أهلنا فى سوريا يُذبحون، قوات الجيش السورى الباسل تقصف بالدبابات والصواريخ المنازل والمدارس ومآذن المساجد، ولا يمر يوم إلا ويُقتل العشرات ويجرح المئات حتى تخطت أعداد القتلى الثلاثة آلاف شهيد، والجرحى عشرات الآلاف، ونشاهد يوميا على الفضائيات مدى الفظاعة والوحشية التى يتعامل بها الجيش والأمن مع الشعب الثائر، وما من أحد يرى هذه المشاهد إلا ويتساءل بينه وبين نفسه أو بين من حوله: ماذا نستطيع أن نقدم لإخوتنا وأهلنا السوريين الثائرين؟ كيف نساندهم ونشد من أزرهم؟
سامحونا يا إخوتنا، فالعين بصيرة واليد قصيرة، فالمصريون كسائر شعوب الأرض لا يستطيعون تقديم أى مساعدة لكم، فالأمر ليس بأيدينا، ولكن بيد الساسة والحكام العرب، وهؤلاء قد اتفقوا فى أروقة جامعة الدول العربية منذ إنشائها المشئوم على تركيع الشعوب ليركبوا على ظهورهم، وهم قد اعتبروا ما يحدث عندكم من مسائل الشأن الداخلى، لا يُسمَح لأحد بالخوض فيه وإلا اعتبر متدخلا فى الشأن الداخلى، ومتخطيًا للخطوط الحمراء فالجامعة العربية وظيفتها كسر إرادة الشعوب العربية لحساب الأنظمة الغاشمة، ولا عزاء للشعوب العربية، فدماء شعوبها رخيص رخيص.
ورغم أن الجيش السورى وشبيحة الأسد يرتكبون جرائمهم أمام عيون العالم وأمام كاميرات التليفونات المحمولة؛ وهى الوسيلة الوحيدة لنقل ما يحدث فى سوريا، ورغم معارضة كل دول العالم للمذابح التى يرتكبها نظام الأسد ضدكم؛ لكن لا أحد يستطيع تقديم أى مساعدة لكم، فالقوات السورية الباسلة تخرق كل مواثيق القانون الدولى، وكل مواد حقوق الإنسان، وتفرض طوقا من الحصار الخانق على البلاد، فلا تسمح بدخول وسائل الإعلام من الخارج، ولا تسمح بفرار اللاجئين إلى البلاد المجاورة، ولا يدرى أحد إلى أين تتجه الأمور، هل سيقتل بشار الضبع كل أبناء الشعب السورى؟ لا يستطيع، هل سيتمكن الجيش والأمن من إسكات صوت الشعب الثائر؟ لا يستطيع، هل سيعود الثوار إلى منازلهم بعد أن وصل صوتهم إلى العالم؟ أبدا لن يعودوا، وشعارهم الجمعة الماضى: ماضون حتى يسقط النظام.
ورد فى الموسوعة العربية الميسرة أن الثورة هى: ( تغيير جوهرى فى الأوضاع السياسية والاجتماعية فى دولة معينة، لا تُتبع فى إحداثه الوسائل المقررة، لذلك فى النظام الدستورى لتلك الدولة، والثورة يقوم بها الشعب نفسه دون الاعتماد على قوى أخرى كالجيش أو الشرطة مثلا، وهو ما يفرق الثورة عن قلب نظام الحكم الذى يهدف فقط إلى إعادة توزيع السلطة السياسية)، وبناء على هذا التعريف الموسوعى للثورة؛ تصبح الثورة السورية ثورة شعبية حقيقية بامتياز، فقد بدأت بتظاهرة صغيرة منتصف مارس الماضى، قام بها بضعة أفراد من المتظاهرين الفدائيين فى سوق الحميدية فى دمشق، تعامل الأمن معهم بمنتهى العنف، بعدها خرج الشعب بكل طوائفه إلى الشارع لا يحمل فى يده أكثر من لافتة مكتوب عليها ما يسعى إليه، أعزل من أى سلاح أبيض أو أسود، يحدوه الأمل فى انتزاع الحاكم الظالم انتزاعا من فوق كرسيه الذى احتله وراثة عن أبيه الظالم أيضا.
لقد قرر القرآن الكريم أن من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا، فما بالنا بمن قتل الآلاف من شعبه بغير حق، وإفسادا فى الأرض؟ سوف يحمل نظام بشار الضبع وزر هذه الدماء، وقتل هؤلاء الشهداء على ظهره يوم القيامة، أما أنتم أيها السوريون الثائرون على الضبع وأذنابه وجيشه وأجهزة أمنه وشبّيحته؛ فلا نملك لكم إلا الدعاء، فاللهم يا ربنا مُدّهم بجند من عندك، وآزرهم بنصرك، وخلصهم من حكامهم القتلة الظالمين، اللهم إنك وعدت ووعدك الحق أنك إن تنصرنا فلا غالب لنا، فغلّب يا ربنا كلمة الثائرين السوريين على كلمة الجيش والأمن، وارزقهم أمَنَة وأمانا من عندك، إنك أنت ناصر المظلومين.. والله من وراء القصد.
