جيهان فوزى

الجدار العازل والقلة الجوفاء

الإثنين، 12 سبتمبر 2011 10:53 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أين هى القلة القليلة التى لا تعبر عن نبض الشارع المصرى، التى تحدث عنها السفير المصرى فى تل أبيب ياسر رضا فى اللقاء الذى جمعه بوزير الداخلية الإسرائيلى إيلى يشاى؟

السفير المصرى قال خلال اللقاء: "إن العلاقات بين مصر وإسرائيل لن تنقطع أبدا، ولا توجد أدنى مخاوف أو قلق من قطع العلاقات الدبلوماسية والسياسية بين البلدين، لأن الأصوات فى مصر التى تطالب بإلغاء السلام مع إسرائيل وقطع العلاقات معها ليست سوى أصوات قليلة وجوفاء وغير مؤثرة على الإطلاق".

وقبل أن نتساءل عن حقيقة هذه التصريحات الغريبة التى أطلقها السفير، التى إن قيلت فإنها لا تعبر إلا عن صاحبها، فإن تحرك الجماهير الحاشدة فى جمعة تصحيح المسار نحو السفارة الإسرائيلية وهدم الجدار العازل الذى بنى حولها لتأمينها، هو أبلغ رد على هذه التصريحات غير المسئولة، لتؤكد لسعادة السفير بدورها أن هذه القلة هى ملايين من الشرفاء الذين يرفضون ما جاء على لسانه نيابة عنهم، وربما ذكرهم هذا الجدار بالجدار العازل الذى تبنيه إسرائيل فى الأراضى المحتلة، وتقطع من خلاله أوصال المدن الفلسطينية على السكان للوصول إلى قراهم وبلداتهم، فبات كابوسا يشكل لهم معاناه يومية قاسية يتكبدون خلالها مشقة الوصول إلى بيوتهم وأراضيهم تحت ذريعة الأمن الإسرائيلى أولا، فقد جاء حديث السفير ليعبر عن رأى الحكومة السابقة التى لازالت أصداؤها فى كل مكان، فمن خوَل السفير الحديث باسم الشعب، ومن أعطاه الحق فى وصف الرافضين لعلاقات مصر بإسرائيل بالقلة الجوفاء وغير المؤثرة.

كان حريا بسيادة السفير ياسر رضا بدلا من تمنى سرعة إنجاز التحقيق فى مقتل الجنود المصريين على الحدود، أن يوضح لوزير الداخلية الإسرائيلى حجم الغليان فى الشارع المصرى نتيجة هذه العملية القذرة، والتى أدانت فيها إسرائيل الجنود أنفسهم مبررة فعلتها أنها جاءت بطريق الخطأ، لكن ما حدث هو العكس تماما، ظهر اللقاء وهو يخطب ود الإسرائيليين، ويتهم الرافضين للسلام مع إسرائيل بالقلة الجوفاء، فكان الرد الوحيد على سيادة السفير ما جرى من أحداث مؤسفة أمام السفارة الإسرائيلية، وخلفت خمسة قتلى ومئات الجرحى، الأمر الذى أوغل صدور المتظاهرين وزاد من حدة عنفهم ورفضهم لكل ماهو إسرائيلى فى مصر.

فما الذى دفع الشباب المصرى بالمخاطرة، والذهاب بصدور عارية للتظاهر أمام السفارة الإسرائيلية، وقد كانت فيما مضى حلم بعيد المنال إذا ما أرادوا التعبير عن غضبهم بشكل مشروع أمام الممارسات الإسرائيلية المتغطرسة تجاه الفلسطينيين، أو تجاوزاتها فى حق المصريين على مدار سنوات معاهدة السلام، وكان واضحا أن تلك الممارسات تنقض المعاهدة السلمية بشكل أو بآخر فى كل ما يخص مصالحها، وتضرب عرض الحائط مصالح الآخرين.

طفح الكيل ولم يعد هناك خوف من التعبير مما يوغل فى صدور هؤلاء الشباب اليافع الذى يرفض الذل والهوان فى حق مصيره وحياته، من كبت وخوف تعايش معه سنوات طويلة، لم تتسنى له الفرصة فى حق التعبير الحر المتحضر، وإن كان هناك تجاوزات قد حدثت فلا يمكن تحميلها للثوار الذين تكبدوا عناء إسقاط نظام بأكمله طوال ثمانية عشرة يوما، كانت سلمية تماما، بيضاء من غير سوء لم يخرب فيها الثوار منشأة واحدة، حتى يتنفس عبير الحرية ويعيش حرا منطلقا نحو صناعة التاريخ وحياة جديدة بمعايير جديدة، لم تكن لتتوفر فى ضوء قمع النظام السابق.

ربما التجاوزات التى رشحت أن اقتحام السفارة الإسرائيلية، كان مدبرا بأياد خفية لها المصلحة المباشرة فى تشويه الثورة والقائمين عليها، حق التظاهر مشروع فى أى دولة فى العالم يكفله الدستور والقانون، غير أن التخريب وإشاعة الفوضى فهو منطق يرفضه الجميع، ويحمل الدولة مسئولية كبيرة لا ناقة لها ولا جمل فيها، لأنها ببساطة تفقد الدولة هيبتها أمام المجتمع الدولى، وتجعلها فى نظر العالم دولة ضعيفة لا تستطيع حماية منشآت الدول التى تتمتع بالحصانة البلوماسية من الدولة المضيفة، ففى مصلحة من ما حدث؟ وإظهار الدولة بهذا الشكل المهين، وبعد أن كانت إسرائيل مدانة فى عملية قتل الجنود، أصبحت بفعل قلة مندسة مجنيا عليها، وضعوا الدولة فى موقف حرج، هى فى غنى عنه فى هذه المرحلة الحرجة والحساسة.

إن صوت العقل لابد أن يكون هو الغالب على تصرفات الشباب حتى يفوتوا الفرصة على قناصى الأخطاء، أن يصطادوا فى المياه العكرة.





مشاركة




التعليقات 3

عدد الردود 0

بواسطة:

متابعة

تسلم ايديكى

مقال اكتر من رائع .. كفيتى ووفيتى..

عدد الردود 0

بواسطة:

موسى سعودي

خايف

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد المتولي

الناس دي بتحلم

السفير شكلوا كدا كان بيتابع التلفزيون المصري

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة