لم ينزعج مارتينيو دياتس من أسئلتى العنيفة، بل كان رئيس تحرير مجلة الواحة الإيطالية متفهماً لغضبى من الصورة النمطية السائدة فى الغرب عن الإسلام والمسلمين، فهو من الذين يرفضون الاستسلام للمفاهيم المشوهة، وربما لذلك ركز على ضرورة وأهمية الاحتكاك المباشر الذى يبنى معرفة حقيقية، سوف تمكننا من الاحترام المتبادل، ولكن هذا من المستحيل أن يحدث إلا فى مناخ حر؛ ولكن رئيس تحرير المجلة التى تصدرها مؤسسة تابعة للفاتيكان عاد وأكد تخوفه من استيلاء السلفيين على الحكم فى مصر، مشيراً إلى أن مصريين كثيرين يشاركونه هذا التخوف.
مزيد من التفاصيل فى حوار مارتينيو دياتس لـ"اليوم السابع"..
* لماذا تعمل مؤسستكم فى دول أغلبيتها مسلمون.. هل هذا نوع من التبشير؟
- لقد طلب أساقفة الكاثوليك فى العديد من الدول الإسلامية نوعا من الدعم الثقافي، وخاصة فى اللاهوت المسيحى ودراسة الديانة الإسلامية، وكانت الفكرة فى البداية مجلة تترجم بعض النصوص الغربية اللاهوتية من أجل المسيحيين الشرقيين، وسرعان ما أضيف إليها موضوع الحوار المسيحى الإسلامى، وأخيرًا أصبحت اللجنة العلميّة تضم مسلمين من إيران وتونس ولبنان وإن كان بشكل غير رسمى حتى الآن.
* ما هو الخط الفاصل بين الحوار والتبشير؟
- الخط الفاصل هو الاهتمام بالإنسان، والتبشير بالمعنى السلبى هو أن نستغل الوضع الاقتصادى أو السياسى الصعب، فمثلا أعطيك فيزا إلى إيطاليا بشرط أنّ تتحوّل إلى المسيحيّة (أو إلى الإسلام)، وهناك تبشير إيجابى؛ وهو أن أقابل الناس وأعطيهم شهادة عن خبرتى الحياتية فى مختلف جوانب وجودى، فهو حوار بين البشر وليس الأديان، وفى إطار هذا التوصّل الوجودى يمكننى كمسيحى أن أندهش من الخبرات الإسلامية وأتحول إلى الإسلام، أو العكس، أو يمكن أن نبقى كلّ واحد على موقفه ولكن بالمزيد من المعرفة عن الآخر وقيمه، وكلّ ذلك يعود إلى باب الحرية الشخصية ولا يعنى الإساءة إلى أى دين.
* لماذا أصبح الإرهاب لدى الغرب لصيقاً بالإسلام وحده، فى حين أنه تمت ممارسة الإرهاب باسم كل الأديان؟
- حدث هذا للأسف لأن هناك فئة محدودة جداً شوهت الإسلام، واعتقد الكثيرون فى الغرب أن المسلمين كلهم هكذا، وكما تعلم فالصحافة والإعلام لا ينشران سوى الأخبار السيئة، فى حين أننا لا نعرف شيئاً عن الحياة اليومية لـ 99% من المسلمين والمسيحيين الذين يعيشون معاً فى سلام.
* لماذا يتجاهل العقل الغربى أن هناك حروباً دينية طاحنة شهدتها أوروبا باسم الدين، والغرب غزا بلادنا رافعاً الصليب؟
- صحيح أنّ المسيحيين خاضوا فى الماضى حروباً طويلة باسم الدين، ولكن يجب ألا نطلق على الحروب التى تحدثت عنها اسم الإرهاب لأن الإرهاب مظهر حديث جداً.
* ولماذا تسمى الإرهاب باسم المسيحية حروباً، فى حين عندما تمارس باسم الإسلام تسميها إرهاباً؟
- أنا أسميها أيضاً حروباً دينية.
* إذن ما هو تعريفك للإرهاب؟
- الإرهاب ليس فقط استخدام العنف مثل الحروب الدينية، ولكنه أيضاً استخدام الصحافة والإعلام، فالإرهابى يحتاج إليها، وإلا يفشل عمله الإرهابي. وهذا حديث جدّا.
* المؤسسة التى تعمل بها مهتمة بحوار الأديان، فكيف يكون هناك حوار وكل دين يعتبر نفسه الأفضل بالمعنى المطلق؟
- نحن نقيم حواراً بين المؤمنين وليس الأديان، ولا نريد من كل طرف أن يتخلّى عن اعتقاده أن ديانته هى الأفضل، يكفيه القول بأنه يحترم عقيدة الآخر ويحترم الحرية الدينية لغيره من الناس، ويقر بالتعايش بين البشر.
* ماذا تعنى بالحرية الدينية؟
- لا اقصد بها فقط حرية العبادة، ولكن أيضا حرية الضمير، أى حرية الانتقال من دين إلى آخر، أديان سماوية أو أرضية أو الإلحاد.
* وهل حرية الضمير التى تتحدث عنها تتضمن حرية انتقاد الأديان؟
- نعم، ولكن فى حدود الاحترام ودون إساءة وتشويه، والأخذ بعين الاعتبار التقاليد السائدة فى المجتمع سواءً كانت مسيحية أو إسلامية.
* لكن فى الغرب إساءة بالغة للأديان؟
- لست سعيداً بذلك، لأن حرية الانتقاد يجب ألا تصل إلى التشويه.
* ولماذا لا تعتبر ذلك حرية رأى وحرية ضمير، ولماذا انزعج الفاتيكان من رواية وفيلم "شفرة دافنشى"؟
- ما جاء فى هذه الرواية فيما يتعلق بالمسيحية، كأنك قلت إن القرآن مُحرف، أعنى أنّها تصيب فى صلب العقيدة المسيحية.
* إذن أنت مع المنع؟
- لست سعيداً بمثل هذه الأعمال، ولكنى ضد مصادرتها، ومع الرد عليها على المستوى العلمى.
* إذن لماذا أساء بابا الفاتيكان للإسلام والمسلمين؟
- علينا أولاً أن نعود إلى نص هذه التصريحات، لأن وسائل الإعلام أحيانا لا تنقل النصوص كاملة، مثلا تصريحاته المتعلقة بالاعتداء على كنيسة القديسين فى الإسكندرية، فقد طالب الحكومة المصريّة بحماية الأقليات وأعتقد أن هذا رأى متفق عليه.
* لكنه أساء للإسلام من قبل فى تصريحاته بألمانيا؟
- كان يتحدث كباحث، فهو كما تعلم كان أستاذاً جامعياً، وكان عنوان المؤتمر الذى يحضره "العقل والإيمان"، والهدف منه المساعدة فى حوار الأديان، وكان يقول إن الاعتقاد الغربى الحديث بأنّ العقل التجريبى هو الوسيلة الوحيدة للوصول إلى الحقيقة يجعل التواصّل مع الحضارات الدينية الكبرى فى سائر العالم مستحيلا؛ ولكن من جهة أخرى، على الخبرات الدينيّة أن تتقبّل تحدّى النقاش على المستوى العقلى (يقصد عقلا منفتحا على السماء ولا مقصورا على الأرض) دون اللجوء إلى العنف. وبعد ذلك استشهد البابا بلاهوتى بيزنطى من القرون الوسطى يقول إنّ "العمل ضد العقل يناقض طبيعة الله"، ثمّ أضاف اللاهوتى انتقادا للإسلام، ولم يكن هذا هو رأى البابا بل اللاهوتى البيزنطى.
* هل أنت مع الرأى القائل بأن الأديان بطبيعتها ضد الحرية لأنها تفرض قيودا؟
- فى الكتب المقدسة هناك نصوص تساند الحرية ونجد عكسها، وهذه هى مهمة رجال الدين أن يعقدوا هذه المصالحة بين الدين والحداثة، وعليهم أن يجدوا طريقة شاملة لقراءة النصوص المقدّسة. وأعتقد أن علينا أن نبتعد عن نسبة كل المفاهيم للدين، مثل العلم، والقول بأن كل شيء موجود فى الإنجيل أو القرآن. قال العالم الإيطالى غاليليو مرّة إنّ الكتب المقدّسة تبيّن لنا كيف نسير إلى السماء وليس كيف تسير السماء.
* لماذا كل هذا الخوف فى الغرب من وصول الإخوان وغيرهم من التيارات الدينية للحكم فى مصر؟
- هذا الخوف ستجده أيضاً لدى بعض المصريين؛ ولكنى أظن أن على الغرب أن يدعم التيارات المنفتحة على الديمقراطية حتّى فى الأحزاب الدينية، وخاصة أن هناك قوى لم تشارك فى الثورة المصرية تحاول سرقتها الآن، ووصولهم للحكم قد يؤثر سلباً على المصريين وعلى الأقليات، وخاصة إذا سيطرت تيارات مثل السلفيين.
رئيس تحرير مجلة الواحة الإيطالية لـ"اليوم السابع":الغرب يخطئ بإلصاق الإرهاب بالإسلام..لا بد أن يدعم الغرب التيارات الديمقراطية حتى لا يصل السلفيون إلى الحكم..أرفض التبشير الذى يستغل الظروف الصعبة
الأحد، 18 سبتمبر 2011 12:46 ص
جانب من الحوار
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
خالد
اللهم احفظنا من شره
اللهم احفظنا من شره
عدد الردود 0
بواسطة:
belal
اللي علي راسه بطحه
عدد الردود 0
بواسطة:
سامح
جرب نار الغيره
عدد الردود 0
بواسطة:
wael elhelw
افكار تعلن عما يضمرون
عدد الردود 0
بواسطة:
مصري
أرفض التبشير الذى يستغل الظروف الصعبة
عدد الردود 0
بواسطة:
الفرعون الصغير
اسمع يا باشا لما الاسلام يتهان يقولوا كان يتحدث كباحث ويعترف بهذا انظر الى البرود
عدد الردود 0
بواسطة:
samuel
hop
عدد الردود 0
بواسطة:
انسان
خسئت يا شخص
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد الهادى حموده
ما زلنا فى ازمه
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد
إن شاء لما يوصلوا للحكم هتغيروا فكرتكم عنهم