تمر مصر فى الوقت الراهن بأدق مرحلة من مراحل تاريخها، والتى سيترتب عليها مستقبلها وتصنيفها بين دول العالم، وتحديد مكانتها بين هذه الدول، لأننا فى هذه المرحلة ننتشل مصر من الجب الذى غاصت فيه عقوداً طويلة، وتوارت بفعل القائمين عليها إلى غياهب الظلمات والنسيان، فتلاشى دورها تماما على جميع الأصعدة العربية والإقليمية والعالمية، فأصبح لا يحسب لها أى حساب، وقد أدى ذلك بدوره إلى طمع الطامعين من كل حدب وصوب، فأنكر عليها أهل القرى حق الريادة وطمع فى شربة مائها سكان الغابة، وانتهزت الدول أصحاب المطامع والمصالح حالة الضعف الرهيب هذه التى حلت بمصر، فحولتها إلى جثة هامدة لا حراك فيها، فعاثت فى الأرض فساداً وتدميراً وتمزيقاً، خاصة فى المنطقة المحيطة بمصر، والتى تمثل البعد الاستراتيجى لها، بدءاً من العراق ومروراً بالقرن الأفريقى ودول حوض النيل وأخيرا السودان التى تم شطرها، ونحن فى غفلة ساهون، والبقية تأتى أضف إلى ذلك ليبيا ما بعد القذافى، وبداية تلاعب أصابع الغرب بها، مستغلين السكرة التى نعيشها الآن، والذى بدأ يطفو على السطح حتى قبل أن تجف جراح الشهداء، وقبل أن يتأكد رحيل القذافى.
وقبل أن يجلس المجلس الانتقالى على كراسيه. فأعلنت فرنسا عن استحواذها على نسبة 35% من بترول ليبيا هل هذا يعقل؟ أضف ولا تتعجب محاولة إجبار ليبيا على إقامة علاقات دبلوماسية وطيدة مع إسرائيل، وإطلاق يدها فى ليبيا، وكأنها دولة حليفة منذ سنين؟ ألم ترو معى أن كل ذلك يضع الحبل حول عنق مصر ويضيق الخناق عليها لتركيعها وإجهاض كل أمل لديها للنهوض مرة أخرى، وتفريغ الثورة من مضمونها؟
ونحن مازلنا نغط فى نوم عميق؟ فهل آن الآوان لكى نفيق ونتخلى عن المهاترت التى نعيشها الآن، والتى جعلت من شعب مصر وقياداتها شيعا وفرقا وائتلافات متناحرة، ومن المحزن أن من يقومون بذلك يطلقون على أنفسهم بالنخبة وقادة الفكر فى مصر، والذين يرشحون أنفسهم لقيادة مصر، سواء أخذ ذلك شكل جماعات أو ائتلافات أو أحزاب، أو ترشح للرئاسة وساعدهم فى ذلك للأسف أيضا وسائل الإعلام المختلفة، مما جعل منهم نجوما دون وجه حق، حيث إن أى منهم لا يدرك ما نحن فيه، أو ما يحيط بنا، وانغمس الجميع فى خلافات شكلية لا تثمن ولا تغنى من جوع، تمثلت فى من أين نبدأ هل الفرخة أولا أم البضة، هل الانتخابات التى أقرها الاستفتاء الذى ألغى عملا، أم الدستور أم المبادئ فوق الدستورية، أم المبادئ الحاكمة.
لم يتقدم أى من هؤلاء جميعا ببرنامج له ملامح لانتشالنا من الوحل الذى نعيش فيه الآن، لذا فعلينا جميعا أن نكف عما نحن فيه ونوقف المهاترات والتظاهرات والاعتصامات والانفلاتات الأمنية والتقاعسات الشرطية، وأن نتكاتف جميعا لانتشال مصر قبل أن يجرفها الطوفان، ونتجه وبقوة وحزم نحو البناء الداخلى والتصدى بحزم وقوة أشد لما يدور حولنا، وقطع أى يد تحاول أن تعبث بمقدرات مصر وسيادتها، سواء من بعيد أو قريب، أيا كانت هذه اليد، ونحن على استعداد جميعا لأن نفنا فى سبيل مصر ورفعتها، مستعينين بالله سبحان وتعالى فى أن يرعنا كما رعى ثورتنا، وبداية ذلك أن نجتمع على كلمة سواء، وليطمئن الجميع إلى أن مصر ستظل دولة إسلامية ديموقراطية، لا علمانية ولا وهابية، يسودها العدل والمساواة لا فرق بين أبنائها إلا بالكفاءة والعطاء والحب والإخلاص لها، فعلينا جميعا أن نسعى جاهدين كل حسب ما آتاه الله من علم أو قوة أو مال أو خبرة فى مجال من المجالات أن يعطى مصر مما أفاء الله عليه به، وأن يعمل شيئا من أجلها، وها أنا أتقدم ببرنامج وضعت فيه رؤيتى التى قد تكون قاصرة للنهوض بمصر فى مرحلة التحول التى نعيشها لكى يطلع عليه من بيده الأمر، أو من يتطلعون لقيادة مصر حتى يكون نصب أعينهم، فإن كانت هناك فرصة لإتاحة عرض هذا البرنامج يرجى الإفادة، مع خالص الشكر والتقدير.
ميدان التحرير
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة