كغيرى من ملايين المصريين، أتابع باهتمام جلسات محاكمة الرئيس المخلوع حسنى مبارك أمام محكمة جنايات القاهرة بأكاديمية الشرطة، رغم ما أعتقده من عدم جدوى هذه المحاكمة حتى الآن، ولن أتكلم اليوم عن المحاكمة أو ما يحدث بداخلها أو خارجها، بقدر ما استوقفنى موقف شديد الغرابة على مجتمعاتنا الإسلامية والعربية التى كرمها الله عزوجل، وجعلها مهبطا للديانات السماوية، ألا وهو قيام بعض ممن يسمون أنفسهم (أبناء مبارك) بالسجود على صورته يوم الأحد 11 سبتمبر الجارى، وما صدمنى من أن أرى هذا الخنوع والذل لغير الله عز وجل، حتى وإن كان نبيا مرسلا أو ملكا مقربا.
والحقيقة أنه على مدار 30 عاما حكمنا فيها المخلوع ورغم كثرة الفساد الذى كان يغرق فيه مجتمعنا المصرى، ورغم الوحشية التى كنا نعامل بها من قبل مبارك وجهازه الأمنى صاحب أعلى انتهاكات فى مجال حقوق الإنسان، لم نسمع يوما أو رأينا أحدا قام بالسجود له على صورته، أو طلب منا أحد ذلك، مع العلم أنه كانت توجد هناك (فئة ضالة) كانت على استعداد أن تسجد وتركع ليل نهار لهذا الطاغية حتى تحصل ولو على أى مصلحة أيا كانت قيمتها صغيرة كانت أو كبيرة.. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.
بقدر حبنا وتعظيمنا لرسولنا الكريم (ص) خير خلق الله، وخير من وطأ الثرى بقدميه لم نجده طلب يوما من الصحابة أن يسجدوا له أو يوقروه أو حتى يغالوا فى حبه، بل إن الصحابة حينما كانوا ينادونه بسيدنا نهاهم (ص) عن ذلك، وقال لهم: "لا تسودونى أو لا تسيدونى، فإنما السيد هو الله، بل قولوا عبد الله ورسوله".
ولم يشرع لنا الله سبحانه وتعالى توقيرا للنبى وتعظيما له أن نسجد له، بل جعل السجود عبادة خاصة به سبحانه وتعالى، ولذلك اتفقت الأمة على أن السجود لغير الله فى شريعتنا كفر وشرك (يخرج أحيانا صاحبه من الملة إن كان يعرف ذلك أما إن كان جاهلا فهذا ذنب عظيم وجب عليه التوبة والرجوع إلى الله)، وأنه لا يسجد لغير الله على وجه من الوجوه عبادة أو تكريما وتعظيما، فإننا نهينا عن ذلك، وجعل السجود خاصا بالله جل وعلا.
ومن المعروف أن السجود هو أشرف أنواع العبادات وأعلاها درجة، وهى عبادة الملائكة والسماوات والأرض وجميع المخلوقات، قال تعالى عن الملائكة: (والذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته وله يسجدون)، ومن أجل هذا أجمعت الأمة على أنه لا نسجد إلا لله، وأن من سجد لغيره فقد أشرك بالله لأن حقيقة الشرك هى صرف شىء مما لا تجوز إلا لله لغيره، فمن صرف شيئا من العبادة صلاة أو صياما أو نذرا أو طوافا أو غير ذلك من شئون العبادات والقربات لغير الله فقد كفر وأشرك شركا أكبر ينقله عن ملة الإسلام.
بل ذهبت طائفة من أهل العلم إلى أن السجود لغير الله من الكفر الذى لا يعذر فاعله بالاضطرار، كما جاء فى تفسير القرطبى عن محمد بن الحسن الشيبانى: (ذهبت طائفة من العلماء إلى أن الرخصة إنما جاءت فى القول، وأما فى الفعل فلا رخصة فيه مثل أن يكرهوا على السجود لغير الله، أو الصلاة لغير القبلة، أو قتل مسلم أو ضربه أو أكل ماله أو الزنا وشرب الخمر وأكل الربا يروى هذا عن الحسن البصرى رضى الله عنه وهو قول الأوزاعى وسحنون من علمائنا وقال محمد بن الحسن إذا قيل للأسير اسجد لهذا الصنم وإلا قتلتك فقال إن كان الصنم مقابل القبلة فليسجد، ويكون نيته لله تعالى، وإن كان لغير القبلة فلا يسجد وإن قتلوه، والصحيح أنه يسجد وإن كان لغير القبلة.
وقد يقول قائل إن هناك فى القرآن الكريم آيات صريحة طالبت الملائكة بالسجود لآدم فى بداية الخليقة، وأخوة يوسف بالسجود له، أقول لهم إن سجود الملائكة لآدم عليه السلام كان بأمر الله لهم قال تعالى: (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس) الآية، والله يأمر عباده بما شاء سبحانه وتعالى، وقد كان ذلك تشريفا وتكريما لهذا المخلوق الذى خلقه سبحانه بيديه، كما أن سجود أخوة يوسف عليه السلام وأبويه له كان بأمر من الله سبحانه وتعالى أيضا لأن الرؤيا التى رآها يوسف وقصها على أبيه رؤيا حق، وقد علم يعقوب تأويلها يوم قصها يوسف عليه، وقال لابنه: (وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق إن ربك حكيم عليم).
ومما سبق يضح أنه لا ينقض هذا ألا يكون السجود فى شريعتنا (الإسلامية) إلا لله، فإن الله الذى أمر أخوة يوسف بالسجود له، لم يأمر الصحابة بالسجود للنبى علما بأن فضل النبى على أصحابه وأمته أكبر من فضل يوسف على أبويه وأخوته، قال تعالى :(النبى أولى بالمؤمنين من أنفسهم)، وقال تعالى: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم)، وقد أمرنا الله بتعظيمه وتوقيره وتعزيره، وحبه فوق كل مخلوق، فقال سبحانه وتعالى :(إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلاً).
وأخيرا وليس آخر أعجب من هؤلاء الذين يقومون بالسجود لغير الله عز وجل، وأدعوهم إلى كلمة سواء بيننا وبينهم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا، كما أذكرهم بآية فى كتاب الله قوله تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ اللَّيْل وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِى خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) سورة فصلت.. فيا أبناء هذا المخلوع.. لا تسجدوا للشمس ولا لمبارك واسجدوا لله الواحد الأحد.
الرئيس المخلوع حسنى مبارك
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عبداللطيف أحمد فؤاد
يا اخى يا على مبارك ايه بس اللى حنسجد له
عدد الردود 0
بواسطة:
لالالالالالالالالا
اغبياء
الفلوس ممكن تعمل اى حاجه
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود ابوزينه
ادخلوا مصر ان شاء الله امنين
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد المصري
اه ...من هؤلاء
عدد الردود 0
بواسطة:
علي
تنبيــــــــــــــــــــــــــــــــه
عدد الردود 0
بواسطة:
تامر أبو الخير
ياباشا
عدد الردود 0
بواسطة:
حودا كراكة
آة منكم يا أبناء مبارك
عدد الردود 0
بواسطة:
السيد العربى
الشعب بلغ الرشد ويرفض الوصاية داخليا وخارجيا
عدد الردود 0
بواسطة:
الفارس الحزين
يا اخى اتقى الله