فى زحام ما بعد الثورة اختلط الحابل بالنابل، ورأينا كيف تحول بعض من ارتكبوا جرائم ليرتدوا أثواب البطولة ويعيدوا كتابة تاريخهم بما يناسب الموجة السائدة، ولم يكن مثال الريان أو رجال توظيف الأموال هو المثال الوحيد لمن يحاولون ادعاء أنهم تعرضوا لمؤامرة.
بينما كانوا فى الواقع شركاء للنظام السابق فى إفساد الكثير من الفرص لبناء دولة ديمقراطية.
الذين عاصروا تلك الشركات يعرفون أنها لعبت دورا فى إفساد الإعلام واللعب معه بكشوف البركة أو الشراكة مع وزراء ومسؤولين وشيوخ فى تسويق الوهم وبيع الهواء، وأن هذه الشركات كانت بداية للتداخل بين المال والإعلام والسلطة.
وهؤلاء ليسوا وحدهم الذين يستغلون الزحام ليعيدوا تصوير أنفسهم على أنهم كانوا ثوارا من أجل الحق أو أنهم تعرضوا للظلم، بينما كانوا شركاء فى منظومة الفساد، ومثل هؤلاء بعض المتهمين السابقين بارتكاب جرائم إرهابية، والعدوان على المجتمع، وقد رأينا كيف استقبل البعض إرهابيين استقبال الفاتحين، مع أنهم أكثر من خدم نظام مبارك فى التسعينيات، وساعدوه على أن يبنى آلته الأمنية، حيث صرفت موجات العنف -التى شنتها جماعات باسم الجهاد أو تغيير المجتمعات الكافرة-الكثير من الجهود ومن السياسيين عن مواجهة التسلط، ودفعت بعضهم لبناء تحالفات مع النظام لمواجهة الإرهاب، ولم تكن الجماعات المسلحة فى التسعينيات تدعو لتغيير النظام الحاكم لأنه متسلط، بل كانت تسعى لإقامة أنظمة متسلطة أخرى تعادى الديمقراطية.
لقد أنهت الجماعة الإسلامية مراجعاتها فى السجن واعترفت بأنها أخطأت الطريق وتفسير النصوص وأنها ارتكبت جرائم ضد المجتمع والمواطنين وليس فقط ضد النظام. ولم تتراجع الجماعة عن مراجعاتها بما يعنى عدم العودة إلى أخطائها، بينما هناك آخرون لايزالون يصرون على أفكارهم ولم يبدوا ندما على القتل والتفجير، وعاد بعضهم ليزعم أنه كان يعمل ضد مبارك ونظامه بينما هم كانوا يدعمون هذا النظام أو ينافسونه فى التسلط.
هناك بالطبع أفراد وجماعات واجهت الاعتقالات العشوائية غير المبررة أو تعرض أعضاؤها للتعذيب والقهر على أيدى النظام وجهازه الأمنى، لكن بعد سقوط النظام لايزال بعضهم يتمسك بأفكاره المتعصبة الرافضة للتعدد والحرية والديمقراطية، بما يشير إلى أنهم مازالوا يعانون عقدة التسلط.
وإذا كانت الأجواء مزدحمة فليس أقل من أن تعاد محاكمة من تمت محاكمتهم عسكريا أمام قضاء طبيعى حتى يمكن للمجتمع أن يطمئن إلى أنهم تراجعوا عن أفكارهم، فالإرهاب لم يكن كله موجها إلى نظام مبارك، أو رد فعل على التسلط، بل كان الكثير منه ضد المجتمع، الأمر الذى يحتاج إلى مراجعات، من الذين أرهبوا، ليست من أجل الأمن، ولا النظام، بل من أجل أن يصدقهم ضحاياهم وضحايا النظام. ساعتها فقط يمكن القول بأن عصرا انتهى.. وبدأ عصر جديد.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد الباسط
لماذا البقاء؟
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد المصرى
بجد مش فاهم
عدد الردود 0
بواسطة:
Mokhtar Hussein
مراجعات الذين أرهبوا
عدد الردود 0
بواسطة:
the golden ratio
بجد no comment
عدد الردود 0
بواسطة:
mahmoud
الرجاء ان تراجع انت كمان