سعيد سالم يكتب: يلا نروح النهضة!!

يعتقد بعض، كثير من الناس فى مصر - للأسف الشديد - أن نهضة الأمم ونهضة البلاد تتحقق بمجرد الإعلان عن الأمل فى تحقيقها، أو بمجرد التصريح والتلميح بالهيام فى البلد مرة بالأغانى والألحان ومرة بالأشعار وأخرى بحلو الكلام، أو ربما يعتقدون أن تحقيق النهضة يتم بتدشين المقالات وإرسال التعليقات، أو الصراخ فى برامج التلفاز مؤيداً أو مُعارضاً، أو بمجرد الإعلان عن تنفيذ مشروع زويل، أو مشروع الباز أو حمزة!!

ويظل اعتقاد هؤلاء البعض مستمراً بأن النهضة تتحقق بمجرد طلبها أو بمجرد المناداة بها أو بمجرد قيام انتفاضة أو حركة تُطالب بالتغيير، أو بمجرد هدم نظام سابق والشماتة فيه ونكران جميله وإنجازاته!! أو بأن تتحقق إذا قالوا وهتفوا وصمموا لافتات يُكتب عليها "يلا نروح النهضة!!" كأنها حديقة للزيارة أو سينما لمشاهدة فيلم أو ملاهى للتلاهى والتنزه!!

وهو أمر مؤسف ومُحزن أن يعتقد أى منا فى ذلك!! فالنهضة يا سادة يا كرام تحتاج إلى عمل مُضن وشاق فى جميع المجالات لتحقيقها.

فهى أولاً فى حاجة إلى إنشاءات جديدة، وإلى تحديث إنشاءات قديمة، وتحتاج إلى استثمارات محلية وأجنبية متوالية فى جميع المجالات تستوعب البطالة وتُخفض نسب الفقر كما كان يُحقق النظام المسقوط – إلا قليلاً -!! فمطار هُنا واستاد هُناك، ومدينة صناعية هُنا وسكنية هُناك، ومحطة مياه هُنا وصرف صحى هُناك، ومحطة كهرباء هُنا وكوبرى هُناك، ومصنع هُنا ومصنع هُناك، ومدرسة هُنا وجامعة هُناك.. وهكذا!!

كما يحتاج تحقيق النهضة إلى انتعاش سياحة يصل فيها عدد السياح إلى 20 مليون سائح على الأقل ليستوعب عمالة تجاوز 4 ملايين فرصة عمل على الأقل تُخفض البطالة من ناحية، وتُنعش اقتصاد هؤلاء العاملين من ناحية أخرى!! وإلى أموال مُكنزة فى البنك المركزى تُزيد من صلابة العملة المحلية أمام العملات الأخرى، وإلى مصانع ومزارع تعمل وتنتج، ومطارات وموانئ برية وبحرية تُصدر هذا الإنتاج، وإلى تعليم جامعى وقبل جامعى وبحث علمى قوى بميزانية تتزايد باضطراد حتى تصل إلى 200 مليار جنيه على الأقل لخدمة 18 مليون تلميذ بالمدرسة وطالب بالجامعة وباحث بأكاديمية بحث، ولشعب سليم صحياً تُحدد لميزانية وزارة الصحة فيه ليس أقل من 100 مليار جنيه، وإلى نُخبة تقود المجتمع إلى أعلى لا نُخبة مهووسة بالشُهرة كنُخبتنا فى مصر !!

كما تحتاج إلى إعلام صادق مستقل لا يكذب ولا يتجمل، إنما هو إعلام يستهدف التبصير بالمخاطر التى تُحيط بالمجتمع وأفراده أولاً بأول لدرئها وتلافى أخطارها!! فأين نحن من النهضة ياسادة بعد 25 يناير؟!

من أين لنا تعويض ما فات من احتياطى نقدى خسر 60 مليار جنيه منذ 25 يناير وحتى الآن، وها نحن ندخل مرحلة الخطر فيه؟! ومن أين نأتى بـ 150 مليار جنيه للتعليم، و100 مثلهم للصحة؟! ومن أين لنا جذب استثمارات أجنبية ونحن على هذه الحالة من الانفلات الأمنى الذى يحتاج لذاته الآن من 5 إلى 7 مليارات جنيه لإعادة بناء الشرطة المصرية أفراد ومبانى أقسام وسجون ومعدات؟! ومن أين لنا أن نعيد ثقة العالم فى اقتصادنا كما كان قبل 25 يناير؟! هذه هى الأسئلة التى تحتاج إلى إجابات لتحقيق النهضة.. فهل سألناها لأنفسنا؟! والله الموفق.