نقلا عن اليومى..
«لا تحرقوا المطاط» تحذير رفعته العشرات من منظمات البيئة والصحة حول العالم، فيما أشارت عشرات الأبحاث إلى نتيجة واحدة تتسبب فيها الظاهرة، إما عذاب المرض أو الوفاة مباشرة، ورغم الدعوات التى دفعت المجتمع الدولى إلى التحرك مبكرا نحو وضع القوانين لتحديد المواد المحظور حرقها، ووضعت «المطاط» على رأس قائمة اهتماماتها، وضمنتها فى اتفاقيات ومعاهدات البيئة الدولية التى وقعت عليها مصر، إلا أن هذا الأمر لا يبدو أنه وصل إلى الحكومة، بدليل القرار الذى أصدره الدكتور سمير الصياد وزير الصناعة السابق فى حكومة الدكتور عصام شرف، ليسمح من خلاله باستيراد نفايات وفضلات وقصاصات المطاط والمساحيق والحبيبات المتحصلة، لاستخدامها كوقود بديل للغاز والمازوت فى المصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة.
القرار الذى اعتبره الصياد يشجع على الاستثمار ويخفف الأعباء عن المصانع كثيفة الطاقة، أكد خبراء البيئة والصحة أنه سيفتح الباب أمام العشرات من المصانع حيث يقدم القرار فرصة ذهبية لها، لكى تستخدم مواد أرخص من المازوت، على الرغم من سعى العالم كله إلى التخلص منها.
قرار الصياد الذى أصدره فى 12 أبريل الماضى، قبل التغيير الوزارى الأخير، تجاهل كل التقارير والقوانين التى لا تمنع فقط حرق نفايات المطاط، بل تحظر أيضا استيراده وفقا لاتفاقية بازل التى وقعت عليها مصر 1993، بالإضافة إلى قانون البيئة المصرى نفسه رقم 4 لسنة 2004 والمعدل بقانون رقم 9 لسنة 2009، بل وقرار الدكتور على الصعيدى وزير الصناعة الأسبق رقم 165 لسنة 2002 والذى أقر فيه أن مادة المطاط هى إحدى النفايات الخطرة المحظور دخولها مصر، خاصة أن هذه المواد تؤدى إلى الإصابة بأمراض خطيرة منها الربو والسرطان وتأخر النمو والوفاة المبكرة.
الدكتور خالد عوض، المسؤول عن وزارة البيئة فى حكومة ظل شباب الثورة، تقدم بمذكرة إلى النائب العام يطالب فيها بوقف تنفيذ قرار وزير الصناعة والتحفظ على شحنات المطاط الموجودة فى ميناء الإسكندرية حتى الآن، قائلا لـ«اليوم السابع» إن القرار سيحول مصر إلى مقبرة عالمية للتخلص من النفايات لأنه سيسمح باستيراد حوالى 3 ملايين طن سنويا من قصاصات المطاط وفقا للاستهلاك المحلى، وانتقد عوض قرار الوزير الذى صدر عقب وصول شحنات مصنع أسمنت أسيوط مباشرة متسائلا: «من أعطى الحق للوزير لكى يسمح بدخول هذه المادة الخطرة لمصر من أجل أحد مصانع الأسمنت دون مراعاة التأثير السلبى لذلك على صحة المواطنين؟!».
اتهم عوض فى بلاغه كلا من عصام شرف بصفته رئيس الحكومة ووزير الصناعة السابق سمير الصياد وماجد جورج وزير البيئة بالتسبب فى كارثة بيئية نتيجة لهذا القرار.
وتكشف المستندات، التى قدمها عوض إلى النائب العام وحصلت «اليوم السابع» على نسخة منها، أن مصنع أسمنت أسيوط لم يكشف فى أول خطاباته إلى سكرتير عام محافظة أسيوط سامى فودة، فى يناير 2010، عن نيته فى استيراد قصاصات المطاط، واكتفى بالإشارة فى طلبه إلى السماح باستخدام المخلفات كوقود بديل من أجل الحفاظ على مصادر الطاقة، وبناء عليه جاء رد جهاز شؤون البيئة فى 26 يناير 2010 بالموافقة بشرط الالتزام بالمادة 30 من قانون البيئة التى تقضى بحظر استيراد النفايات الخطرة أو السماح بدخولها والاقتصار على حرق المخلفات المتولدة محليا.
يقول خالد عوض «أرسل المصنع خطابا مرة أخرى إلى الجهاز فى 28 يوليو 2010 كشف فيه عن نيته بوضوح فى استيراد الإطارات المستعملة «المطاط» موضحا حصوله على موافقة هيئة التنمية الصناعية برئاسة عمرو عسل، مبررا ذلك بحاجته إلى حوالى 100 ألف طن من أجل تغطية احتياجاته السنوية، التى لا يكفيها الإنتاج المحلى حيث يقتصر على 8 آلاف طن سنويا».
ويرى عوض أن خطابات وزارة البيئة التى أصدرتها تكشف تواطؤها فى دخول هذه المواد المسرطنة إلى مصر، بحكم أنها الجهة الوحيدة المعنية التى يسمح لها القانون بالموافقة على دخول مثل هذه المواد، بنص المادة رقم 32 من قانون البيئة رقم 4 لسنة 2004 والمعدل بقانون رقم 9 لسنة 2009 الذى يؤكد حظر استيراد النفايات الخطرة أو السماح بدخولها أو مرورها فى الأراضى المصرية، كما يحظر مرور السفن التى تحمل النفايات الخطرة فى المياه الإقليمية بغير تصريح من الجهة الإدارية المختصة.
علامات استفهام عديدة تثيرها خطابات جهاز شؤون البيئة وحالة التخبط التى بدت واضحة فى الموافقة على الاستيراد فى 25 أغسطس الماضى، ثم صدور خطاب جديد فى 7 سبتمبر 2010 تعلن فيه رفضها، موضحة أن مخلفات الإطارات المستعملة تصنف كنفاية خطرة، وهو ما يتناقض مع خطاب الموافقة الأول الذى أكد فيه الجهاز أنه راجع جميع القوائم ولم يجد فيها نفايات المطاط، حيث قام مصنع أسمنت أسيوط بناء على القرار بالتعاقد على استيراد الشحنات التى وصلت إلى الميناء فى مارس 2011 لتبدأ بعدها المشاكل، فكل جهة تلقى المسؤولية على الأخرى فى إصدار قرار الإفراج عن الشحنات، مما دفع إدارة المصنع للتهديد بمقاضاة جهاز شؤون البيئة نتيجة الغرامات التى تدفعها لبقاء الشحنات داخل الميناء، وكانت المفاجأة بعد ذلك فى أن جهاز البيئة رد على المصنع فى 28 يوليو بأنه ليس لديه مانع من دخول الشحنات إلى البلاد على الرغم من أنه سبق ورفض الشحنة باعتبارها مواد خطرة!
إطارات السيارات، هى المصدر الرئيسى لقصاصات المطاط، وتتكون من مواد أولية بتروكيميائية وأسود الكربون وزيوت وأسلاك صلب والمواد الكيميائية العضوية مثل الستايرين وهو أحد مشتقات البنزين والبوتادين والتى يؤكد التقرير الصادر عن منظمة «مناهضة حرق النفايات» الأمريكية أنها أحد المواد المسرطنة، حيث يؤدى حرقها إلى إطلاق الغازات السامة فى الهواء خصوصا الديوكسين الذى أوضح التقرير أنه يتطاير إلى مسافات بعيدة بما يجعل تأثيره لا يقتصر على المنطقة المحيطة بالمصنع فقط، كما أنه يرتكز فى المياه والتربة والنباتات بما يؤثر مباشرة على صحة المواطنين، وهو ما يتفق مع ما جاء فى تقريرين آخرين أحدهما صادر عن الدكتورة كوثر حنفى مدير الإدارة العامة لنوعية الهواء، والتقرير الثانى للواء أحمد حجازى رئيس قطاع نوعية البيئة، إذ يؤكدان أن حرق هذه الإطارات يتطلب تحكما عاليا لانبعاثاتها، حيث ينتج عنها زيادة فى المركبات العضوية المتطايرة ومركبات الديوكسين والفيوران، بالإضافة إلى أكاسيد الكربون وهى تسبب الاختناق والتسمم والاحتباس الحرارى والتغيرات المناخية الضارة، كما تؤدى أكاسيد الكبريت إلى الأمطار الحامضية، أما أكاسيد النيتروجين الضارة بالصحة العامة ويتولد عنها غازات ومركبات الديكسوين والفيوران فهى مركبات مسرطنة وغازات عضوية.
وهو ما أكده الدكتور حمدى حسن، أستاذ الأمراض الصدرية بجامعة القاهرة، قائلا «إن احتواء المطاط على مواد بترولية يهدد بالأمراض الصدرية والحساسية بسبب استنشاق هذه المواد، وقد يؤدى إلى السرطان مباشرة».
ويقول الدكتور مصطفى كمال طلبة، الخبير البيئى والمدير السابق لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، إن قصاصات المطاط ممنوع حرقها ومجرمة وفقا للقانون المصرى الذى يلتزم بالاتفاقيات الدولية، لما ينتج عنها من غازات الديوكسين السام، مشيرا إلى فشل التجربة التى حدثت فى أحد المصانع اليابانية لاستخدام هذه المواد كأحد مصادر الوقود البديل بعدما أثبتت تأثيراتها السلبية على البيئة، مما أدى إلى توقف التجربة.
ورغم توقيع مواهب أبوالعزم، الرئيس التنفيذى لجهاز شؤون البيئة، على جميع الخطابات التى خرجت من الجهاز، فإنها أكدت عدم علمها بالتخبط الذى كان موجودا فى قرارات الجهاز، وأنها لم تكن تقوم سوى باعتماد القرارات، وليس لها دخل فى مخالفة الجهاز للقوانين أو الاتفاقيات الدولية، حيث ألقت المسؤولية على الفنيين، قائلة: «لا أتحمل نتائج أخطائهم».
مؤكدة أن جهاز التنمية الصناعية هو الذى أصدر قرار السماح بدخول الشحنات.. ليبقى التساؤل مطروحا يبحث عن إجابة عند المسؤولين الذين تخبطوا أيضا فى ردود أفعالهم عليها، وفضل بعضهم عدم الرد.
بلاغ للنائب العام يحذر من تحويل مصر إلى مقبرة عالمية بسبب استيراد المطاط.. وزير الصناعة السابق رضخ لضغوط «أسمنت أسيوط» ووافق على استيراده بديلا للمازوت.. وخبراء يحذرون من تسببه فى السرطان
الإثنين، 19 سبتمبر 2011 10:05 ص
محمود عبد الرحمن عيسى وزير الصناعة والتجارة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
هانى دياب-سيدبك
من لها ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
عدد الردود 0
بواسطة:
سيبويه
رجاء خاص لليوم السابع
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
صحه الموطن قبل الكسب المادي
عدد الردود 0
بواسطة:
MOHAMED
تحية وتقدير الي الدكتور خالد عوض
عدد الردود 0
بواسطة:
ابن مصر
من بشاير الثورة...........ان ولا حد دريان بحاجه
عدد الردود 0
بواسطة:
ام مشمش
يا رب
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن مصري
لماذا نتقدم إلى الوراء !!!!!!!!!!!!
عدد الردود 0
بواسطة:
المر بزياده
دى حكومه الثوره ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
مفيش فايده
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد خليل
حاكموا الفاسدين
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد الشواف
الشعب المسكين :(