تحت عنوان "لنحلم بـنعم إسرائيلية فى الأمم المتحدة" استعرض المحلل السياسى الفرنسى "آلان فراشون" فى صحيفة لوموند بعض أبعاد التجاذب الدولى الراهن حول خطوة الفلسطينيين بالتوجه إلى الأمم المتحدة لنيل الاعتراف بقيام دولتهم المستقلة.
مشيرا إلى أن الجمعية العامة إذا اتخذت قراراً بهذا الصدد فى بحر أسبوعين تقريباً فلن تكون هذه هى المرة الأولى التى تعترف فيها بشرعية قيام دولة فلسطين، حيث إنها سبق أن فعلت ذلك من قبل حين نص قرار التقسيم رقم 181 الصادر يوم 29 نوفمبر 1947، على إقامة دولتين على أراضى فلسطين التاريخية، هما دولة فلسطين، وإسرائيل، غير أن الدولة الأولى لم تقم فى ذلك الوقت بسبب تداعيات الصراع المرير اللاحق الذى انخرطت فيه الدول العربية الرافضة لإقامة دولة يهودية على أرض فلسطين. وقال الآن بعد مرور 64 سنة على صدور ذلك القرار ها هم الفلسطينيون يعودون لنفس المطلب، بقرارهم التوجه مجدداً إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وتساءل المحلل السايسى: هل سيتحقق مسعاهم؟ وفى هذا الطريق عقبات لا يستهان بها، فقد أصبحت الموافقة اليوم على انضمام دولة ما إلى الأمم المتحدة مرتبطة بقبول مجلس الأمن فى المنظمة، ولذا ما زال الفلسطينيون يواجهون معارضة الولايات المتحدة لمسعاهم، حيث لوحت إدارة أوباما بأنها ستستخدم حق النقض "الفيتو" فى مجلس الأمن ضد أى اعتراف بالدولة الفلسطينية.
ويرى فراشون أن فى الجمعية العامة لا وجود لـ"الفيتو" بل تكفى أغلبية بسيطة ضمن الـ193 دولة عضواً فى الأمم المتحدة لتمرير المطلب الفلسطينى، ويتوقع أن يتم التصويت على هذا المطلب فى حدود يوم 23 من سبتمبر الجارى ، ورجح فراشون أن الحصول على أغلبية الجمعية العامة مضمون سلفاً، حيث عبر أكثر من 120 دولة عن الموافقة على التصويت لصالحه. وفى صفوف معسكر الدول التى ستقول "نعم" لدولة فلسطين تأتى روسيا والصين، وجميع القوى البازغة -من الهند إلى جنوب أفريقيا، مروراً بالبرازيل- هذا طبعاً إضافة إلى جميع دول العالم العربى، وأغلبية الدول الإفريقية والآسيوية.
أما فى مخيم "لا" تأتى إسرائيل، تدعمها الولايات المتحدة وبعض الحلفاء المقربين منها على الساحة الدولية.
أما أوروبا، فيرى الكاتب أنها منقسمة على نفسها، فخلف فرنسا والمملكة المتحدة تصطف أغلبية الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى فى موقف أقرب إلى معسكر "نعم" للدولة الفلسطينية. وخلف ألمانيا، الحريصة على عدم إغضاب إسرائيل، تقف هولندا وبولندا وجمهورية التشيك، فى صفوف معسكر "لا".
وفى هذه الأثناء يتحرك الزعيم الفلسطينى عباس بحذر، ولذلك يعد نص قرار معتدلاً، حسب مصادر عليمة، يراعى الخطوط العريضة للخطط الأميركية لتسوية الصراع الفلسطينى- الإسرائيلى.
ويقول فؤاشون أن الأمر يتعلق بخطة لإقامة دولة فلسطينية فى حدود 1967، تراعى بعض وقائع التجمعات الاستيطانية فى الضفة الغربية. وعاصمتها القدس الشرقية. كما أن "حق عودة" اللاجئين الفلسطينيين سيكون محدوداً، كما ستراعى مصالح إسرائيل الأمنية، وباختصار كل ما اشتملت عليه حقائب الدبلوماسيين لأكثر من ثلاثين عاماً سيراعى حتى فى نثرياته وتفاصيله الصغيرة.
ومع هذا يجد المحلل السياسى أن الجمعية العامة ليس فى مقدورها اتخاذ قرار الاعتراف بفلسطين كدولة كاملة العضوية لأنه خاص بمجلس الأمن، وكل ما بيدها هو فقط رفع مستوى عضوية فلسطين فى المنظمة الدولية إلى مستوى "دولة غير عضو" كما هو حال الفاتيكان، ولكن حتى وضع "دولة غير عضو" ليس عديم الفائدة أيضاً حيث سيفتح أمام دولة فلسطين أبواب عضوية مختلف المنظمات الأممية الفرعية، وسيكون أيضاً فى رفع مستوى العضوية توسيع لهوامش تحرك الفلسطينيين على المستويات القانونية والدبلوماسية، كما سيعمق من العزلة السياسية المتفاقمة التى ترزح فيها إسرائيل، وهى كما عبر عزلة ازدادت الآن فى ضوء سيولة الوضع الإقليمى وتردى علاقاتها مع مصر وتركيا.
وفى ختام مقاله اقترح "فراشون" على إسرائيل أن تتخذ موقفاً مفاجئاً وشجاعاً بالتصويت بـ"نعم" للاعتراف بقيام الدولة الفلسطينية، لكى تسهم فى كسر حلقة الاستقطاب، وتسهل عملية فك العزلة عنها، ثم تسير بعد ذلك بخطوات مناسبة على طريق عملية السلام.
محلل: الجمعية العامة للأمم المتحدة ليس فى مقدورها سوى رفع فلسطين لـ"دولة غير عضو"
الأحد، 18 سبتمبر 2011 04:41 م