"السفاح" قصة قصيرة لشريف عبد المجيد

السبت، 17 سبتمبر 2011 09:07 ص
"السفاح" قصة قصيرة لشريف عبد المجيد شريف عبد المجيد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بينما تسير فى الشارع بعد انتهاء عملها المسائى كانت تفكر كيف ستسدد ما عليها من أقساط، ولماذا لم تتم ترقيتها حتى هذه اللحظة، كانت تسير بسرعة ملحوظة، خاصة أنها تأخرت اليوم فى العمل، الجو شديد البرودة المطر توقف منذ لحظات تقريبا إلا من بعض الرزاز الخفيف، توقفت قليلا بالقرب من السوبر ماركت لتحتمى من المطر وتشترى احتياجات الغد، وبينما تقترب من المدخل إذا بها تفاجأ به يقترب منها من الخلف ليشل حركتها بكلتا يدية بينما ترى نصل المدية التى يمسكها بارزا أمام وجهها شلت من الخوف، ولم تستطع أن تخرج صوتا من فمها رغم ملامح الفزع الشديد البادى على وجهها يقترب منها ويبتعد فى حركات سريعة متلاحقة خاطفة، ثم التصق بها بشدة وبعدها جرى مسرعا بينما أحست هى بشىء ما فى مؤخرة ملابسها لم يستغرق الأمر سوى دقائق معدودات لم تستبين فيها ملامح وجهه وشعرت بدوار سقطت على إثرة على الأرض مغشيا عليها.

لم يحدث ذلك الأمر معها هى فقط ذلك ما عرفتة بعدما قدمت بلاغا فى القسم
لم تعد تخرج النساء من البيوت إلا للضرورة، صارت الوسائل الدفاعية Self) defance) هى الأكثر مبيعا، التزم الناس بحظر التجول، تناقلت الصحف أوصاف السفاح المحتملة، قام رسام تابع لوزارة الداخلية برسم ملامح مقاربة لوجه السفاح بناء على شهادات الضحايا، ووزعت الصورة على الصحف ونشرت بالقنوات الفضائية.
كثفت المباحث جهودها للقبض على السفاح، كانت هذه الفترة فترة توقف الدوروى العام، وفى نفس الوقت انشغل الناس بقضية تزوير الانتخابات ربط الخبثاء بين ظهور السفاح وبين تزوير الانتخابات فكلما ارتكبت الحكومة خطئا فادحا افتعلت حادثة تشغل الناس بها.

أرجع البعض ظهور السفاح لنقص الإيمان وأن سبب ظهوره الأساسى هو تبرج النساء، قال المحللون فى البرامج المسائية السفاح مريض نفسى يستحق الشفقة
كان السفاح هو حديث المدينة كلها ومصدر رعبها انشغالها الأساسى.

تذكر الناس قصص السفاحين والمدينة من ريا وسكينة إلى التوربينى ثم السفاح الحالى.
هل يجب أن يكون السفاح مريض نفسى؟
هكذا سألت المذيعة
السفاح شخص مضطرب عقليا وعدو للمجتمع
هكذا أجاب المحلل النفسى الضيف الدائم على البرنامج المسائى الشهير
هل يمكن أن يعالج السفاح أو يتوب أو يكتفى بعدد معين من الضحايا
بالعكس، فكلما زاد عدد ضحاياه استمتع أكثر وما لم يتم القبض عليه أو كشفة أو تهديده لا يكف أبدا عن أفعالة، هنا تدخل أحد المشاهدين فى الحوار وسأل سؤالا وجيها كيف يكون هذا الشخص سفاحا وهو لم يقتل أحدا من الأساس؟،
أسقط فى يد المذيعة والضيف ولم يجبيا السائل وخرج المخرج بفاصل إعلانى وتم قطع الحلقة قبل نهايتها.

مرت ثلاثة أسابيع ولم يعد يسمع أحد عن أفعال السفاح وظن الجميع أن الموضوع قد انتهى عند هذا الحد، خفت الموضوع فى الإعلام تدريجيا، وصارت هناك موضوعات أخرى أكثر جاذبية إلى أن دخلت الراقصة سوسو إلى رئيس المباحث مهرولة وصوت صراخها العالى يحدث جلبة فى صمت الليل، وكأنها وضعت مثقابا فى الحائط جلبة لا قبل لأحد بها ولم يستطع أحد أن يوقفها عن الدخول لمكتبة، وخاصة أنها تعرف كل من فى قسم ولم يسلم أحد منهم من لسانها الزلق بل ويعرفون مسبقا عواقب منعها أو الوقوف أمامها
اغتصبونى يا باشا.
نعم يا اختى انتى جاية تهزرى قولى حاجة الواحد يصدقها
قصدى يعنى فيه واحد عملها معايا بس مش بمزاجى
اللهم ما طولك يا روح
يا باشا انت خلقك ضيق كده على طول، قلتلك ميت مرة تعالى وأنا افرفشك شوية
أنا مش فاضيلك انجزى ايه اللى حصل
السفاح... السفاح يا باشا هوا اللى عمل معايا لا مؤاخذة
مين اللى قالك انه السفاح وعمل معاكى ايه بالظبط
هوا السفاح والله سفاح وحركاته حركات سفاحين مش راجل عادى لو كان عادى كنت هقولك يا باشا أنا هكذب ليه؟!.
يعنى عملك ايه وضحى عشان المحضر
يا باشا دا هبشنى حته هبشه.. ما قولكش نار ابن الإيه
اللهم ما اغزيك يا شيطان أمال فين البودى جارد وعمال المسرح وبتوع الأمن والمرشد بتاعنا
كانوا قاعدين يا باشا بيطفحوا وبيشربوا من عرق جبينى
جبينك برضه!
يا باشا أهو كله عرق بس المهم انهم كانوا بيطفحوا رحت اغير عشان البس ملابس الفقرة التانية ما انت عارفها يا باشا بتاعة (ببص لروحى فجأة) البت سعاد اللبيسة بتاعتى المايصة كانت فى التواليت قولت انا كل اللى اللى هعمله انى هلبس البرا الضيق الروز ما انت عارفة يا باشا
يا ولية هتودينا فى داهية برا ايه وسوتيان ايه ما تلمى نفسك وهاتى من الآخر
المهم يا باشا لسه خارجة من الأوضة ورايحة المسرح لقيت واحد قام ماسكنى من ورا، الشهادة لله هوا ما ممسكنيش وبس هوا لزق فيا لا مؤاخذة.
وبعدين
أنا قلت أكيد دا المنيل على عنبة جوزى الأولانى أصلة من زمان بيحبنى وعايزنى اتوب تصدق لحد دلوقتى عايزنى اتوب.
حمار
ما انا برضة بقول علية كده، المهم يا باشا قلت عشان ما اظلمش الحمار جوزى الاولانى قلت يمكن طليقى ولا رجل الأعمال اللى كان متجوزنى عرفى، ما انت عارفه يا باشا اللى هرب من سنة بعد ما قشط خمس بنوك.
ولما هوا اتهبب وهرب هيجى يهبشك ويهرب تانى يعنى؟
لاء يا باشا أنا قلت يمكن وزعليا حد يرمى عليا مية نار أصلة بعيد عنك ما بيعرفش.
أمال اتجوزك ليه
ما هو بيعرف بس على قده يا باشا
المهم كملى مش ده موضوعنا
على رأيك لقيت الراجل ده قعد يعنى يلمس ومسابنيش إلا لا مؤاخذة يعنى.. واخد بالك؟
فاهم كملى.
بس راح منزل المطواة عشان كده أنا ما صوتش كل ده وبنت الامؤاخذة فى الحمام.
وراح ناطط من الشباك بتاع الأوضة وجرى زى الجن.
مين بقى اللى قالك انه هوا السفاح
أنا لمحتة من المرايا بتاعتى هى دى تفوت عليا وعرفت شكلة شبه الرسمة اللى بتيجى فى التلفزيون.
طيب عندك أقوال تانية؟
لاء يا باشا.
طيب انتوا هطلعونى فى التلفزيون؟
أيوة إن شاء الله فى القناة الأولى بس دا مش شغلنا زى ما انتى عارفة.
طيب لما تقبضوا عليه ابقوا قوليلى.
طيب يا اختى تعالى امضى.
كويس انك لسة فاكر يا باشا فاكر لما جيت أول مرة من سنتين كنت فاكرنى. بابصم ما تعرفش إنى جامعية وبعمل ماجستير فى الإدراة.
طيب عقبال الدكتوراه امضى بقى وخلصينى.

هكذا وقعت الراقصة عقد بطولة لفلمين وشقت طريقها الفنى وتعاطف معاها الجميع وصارت منتجة لسلسلة أفلام أنا والسفاح بأجزائها الأربعة
تعدت بالبلاغات ضد السفاح حتى وصلت لأكثر من ألف بلاغ
أما البلاغات بالأطفال اللذين اتهم بأن أبوهم هو السفاح قد صارت خمسة آلاف بلاغ
أخبار السفاح فى كل مكان فى التلفزيون السينما والمسرح والفضائيات والجرائد
كانت الدكتورة سلمى قد عادت لتوها من عملها وقبل أن تركب سيارتها المركونة فى جراج العمارة التى بها العيادة تفتح باب السيارة، بينما هجم عليها السفاح وقضى منها وتره.
صدر قرار وزارى بالقبض على السفاح ومكافأة من رئاسة الجمهورية خمسين ألف جنيه لمن يدلى بمعلومات تؤدى إلى القبض على السفاح.

وفى مدخل عمارة بالزمالك شاهد حارس العقار من غرفته شابا يقترب من باب المصعد ويقوم بممارسة العادة السرية اقترب منه الحارس وقبض عليه متلبسا قبل إتمام العملية لم يستطع الشاب أن يهرب سلمه الحارس إلى قسم الشرطة وقبض المكافأة.
وسلم عليه رئيس الجمهورية وأصبح حارس العقار موظف أمن بشركة بترول، توالت اعترافات السفاح حصريا فى إحدى القنوات الفضائية وفى ثلاث جرائد قومية وفى جريدة مستقلة.
وتمت إجراءات المحاكمة العلنية للسفاح وحكم عليه بعشر سنوات مع الشغل والنفاذ.
عادت الحياة إلى طبيعتها ورجعت البنات للمدارس والكليات ونسى الجمبع أمر السفاح.

وبعد مرور ثلاثة أشهر من القبض على السفاح كانت هناك فتاة فى التاسعة عشرة من عمرها بإحدى المحافظات تجرى ناحية أحد الأقسام باكية تصرخ بكل ما فيها من عزم وقوة، لتبلغ عما فعلة بها أحد الأشخاص وتعتقد أنه هو السفاح.






مشاركة




التعليقات 5

عدد الردود 0

بواسطة:

واحد من الناس

عسل

عدد الردود 0

بواسطة:

eman amin

واقعية

عدد الردود 0

بواسطة:

اسماعيل احمد

حلوة

عدد الردود 0

بواسطة:

رضا عطية _ ناقد أدبى بمجلة إبداع

عبدالمجيد بصمة كتابية

عدد الردود 0

بواسطة:

مصطفى الطبجي... كاتب ساخر

قصة جميلة

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة