كانت هناك مقارنات كثيرة قبل ثورة 25 يناير بين عدة ثورات فى عدة دول، وكان هناك العديد من الباحثين والكتاب المصريين الذين حللوا الثورات فى أوروبا الشرقية وأمريكا الجنوبية ودرسوا أسباب نجاحها أو فشلها، وتم نشر العديد من الدراسات فى عدة صحف أو عدة كتب، وكذلك العديد من مواقع الإنترنت التى تتناول تلك المقارنات.
وبعد رحيل مبارك بدأت مرة أخرى الكتابات والدراسات عن مرحلة ما بعد التغيير، وكيف استطاعت العديد من الدول البدء فى بناء قدراتها من جديد وإقامة نظام سياسى جديد يقوم على التعدد والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والتخطيط العلمى واستغلال موارد الدولة.
وكيف أيضا فشلت الثورة فى دول أخرى، واستطاعت منظومة الفساد والنظام السابق العودة مرة أخرى للحكم من خلال صندوق الانتخابات، واستمرار التحكم فى موارد الدولة والصناعات المهمة.
وقد بدأت موجات التغيير والتحول نحو الديمقراطية فى أوروبا الشرقية فى نهايات السبعينيات وبداية الثمانينيات للثورة على الأنظمة الشيوعية المستبدة فى ذك الوقت، وبالطبع لا يمكن تجاهل الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتى والولايات المتحدة كمعظم الصراعات التى حدثت فى العديد من المناطق حول العالم.
وقد حدثت تغيرات كبيرة فى أنظمة الحكم فى أوروبا الشرقية، فى بولندا ورومانيا وتشيكسلوفاكيا مرورا بصربيا وأوكرانيا وجورجيا.
وبالطبع كل تجربة لها ظروفها، وما لها وما عليها، وكل دولة ومجتمع له خصوصياته وأسبابة للثورة والتغيير.
وبالتأكيد لم تنجح كل هذه التجارب بصورة كلية، فمنها من نجح بعد فترة انتقالية طويلة أو قصيرة كانت تمثل تحديا كبيرا، واستطاعت بعض الدول أن تنهل من نتائج الثورة وتغيير النظام المستبد، وبدأت فى أن تنعم بالتقدم التكنولوجى والصناعى والاقتصادى.
ومنها من نجحت الثورة فيها فى تغيير أشخاص واستمر النظام أو عاد بقوة أكبر.
ومن بين التجارب التى جرى التوقف عندها كثيرا قبل وأثناء الثورة هى التجربه البولندية.
والتجربة البولندية لمن لا يعلم قد كان لها دور كبير فى إلهام بعض المجموعات الشبابية فى مصر فى 2007 و2008 لإنشاء مجموعة تسعى للربط بين التجارب النضالية والاحتجاجات الفئوية التى بدأت فى 2006 بعد ظهور حركة كفاية فى 2005، وقد استمرت الإضرابات والاحتجاجات العمالية والفئوية بقوة فى تلك السنوات، وكان نظام الحكم يسمح بها كنوع من أنواع التنفيس عن الاستبداد وطالما لم يكن بها عناصر سياسية تربط بين المطالب الاقتصادية والمطالب السياسية.
واستمرت العديد من المجموعات الشبابية الصغيرة وعدد كبير من المدونين والنشطاء فى دعم الإضرابات العمالية وربطها ببعضها ونقل التجارب النضاليه من مكان لآخر.
وقد كانت حركة 6 أبريل هى نتاج دعوة عمال المحلة للإضراب فى مصنع المحلة للغزل والنسيج فى 2008، بالإضافة لتواصل النشطاء والمدونين مع الدعوة وتحويلها لدعوة للإضراب العام فى مصر ضد الفقر والبطالة والفساد.
أما بالنسبة للثورة البولندية فقد استمر النضال لسنوات عديدة حنى إنشاء حركة تضامن، وكان للاتحادات العمالية الحرة دور كبير فى تنظيم الجماهير وتوحيد قيادتهم، واستطاعوا تنظيم سلسلة إضرابات متواصلة وواجهوا عنفا شديدا فى البداية حتى استطاعوا النجاح بعد سنوات فى تغيير المنظومة وتغيير قواعد اللعبة وتغيير المنظومة الانتخابية.
والتجربة البولندية بها العديد من الأحداث الكثيرة والتطورات سواء قبل التغيير أو أثناء المرحلة الانتقالية، ويعلم البولنديون جيدا أنهم وبعد مرور 20 عاما من الثورة فإن التجربة وقعت فى العديد من الأخطاء وتطورت كثيرا ولازالت تتطور حتى هذه اللحظة، ورغم النهوض اقتصاديا وسياسيا مرة أخرى فى بولندا فإنهم معترفون أنهم لا يزالون يحتاجون الكثير من الوقت حتى يتم النجاح الأمثل للتجربة، وتطبيق النظام الأمثل الأكثر عدالة مساواة.
رغم أن الزيارة للشباب المصرى كانت بعلم وترتيب الخارجية المصرية والتونسية مع السفارة البولندية فى مصر وتونس، ورغم تزامنها مع زيارة وزير الخارجية المصرى لعدة دول منها بولندا وصربيا، للاستفادة أيضا من تجارب ما بعد التغيير فى تلك الدول.. فإن هناك العديد من الصحف التى بدأت فى ترديد اتهامات غريبة عن تمويل بولندى وأجندات بولندية وهروب لبولندا من أجل تخريب مصر.
وللحديث بقية..