الإدارية، ورؤساء البنوك العامة ومحافظ البنك المركزى، وجميعهم رجال مبارك ونجله جمال وشركاء له، وغيرهم فى كل موقع. فمتى يتطهر المجلس العسكرى والحكومة من هؤلاء الذين يدعمون نظام مبارك المخلوع. بخلاف عدم تطهير جهاز الإعلام، وإعطاء التراخيص لقنوات الحزب الوطنى وحرمان آخرين وإغلاق أخرى، والسماح لأحزاب تنتمى لنظام مبارك دون تطهير أو إبعاد سياسى كما سبق الشرح.
لكل ما سبق، أقول فشلت الحكومة والمجلس العسكرى فشلاً ذريعًا، ينذر بثورة شعبية جديدة قادمة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة