د. طارق النجومى يكتب: رئيسى نائمًا

السبت، 10 سبتمبر 2011 11:00 م
د. طارق النجومى يكتب: رئيسى نائمًا إعدام صدام _ صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
شهد التاريخ الحديث محاكمات لزعماء ورؤساء كثيرين.. بدءا من محاكمة عظيم مصر محمد كريم حاكم الإسكندرية، الذى وقف شجاعا جليلا مهابا من جلاديه مقدرًا من مواطنيه.. سطر موقفا فريدا لقائد يرفض فداء نفسه بالمال وقضى شهيدا من الأبرار مكللا بالغار.. ويشاء العلى القهار أن يحاكم قاتله نابليون بونابرت بعد ذلك بسنوات.. يساق مقيدا بالأغلال إلى منفاه حتى الممات.

وتأتى محاكمة القائد أحمد عرابى ويقف يدافع عن نفسه باستدراك شجاعة وعزم كان قد خانه يوم أن قبل فى لحظة ضعف أن يسلم نفسه لأعداء وطنه.. حكم عليه بالإعدام ثم النفى إلى الخارج.
ويشاهد العالم كله شجاعة وبأس شيخ كبير وقائد عظيم والحكم عليه بالإعدام بعد محاكمة استغرقت ساعة من الزمان.. وقف عمر المختار يدافع عن نفسه بثقة المحارب الواثق من قضيته وجهاده.. كانت آخر مانطق به كلمات ستبقى خالدة على مر الزمان.. نحن لا نستسلم.. ننتصر أو نموت.. وهذه ليست النهاية.. بل سيكون عليكم أن تحاربوا الجيل القادم والأجيال التى تليه.. أما أنا.. فإن عمرى سيكون أطول من عمر شانقى.

وتأتى مشاهد محاكمات قائدى النازى بعد الحرب العالمية الثانية والحكم عليهم بالإعدام فى محاكمات غلب عليها شهوة الانتقام ممن كتب له الانتصار.
ثم رأى العالم محمد مصدق، رئيس وزراء إيران، الذى عزل شاه إيران الذى هرب إلى إيطاليا واستعان بالمخابرات الأمريكية والبريطانية للعودة للحكم.. دافع الرجل عن نفسه بشجاعة منقطعة النظير.

وتمر سنوات طويلة لنشاهد محاكمة فريدة سريعة غريبة لمدة دقائق معدودة يتبعها تلاوة قرار الإعدام لتشوسيسكو.. أظهر الرجل قدر ما استطاع من الثبات وأعدم وهو ينظر بعينين مفتوحتين فى عيون من أعدموه.

وجاء يوم وشاهدنا رئيس العراق صدام حسين يدافع عن مبادئ اعتنقها وآمن بها بقوة وعزم أثارت إعجاب أعدائه قبل أصدقائه وأعدم وهو ينظر بعينين ثابتتين ووجه مكشوف لجلاديه الذين يضعون على وجوههم أقنعة الكسوف.
مرورا بمحاكمة رئيس الصرب راتكو ملاديتش.. يقف الرجل يدافع عن نفسه بوجه صلد حتى آثر فى النهاية وضع حد لحياته والانتحار.

وتأتى محاكمة سفاح الصرب رادوفان كراديتش ليقف ثابتًا ليدافع عن نفسه أمام تهمة قتل مئات الآلاف بدم بارد ووحشية لم يسبق لها مثيل..
وتأتى إرادة رب العباد وجاء يوم فريد غير مسبوق فى تاريخ مصر.. شعب كان قد رضى بالذل والانكسار والهوان والانحدار.. أظهر روح الفرسان وعلى الظلم ثار كموج هدار.
وأتى الدور عليك، ولكنه جاء بمنظر جديد على الأنظار.. لم يسبقه له أحد قبلك من الظلمة ولا الأحرار.. تواجه الأقدار مغمض العينين ممدا فى حالة انهيار..!!

حالة فريدة جديدة لا تليق بتاريخ ولا برئيس ولا قائد كان فى قمة السلطة ورأس الدولة ثلاثين عاما طوال تسبقها سنوات طويلة كرجل عسكرى له تاريخ خضت فيه معارك ونزول.

خضت آخر معاركك التى لم تقدرها فأضعت وضعت.. معركة التشبث بالسلطة والجاه والنفوذ.. خضتها بكل ماتمتلك من قوة.. لم تستمع لصوت الملايين الهادر.. فكانت معركة الضياع والانهيار.. والخروج مكللا بالعار.. أبديت فيها عدم الاكتراث بإرادة شعب أراد منك التنحى وعتقه من العبودية والذل والهوان.

أن ماتبديه من روح الانكسار لا يدعو إلى الرثاء ولكنه يدعو للازدراء.. الموت آت.. قد يكون من خلال محاكمة وحكم أو لا يكون.. ولكنه من المؤكد أن يكون من خلال فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون.. فأنت ميت ونحن ميتون.. سيدى الرئيس السابق إذا لم يكن من الموت بد فمن العار أن تموت نائمًا.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة