مجهولون يشعلون النار فى أنفاق وغرف «العقيد».. والثوار يعتبرونها محاولة بائسة لإخفاء أدلة إدانة «المخبول»

جدران باب العزيزية تكشف مشاركة أبناء «العشيبات» بمطروح فى اقتحام حصن القذافى

الأحد، 11 سبتمبر 2011 09:59 ص
جدران باب العزيزية تكشف مشاركة أبناء «العشيبات» بمطروح فى اقتحام حصن القذافى جانب من الاحداث
رسالة بنغازى - السيد خضرى ومحمد فتحى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء


كان النفقُ هادئًا، تسير مسافةً طويلةً دون أن تسمع ضجيجًا أو ترى أشخاصًا دفعهم الشغف لمحاولة استكشاف هذا العالم.. على الأرض آثار توك توك مُدمّر وعلى الحوائط أجهزة اتصالات كثيرة، تستشعر الأمان رغم ظلمة المكان، وتوقن أن الأقدام التى وطأته خلال الأسبوعين الماضيين كفيلة بإزالة أسباب القلق والخوف من داخلك.

فى الثامنة صباح الثلاثاء الماضى، قامت «اليوم السابع» بجولة فى باب العزيزية، مقر إقامة الرئيس الليبى المطارد معمر القذافى الذى نجح الثوار فى اقتحامه فى الثالث والعشرين من أغسطس الماضى، البداية كانت أمام البيت الصامد الذى ألقى منه القذافى خطبته الشهيرة بـ»زنجا زنجا» مطالبًا خلالها الملايين بالزحف المقدس للقضاء على من وصفهم بـ«المهلوسين» ثم كانت المرحلة الثانية داخل أحد الأنفاق.

مرت ربع ساعة داخل النفق ولم يتبدل المشهد، أضواء «الكشاف الكهربائى» و«فلاش الكاميرات» التى كانت دليلنا فى تلك الظلمة الحالكة تؤكد أن «الطريق أمان» وأن أحدًا لا يسبقنا ولا يتبعنا، لأن الليبين ما زالوا نيامًا، لكنّ رائحة كريهة تسربت إلى أنوفنا فجأة جعلت المشهد يتبدل تدريجيًا.

توقفت خطانا، وعجز فلاش الكاميرات عن اصطياد مصدر هذه الرائحة التى تداخلت مع رائحة المكان، وقبل أن نصاب بالاختناق ظهرت عن بعدٍ نارُ تنهش فى بعض مخلفات النفق، حريق صغير طازج تنبعث منه أدخنة وليدة اللحظة وحرارة تتسرب فى جدران النفق فتجعل الاقتراب من مصدر اللهب مستحيلاً، أعطيناه ظهورنا وانصرفنا فى الاتجاه الآخر متجولين داخل مملكة أنفاق القذافى التى ترى داخلها مصاعد إلكترونية وتكاتك وتفريعات تقذفك على بعد عشرات الكيلو مترات.

«حريق داخل النفق..!! يا الله لقد عادوا للعبث مجددًا، نحن المسؤولون عن ذلك لأننا لم نفرض رقابة صارمة على هذا المكان».. صدمة كبيرة أصابت شابا ليبيا كان دليلاً لنا فى رحلتنا داخل النفق، وأضاف قائلاً: «هؤلاء أعوان القذافى وأنصاره يتسللون إلى باب العزيزية خلسة فى أوقات نوم الليبيين وتكاسلهم ثم يقومون بتدمير بعض معالم المكان لكنّ دخول الأنفاق لم يكن واردًا فى تحركاتهم السابقة لصعوبة تأمين خروجهم واحتمال اصطيادهم من قبل الثوار».

أماكن كثيرة تجاوزناها، حتى وصلنا الدور الثانى من بيت كبير يقول الليبيون إنه يحوى غرف مبيت القذافى نفسه، بعدها بثوان سمعنا صوتًا يردد تلك الكلمات: «معقول؟.. حريق فى هذا المكان؟ ماذا يفعلون بنا وماذا يريدون من ليبيا».

مستندات وأوراق تم إشعال النار فيها داخل دورة مياة متهشمة كانت السبب فى ضجر هذا الليبى الذى قال: «إذا لم يقم الثوار بتأمين المكان وحمايته فسيدمر الطابور الخامس (فلول ليبيا) معالمه بالكامل».

سرقة منظمة

المشهد داخل باب العزيزية بعد مرور أكثر من أسبوعين على اقتحامه يبدو مختلفًا، فالوافدون إليه فتَرت لديهم نشوة الانتصار التى ذاقوها فى الأيام الأولى، وغابت عن كثير منهم نظرة الحيرة التى تعتلى وجه من يستكشف المكان وأصبحوا الآن غارقين فى التفاصيل ينقبون بحس استخبارى عن كل صغيرة حتى التراب الذى يعلو الأرض يحاولون تحليل ذراته عسى أن يكون «المخبول»، على حد قولهم، قد اختبأ داخل إحداها.

داخل العزيزية أيضًا ينشط السارقون خاصة فى الساعات الأولى من الصباح، وكانت المفاجأة فور دخولنا، رؤية سيارات ضخمة محملة بنجفٍ وإطارات وأقمشة يشير أصحابها بعلامة النصر ويقولون «الله أكبر».

«السرقة داخل باب العزيزية لها أهلها.. هناك مجموعة من «الميكانيكية» يتوافدون لتفكيك السيارات والحافلات كل يوم ويقومون ببيعها بعد ذلك أو استخدامها فى ورشهم، وهناك مجموعة أخرى سارعت وأنهت عملها فى الأيام الأولى بعد الاقتحام إذ تخصصت فى سرقة ملابس القذافى والاحتفاظ بها بغرض عرضها فى مزادات علنية فى الفترة المقبلة».. بتلك الكلمات شرح الشاب سليمان حمدى بعض المستجدات التى طرأت على المشهد داخل بيت العقيد الهارب.

ويضيف الشاب الليبى: «هنا تتوافد جماعات متخصصة فى سرقة الأثاث المنزلى يقولون إنها من المغاربة المتواجدين فى طرابلس وأخرى متخصصة فى سرقة ونهب كشافات الإضاءة وغيرها وكل يؤدى العمل الذى جاء من أجله ثم ينصرف سريعًا» متابعًا: «كثير منهم يستحل سرقة أغراض القذافى ويرى أنه لا حرج فى أخذها لأنها ملك للشعب».

ملابس هناء

قبل 25 عامًا قال القذافى إنه فقد ابنته هناء حين تعرض منزله للقصف من القوات الأمريكية، لكن حديث الفاتح الهارب تأكد كذبه قبل أيام حين كشفت مصادر طبية بمستشفى غرب طرابلس أن هناء كانت تعمل طبيبة فى المستشفى وأنها هربت مع والدها قبل أيام من اقتحام باب العزيزية، وأنهم كانوا مأمورين بالسكوت وعدم التحدث فى هذا الأمر أثناء تولى القذافى قيادة ليبيا.

داخل غرفة هناء عثرت «اليوم السابع» على دليل آخر على كذب القذافى هو فاتورة شراء أحد الأجهزة الإلكترونية تحمل اسم هناء معمر القذافى بتاريخ 14 فبراير 2009 أى قبل عامين فقط، واحتوت الغرفة أيضًا مجموعة من الأغراض المبعثرة والملابس الممزقة، فضلاً عن دورة مياة ملحقة بها تهشمت أجزاء منها.

يلفت الانتباه داخل غرفة الفتاة التى تبناها القذافى كثرة الملابس الداخلية المنتشرة بصورة مُريبة كأن هناء لم تكن ترتدى غيرها، ويقول قاصدو الغرفة والعالمون بتضاريسها إن ملابس هناء الداخلية كانت تصنع لها خصيصًا مستشهدين على ذلك بحرفى «H.M» اللذين طبعا داخل الملابس فى إشارة إلى الحرف الأول من اسمها والحرف الأول من اسم والدها.

وهناك أيضًا انتشار مكثف داخل الغرفة وغيرها من الغرف لمجلات الموضة والأزياء العربية والأجنبية، إذ تحتل الصدارة بين كل المنشورات التى تم العثور عليها داخل العزيزية وتليها المجلات القديمة.

ثوار مطروح
روايات الليبيين عن مساهمة مصريين فى قتال قوات القذافى متعددة، تسمعها فى كل مدينة من المدن دون أن تصل إلى واحد من هؤلاء إذ يفضل الثوار عدم الكشف عن هويتهم خوفًا من تعرضهم أو تعرض ذويهم لمضايقات فى مصر.

داخل البيت الصامد تنتشر بكثافة كبيرة على الجدران كتابات للثوار، تتنوع بين السخرية من القذافى وأولاده وتمجيد الثورة وثناء على صبر أبنائها إلى غير ذلك، ومن بين تلك الكتابات ما حفر داخل الدور العلوى للبيت الصامد إذ كتب «ثوار مطروح، قبيلة العشيبات».

ويقول رواد العزيزية إن تلك الكلمات كتبت فى الساعات الأولى لاقتحام المكان مؤكدين أن بعض المصريين الموجودين فى ليبيا من قبيلة العشيبات شاركوا بكثافة فى العمليات العسكرية التى استمرت قرابة سبع ساعات لإسقاط باب العزيزية.



















مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة