"من أجلك أنت مددنا حالة الطوارئ".. هذه هى العبارة التى طالما طالب الشعب بحذفها من قاموس النظام السابق، وهى ذات العبارة التى احتلت شعارات الثوار فى الخامس والعشرين من يناير، وهى أيضا نفس العبارة التى عادت مؤخرا بقرار من المجلس العسكرى والحكومة عقب أحداث السفارة الإسرائيلية، وحملت فى الوقت نفسه كافة المفاهيم الفضفاضة والثغرات القانونية التى تحتمل عدة وجهات نظر عند تفسيرها وتأويلها بما يفتح الباب لإمكانية التلاعب فيها، كما يتيح إمكانية اعتقال الآلاف واحتجازهم بدون وجه حق، وهو ما يثير الشكوك حول نية المجلس العسكرى من عودتها مرة أخرى.
وفى الوقت الذى اختلفت فيه القوى السياسية ورجال وشيوخ القضاة حول تفعيل العمل بالطوارئ، إلا أنهم اتفقوا جميعا على ضرورة تعديل ذلك القانون، بما يتضمنه من مفاهيم فضفاضة وثغرات قد يستغلها النظام القائم بإدارة شئون البلاد فى قمع الحريات، هو ما أكده المستشار محمد فؤاد نائب رئيس مجلس الدولة وعضو دائرة الحقوق والحريات بمحكمة القضاء الإدارى، والذى أكد أن قانون الطوارئ بشكله الحالى يحتاج لتعديل كبير فى بعض عباراته المرنة والفضفاضة التى قد يساء استخدامها مثل "الأمن العام" أو "النظام العام"، وأن يتم تحديد جرائم ثابتة فى أضيق نطاق يعاقب عليها من خلال قانون الطوارئ.
وبالرغم من تأكيد جاب الله على رفضه لتفعيل قانون الطوارئ بشكله الحالى، إلا أنه يرى أن المشكلة الآن تكمن فى صعوبة إدخال تعديلات جوهرية عليه.
وكانت المادة الأولى من القانون قد نصت على وضع قيود على حرية الأشخاص فى الاجتماع والانتقال والإقامة والمرور فى أماكن أو أوقات معينة والقبض على المشتبه بهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام واعتقالهم والترخيص فى تفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية وتكليف أى شخص بتأدية أى عمل من الأعمال، بينما أكدت المادة الثانية منه على مراقبة الرسائل، أيا كان نوعها، ومراقبة الصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات والرسوم وكافة وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها وضبطها ومصادرتها وإغلاق أماكن طباعتها، وهو ما يراه ممدوح إسماعيل، محامى الجماعات الإسلامية، وسيلة سهلة تساعد فى القبض على المواطنين واحتجازهم بدون ضوابط قانونية، واعتقال المصريين بقرار إدارى بدون إحالتهم للنيابة العامة أو المحكمة، وأن قرار تفعيل العمل به ما هو إلا ردة للوراء وثورة مضادة على مكتسبات ثورة 25 يناير وتعد واضح على حقوق الإنسان التى تمتع بها المواطن المصرى خلال شهور قليلة.
وقال ممدوح إسماعيل، إن إعلان تفعيل العمل بقابون الطوارئ فتح الباب للأمن الوطنى لكى يتحول إلى أمن دولة جديد، واصفا قرار تفعيله بـ"المصيبة السوداء"، مندداً بالتعديل الذى أدخله المجلس العسكرى أمس الأول بتطبيق القانون على حالات مواجهة حدوث اضطرابات فى الداخل وكافة أخطار الإرهاب والإخلال بالأمن القومى والنظام العام بالبلاد أو تمويل ذلك كله وحيازة الأسلحة والذخائر والاتجار فيها وجلب وتصدير المواد المخدرة والاتجار فيها، وكذلك على حالات مواجهة أعمال البلطجة، والاعتداء على حرية العمل وتخريب المنشآت وتعطيل المواصلات وقطع الطرق، وبث إذاعة أخبار أو بيانات أو شائعات كاذبة، حيث قال إن هذا التعديل جعل قانون الطوارئ أسوا مما كان أيام مبارك، ويرى أنه لا بديل سوى إلغاء هذا القانون فورا.
ترحيب واسع أبداه المستشار عبد الراضى أبو ليلة، رئيس محكمة جنايات القاهرة، بتفعيل قانون الطوائ، وذلك للحد من ظاهرة البلطجة والاعتداء على المنشآت العامة، مؤكداً حق المجلس العسكرى فى اتخاذ جميع الإجراءات الفورية المنصوص عليها فى القانون للحفاظ على ثورة يناير المجيدة.
"الثغرات" و"العبارات الفضفاضة" فى قانون الطوارئ تثير الشك فى نية "العسكرى".. وممدوح إسماعيل: تفعيل القانون بثغراته الحالية "مصيبة".. ونائب رئيس مجلس الدولة: عباراته المرنة قد يساء استخدامها
الخميس، 15 سبتمبر 2011 07:56 ص