حالة من الجدل يعيشها المثقفون بين مؤيد لقرار مجلس رئاسة الوزراء، والذى صدر بالأمس، عقب الاجتماع الطارئ بمقر وزارة الدفاع، ونص على تفعيل كافة بنود قانون الطوارئ حفاظًا على هيبة الدولة فى ضوء التزام مصر بالقوانين الدولية، خاصةً فى الحفاظ على السفارات والبعثات الدولية والدبلوماسية داخل الأراضى المصرية، وبين الرافضين له؛ لما يمثله من وجهات نظرهم التفاف على الثورة وعودة إلى الصفر.
ورأى الدكتور صلاح فضل، رئيس الجمعية المصرية للنقد الأدبى، أن هذا القرار ضرورى لضبط الشارع المصرى قليلاً ويكفى أن الشباب أظهروا مشاعرهم العدائية تجاه العدو الصهيونى، وأن هجماتهم على السفارة تعد ردًا على عربدة المستوطنين الذين ينتهكون كل الحرمات للشعب الفلسطينى وللشعب المصرى.
وأوضح فضل أنه بعد هذا التعبير الحاشد فإن امتداد أيدى هؤلاء الشباب إلى سيارات الشرطة ومحاولة اقتحام مديرية أمن الجيزة إخلال واضح بالأمن وإسقاط لهيبة الدولة ونشر لحالة الفوضى وإتاحة الفرصة للبلطجية لقطع الطرق فى مصر، ولا بد من وقفة حازمة لاستعادة أمن الشارع المصرى والمضى قدمًا فى تأمين المواطنين والشروع فى خطوات المرحلة الانتقالية للتحول الديمقراطى من انتخابات وتدوين لجنة الدستور واختيار رئيس الجمهورية حتى تحقق الثورة أهدافها بعيدة المدى بهذا التحول الديمقراطى.
وطالب فضل الشباب بأن يكبحوا جماح تصرفاتهم، ولا بد من وضع حد للتوتر بينهم وبين الشرطة لعودة الشارع إلى إيقاعه الطبيعى.
وفى نفس السياق، قال الشاعر الدكتور علاء عبد الهادى إن قرار رئاسة الوزراء باللجوء إلى قانون الطوارئ يثبت على نحو قاطع أن الذهاب إلى ميدان التحرير غير كافٍ لتطهير فلول النظام، وأن اللجوء لـ"الطوارئ" يعد أكبر التفاف على الثورة المصرية.
وأضاف أظن أن حالة الإعلام المصرى الآن فاقت صفة الكارثة ولم تكن على هذه الدرجة فى عهد الرئيس المخلوع، وأن ما قاله أسامة هيكل وخطط الإعلام التى شهدناها فى فترته القصيرة تقول إن أنس الفقى وفاروق حسنى وبطرس غالى وأحمد نظيف وغيرهم مازالوا يتحكمون فى مقدرات هذا الشعب.
وأكد عبد الهادى أنه لم تأت الثورة من أجل أن يعاد قانون الطوارئ من جديد، وأن يحكم أعضاء من لجنة السياسات وأن تتم الرقابة فى أسوأ أشكالها على المحطات والصحف وأن نرى كل أبواق النظام السابق على صفحات الجرائد، ووصف عبد الهادى الوزارة الحالية بأنها تمثل برمتها وحلاً استطاعت أن تمتص فى الشهور الأخيرة قبضة الثورة ولوثتها فى آنٍ.
وعبر الروائى يوسف القعيد عن قلقه وحيرته على مصر، وما هى مقبلة عليه وما شعر به حينما تابع الأحداث التى تلت مليونية "تصحيح المسار" وما مثلته له من خوف على الدولة المصرية، وبداية تفكيكها، إلا أنه فى نفس الوقت شدد على رفض التام للجوء إلى القانون الطوارئ بدعوى الحفاظ على السفارات والبعثات الدولية والدبلوماسية داخل الأراضى المصرية.
وقال القعيد إن هناك ثلاثة ملفات يجب على الحكومة أن تهتم بهم فى وقتٍ واحد، الأول وهو أمن الوطن، حيث رأى أن رجال الشرطة لا يرغبون فى النزول إلى الشارع، والثانى وهو الملف القانونى والسياسى، أما الثالث فهو الملف الاجتماعى وأن مصر فى القريب العاجل معرضة للوقوف على أبواب ثورة الجياع.
ووصف القعيد اللجوء إلى قانون الطوارئ بأنه انتقال من إهمال وغياب مطلق إلى اهتمام مطلق كان مبارك ونظامه يعتمدون على نفس هذه الآليات، مضيفًا "كنت أتمنى وأنا أسمع وزير الإعلام وهو يحدث عن حماية السفارات أن يشدد على حماية المصريين، فحماية المصرى أهم بكثير من حماية سفارة إسرائيلية.
وأوضح القعيد أن مصر لا يجب أن تدار من خلال منطق "الفعل ورد الفعل" ليكون قانون الطوارئ هو الحل ولكن الرؤية الإستراتيجية هى التى يجب أن تعتمدها مصر فى سياستها، لما تمثله من ثقل فى العالم، متمنيًا أن نشهد الأيام القادمة هدوءا لنتمكن من التقاط الأنفاس.