التقيا منذ كانا طفلين لا يعرفان من الحياة سوى مرحها وجمال دروبها ولا يعيا همومها وأحمالها، تلاقت روحيهما البريئتان المليئتان بحب الحياة وبهجتها، كان هو بشوش الوجه.
خفيف الظل مرح يحمل ملامح تفيض بالبراءة، أما هى كانت الطفلة المرحة المنطلقة المليئة حيوية وجاذبية.
وكبرا ووصلا سن الشباب وقد زادا تألفاً وتقارباً فكانت هى بالنسبة له الواحة الغناء التى يستظل بظلها من عناء الحياة، وكان هو قريبا إلى روحها تجد بقربه الراحة ويحلو لها الحديث معه حيث المرح والمتعة بلا حدود، لكنها كانت تهرب من مواجهة نفسها بمشاعرها نحوه وتتحايل عليها إنه أخيها الذى تهتم بأمره، ولكن نظرات من حولهم كانت تفضح مشاعرهم التى تكاد تنطق بها كل ملامحهما، وكان سر هروبها من مواجهة مشاعرها نحوه
خوفاً من فقده، وهو الغالى على قلبها، وكانت تمر الأيام حاملة المزيد والمزيد من المشاعر.
كان يذهب هو حيث يظن وجودها وكانت هى تهرب كلما استبد بها الشوق خوفاً من إعلان حبها.
وجاء ذلك اليوم الذى لم يستطع هو إخماد مشاعره فأصر على لقائها وأعلن حبه لها وإنها كل الحياة، فوجدت نفسها وقد انهدم ذلك الجدار الذى كانت تحتمى خلفه من حقيقة مشاعرها وانطلقت مشاعرها كما الطوفان الذى لا يقف أمامه شىء وعلما وقتها أن كل منهما خلق من أجل الآخر وأن ارتباطهما هو غاية ما يتمنى كل منهما من الحياة.
وفى لحظة اختلفت شكل الحياة أصبح لكل شىء قيمة ومعنى بالنسبة لهما، وأصبحا كالطيور والفراشات المحلقة فى السموات وأصبحت السعادة رفيقهما الدائم، وأصبح لكل مكان يرتادها سوياً ذكرى محببة إلى النفس، كانا مثار حديث كل من يراهما وكان الناس فى الطرقات ينظرون إليهما كأنهما أتيا من كوكب آخر من فرط سعادتهما التى كانت تضفى عليهما المرح والطرافة حتى يكادا لا يشعران بما حولهما، وأصبح هو أكثر جدية وتخطيط لمستقبله.
وازدادت هى تألقاً وجمالاً فقد اكتحلت عيناها بمحبته لها وتورد خداها من حلاوة كلماته عن شوقه لها وغرامه بها وأصبح هو شغلها الشاغل فى الحياة وحبها له محور الكون بالنسبة لها وازدادت حنان وعطاء له وكانت تحبه كما هو لا تنتظر منه أى تغيير من أجلها.
وبعد ذلك واجها صعابا وتحديات كالجبال الراسيات كانت كفيلة بهدم أى حب لكنهما تخطيا تلك الصعاب بحب وصبر وتضاعف الحب، وجاء ذلك اليوم الذى تحقق فيه الحلم فتم الزفاف ولاحظ الجميع أن سعادتهما فاقت سعادة أى عروسين وكان يوم كالحلم الجميل وكان من أسعد أيام حياتهما وأجملها.
وبعد الزواج فوجئت هى بإنسان آخر غير الذى أحبته وتزوجته فلقد كانت تتصور أن مقدرتها على الحب والعطاء بلا حدود لكنها وجدته قد تفوق عليها بحبه وحنانه وعطائه فكان يبذل كل ما فى وسعه لإسعادها وكان يحقق لها ما يجول بخاطرها دون أن تعرب عنه.
وعندما أصبح أبا وجدته ذلك الشخص المسئول الذى يجد سعادته فى إسعاد أبنائه والذى يضحى ويعطى بلا حدود وأمام نبله كانت لا تملك إلا أن تحبه وتظل تحبه ويتضاعف الحب وتشعر أنه أغلى ما فى الحياة وتبتهل إلى الله أن يحفظه من كل سوء ويرزقه الخير كله.
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة