رأى عدد من الأدباء والمثقفين أن قرار رئاسة الوزراء الذى خرج به وزير الإعلام أسامة هيكل، عقب الاجتماع الطارئ بمقر وزارة الدفاع، ونص على تفعيل كافة بنود قانون الطوارئ، بدعوى الحفاظ على هيبة الدولة فى ضوء التزام مصر بالقوانين الدولية، خاصة فى الحفاظ على السفارات والبعثات الدولية والدبلوماسية داخل الأراضى المصرية، سوف يطبق لقمع الحريات فى التعبير عن الرأى والتظاهرات السلمية التى تخرج فى شوارع مصر للمطالبة بالحفاظ على الثورة المصرية وتحقيق أهدافها، مؤكدين على أن المجلس العسكرى ووزارة الداخلية لا يحتاجون لقانون الطوارئ فى قمع البلطجية؛ وإنما بحاجة لتنفيذ القانون العادى وقمعهم بالاعتماد على القوائم التى تضم أسماءهم والموجودة لديهم.
قال الشاعر رفعت سلَّام، لـ"اليوم السابع" إن البلطجية مسيطرون على الثورة منذ قيامها، المجلس العسكرى والحكومة يريدون تطهير الشارع المصرى منهم لاستطاعوا ذلك فى 24 ساعة، لأن قوائمهم موجودة لدى ضباط الداخلية، ولكن الصورة التى نراهم عليها فى الشارع لترويع الشعب بعد الثورة تدل على أن هناك غرضا ما فى نفس يعقوب، وما أكثر من اعتقلوا وحوكموا عسكريًا من أبناء الثورة العظيمة واعتبروا أنهم بلطجية.
وشدد سلاَّم على أن قانون الطوارئ لم ولن يطبق ضد من يستحقون تطبيقه عليهم، فالجميع يقولون حقًا يراد به باطل، والدليل على ذلك أنه منذ نظام المخلوع "مبارك" الذى كان يقول إنه لن يطبق الطوارئ إلا على الإرهاب، ولكنه كان يقمع به الحركة الوطنية السياسية، وذلك ما سيحدث من جديد وكأن النظام لم يتغير، وهو بالفعل لم يتغير.
أوضح "سلام" أن المراوغات فى تنفيذ أهداف الثورة والالتفاف عليها هو ما يؤدى إلى ما نراه بين الحين والحين من وقائع وأحداث قد لا نرضى عنها، فى حين أنه مازال أولو الأمر يتصرفون كما كان يفعل نظام "مبارك"، متسائلاً: أين نتائج لجنة التحقيق فى معركة العباسية؟، وأين قانون الغدر؟، وأين تطهير وسائل الإعلام الحكومية؟، ولماذا لا يتوقفون عن محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكرى؟، أليس غريبًا بعد الثورة أن يحاكم شبابها أمام القضاء العسكرى وكأنهم يدفعون ثمن ما قاموا به من ثورة عظيمة؟، مضيفًا هم يطلقون مثل هذه الدعوات فقط على سبيل التخدير، مثلما كان يفعل "مبارك"، وما أكثر الأسئلة التى تثير الارتياب وما أقل الإجابات المستقيمة.
وقال الشاعر عبد المنعم رمضان أظن أن إعادة قانون الطوارئ الآن بحجة ما حدث أمام السفارة الغرض منه قمع الاحتجاجات التى بدأت تملأ مصر فى مصر كل مكان، وأن هذا القانون لن يستطيعوا تنفيذه، متسائلاً: فهل تعرف أن أحد معانى نظام الدولة، هو القدرة على إكراه المواطنين على تنفيذ القانون واحترامه، والمجلس الأعلى بحكومته الراهنة لا يملك شيئًا من هذا، موضحًا، فالأمور تفلت بشدة من بين يدى المجلس العسكرى، والقانون أحد أدوات تنفيذه وزارة داخلية، وقيادات "الداخلية" من عقيد إلى أعلى ربيت فى حظائر المخلوع "مبارك" وغير قادرة على تغيير أى شىء مما تعلمته فى حظائر مبارك، ولن يتنازلوا عن تصورهم لأنفسهم بأنهم الأعلى، ولن يتخلوا عن إهانة البشر والانتقام منهم، لأنهم تجرأوا على ذلك أيام الثورة وعلى إهانة الشعب، مؤكدًا على أن الشعب البسيط لن يتنازل عن الحرية التى قبض عليها بيديه.
وأضاف "رمضان" قبل أن يشرع المجلس فى إملاء قوانين يطالب بتنفيذها، عليه أن ينظف حظيرة المسئولين عن مراقبة هذه القوانين، وأناشدهم بأن يخلعوا كل ضباط الشرطة من عقيد فما فوق، وفوق تعنى "العيسوى" وكل أعضاء الوزارة.
وقال الشاعر محمود قرنى أتصور أن العودة لأجواء الترهيب والقمع تحت ذرائع تتعلق بسلامة المجتمع لا تعنى إلا التجاوز عن أخطاء الحكومة والمجلس العسكرى، ففى إداراتهما للمرحلة الانتقالية فى أداء الدولة بشكل عام لا يوجد ما يشى إطلاقًا بأنه أداء ثورى، بل على العكس من ذلك يتضامن هذا الأداء إلى حد بعيد مع النهج الإصلاحى الذى كان ينوى "مبارك" القيام به حال بقائه فى الحكم وهو نهج أفقد الجماهير الثقة فى المجلسين وبقيت أحوال المصريين على كل المستويات على حالها.
وأوضح أن جزءًا كبيرًا من الانفلات الذى نشهده له معنى واحد فقط، وهو أن قدرة إدارة البلاد على إدارة الثورة فشلت حتى الآن ولا أتصور أن المجلس العسكرى الذى يتصرف بتحفظ مؤسسة عسكرية مهنية وكبيرة لا يستطيع أن يتخطى إلى قرارات يراها جذرية وتعرضه للخطر والحرج فى آن معًا.
ورأى قرنى أنه آن الأوان أن ينأى المجلس العسكرى بنفسه ويظل حارساً للثورة على أن يعين رئيسًا مدنيًا مؤقتًا يصحبه مجلس رئاسى لإدارة المرحلة الانتقالية وهو أمر سيحمى الجيش من الحرج السياسى ويطلق العنان لقوى الثورة لإحداث تغيير حقيقى يشعر به كل المصريين.