فخ حكومة شرف

لا تزال حكومة الدكتور عصام شرف تتعامل بسطحية مع المشكلات التى تواجهها.. ولأنها تقدم حلولاً لمشكلات مستعصية بدون أى دراسة تذكر وتتعامل بمنطق تطييب الخواطر، فإنها تجرنا لمشاكل مستقبلية على غرار تلك التى سببتها حكومة الدكتور أحمد نظيف قبل أن ترحل، عندما وزع كل وزير فيها الوعود على المواطنين لحل مشكلاتهم مثل تعيين العمال المؤقتين أو توفير مساكن للمشردين والوعد بتشغيل العاطلين، حتى تحوز على رضاهم من أجل القضاء على الثورة التى مافتئت تشتعل وقتها، ولأنها مجرد وعود فشلت حكومة الثورة فى تحقيقها عندما ذهب نظيف ورجاله واندلعت بسبب ذلك التظاهرات الفئوية التى نعانى منها حتى الآن.

الفخ نفسه ينصبه شرف للحكومة القادمة دون أن يدرى ربما، فالرجل لا يزال يوزع العهود لكل من يسأله دون أن يشرح لنا كيف سيحقق ذلك، آخر هذه الورطات إقراره بحق عودة النوبيين لأراضى ما قبل تهجير عام 1964 وهو ما يعنى ضمنيا أن يبدأ فى تنفيذ مطالبهم دون ان يشرح لنا كيف يتم ذلك على أرض الواقع، أنا بالطبع لست ضد حق النوبيين أو غيرهم فى استعادة حقوقهم المسلوبة من منطلقات إنسانية وحقوقية، لكن الذى أعنيه هنا كيف ستنفذ حكومة شرف وعودها.

ليست هذه هى المشكلة الوحيدة التى سترثها الحكومة القادمة، إذ قررت حكومة شرف تنفيذ خطط إستراتيجية طموحة للقضاء على أزمة السكن، وتعهدت ببناء مليون وحدة للأسر الفقيرة، وهى مهمة وطنية نبيلة ونحن فى حاجة لها بالفعل، لكنها ليست مسئولية هذه الحكومة، وهى منوطة بتسيير أوضاع مصر خلال هذه الفترة وحتى إجراء انتخابات تأتى على أساسها حكومة جديدة منتخبة ولها برنامج محدد سنختارها على أساسه ونحاسبها عليه.

لكن المشكلة الحقيقية هى أن شرف لا يريد أن يعترف أن حكومته مؤقتة ومكلفة بتسيير الأعمال فقط، ورفض ذلك من قبل فى أكثر من مناسبة، والأمر لا يقتصر عليه وحده إذ اتخذ الموقف نفسه الدكتور سمير رضوان وزير المالية السابق الذى اعترض بشدة على أن عمره فى الوزارة عدة شهور فقط فى أحد البرامج التليفزيونية.