دائما ما تهب الصحراء برياح مزعجة تأتى على الأماكن الخضراء والعامرة بما لا تحمد عقباه من خسائر, فالصحراء تذكرنا دائما بالجدب فى كل شىء فى الماء والهواء والنبات، ويصل هذا الجدب إلى التفكير فيعطبه ويصيبه بالتطرف. ونحن فى مصر ننعم دائما بما هو عكس ما ذكرت سابقا، ننعم بماء النيل والهواء العليل والنبات والتفكير المثمر والمتميز. استمر ذلك حتى فيما بعد ثورة 19 وقبل ثورة 52 كان لا يوجد ما يعكر صفو التفكير المصرى العقلانى المتميز القادر على الإبداع والتدين فى نفس الوقت، فظهر أعلام الفكر العالمى مثل طه حسين ونجيب محفوظ وغيرهم، وأبهروا العالم كله بروائعهم التى إن حكت كانت حكاياتها تغزلاً فى تراب مصر العظيمة. مصر التى هبت عليها رياح الصحراء الممزوجة برائحة البترول والدينارات، فغيرت التفكير وبدلت أصالة وروعة الكيان المصرى المستقل. حين ذهب أبناء مصر الأبرار إلى هذه الدول البترولية عادوا وهم يحملون الأموال والرفاهية والتطرف فى نفس الوقت.
نقلوا لنا أفكارا غريبة على مجتمنا المتحضر، أفكارا تحمل فى طياتها تعاليم وقوانين صحراوية بعيدة عن أى دين, أفكارا إذا انتشرت فى البلاد والعباد تستطيع أن توقف تقدم مصرنا الحبيبة.
وهم بذلك نجحوا فى أن يزرعوا بذور صارت مع الوقت أشجارا مثمرة، تغذى التطرف والتعصب، لكى يضمنوا أن تقف مصر كما هى، لأنهم لا يرغبون أن يروا مصر أعلى منهم. فالمتابع لهذا الأمر يلاحظ تدهوا خطيرا فى الفكر المصرى فما بعد ثورة 19 وقبل ثورة 52، كان من السهل أن يصير قبطى رئيسا للوزراء بدون وجود غضاضة من أحد، أما الآن وصلنا إلى الاعتراض على تعيين محافظ قبطى. كانت الألفة والمحبة على أوجها، أما الآن فكل شىء أصبح مصطنعا, انتشرت فتاوى الفتن، وصار كل طرف يتقوقع على نفسه، وكأنه داخل دولة مستقلة منقطعة العلاقات مع الدولة الأخرى. فالتطرف صار فى داخل كل واحد فينا مسيحى أو مسلم.
أنا متطرف حينما أفضل أن أشترى من مسيحى مثلى، ولا أشترى من مسلم, ونتداول هذه الأفعال فيما بيننا وكأننا فى جزر منعزلة. نعيش مع بعض ولكننا لا نندمج. نحيا فى وطن واحد، ولكن لكل منا فى داخله وطنه. نشرب من مياه واحدة مياه النيل، ولكن لا يسرى فينا هذا الشريان الواحد. حتى ولو اجتمع الكل على عكس ما أقول فأنا مقتنع بكلامى، لأنه الواقع المعاش، ودون ذلك هو النفاق، وتجميل الصورة التى تشوهت على مدار عقود بفضل رياح الصحراء الحامية.
ثورة 1919
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
هشام حافظ
توضيح
عدد الردود 0
بواسطة:
مينا جورج
ربنا ينتقم منك يا مبارك ومن كل رجالتك
عدد الردود 0
بواسطة:
سالم الجازوي
مجرد إلقاء لبذور الفتنة
عدد الردود 0
بواسطة:
بيبرس
ما ترموش بلاويكم على شخص
عدد الردود 0
بواسطة:
بيبرس
مصريين 1919 و سكان مصر 2011
عدد الردود 0
بواسطة:
بحب بلدي
سلفي بيحب مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
اه من امة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى بجد
سلفى لكن مش مصرى