هل تقبل أن تسمع هذا الخبر؟ وهل يمكن أن تتوقع أن يصدر حكم ببراءة مبارك من التهم المنسوبة إليه وأهمها قتل المتظاهرين؟ ماذا لو أخذت المحكمة بالأدلة المرتبة والمنمقة التى يقدمها محاميه "الديب" وهل يقبل أى منا بفكرة أن مبارك برىء حتى تثبت إدانته؟
بالطبع فإن أيا من هذه الاحتمالات غير مقبول عند أغلبنا، وأن جميعنا حتى من يرفضون محاكمة رموز النظام السابق فى محاكم خاصة أو استثنائية أو محاكم ثورة بدعوى ضمان تحقيق العدالة التى كانت من أهم المطالب التى قامت من أجلها ثورة 25 يناير، أو كى نقدم نموذجا فريدا للعالم بهذه الثورة التى تطبق مبدأ العدالة حتى مع أعدائها، أوحتى لضمان عودة الأموال التى هربها رموز النظام السابق للخارج - والتى لا تقبل الدول التى تم تهريب هذه الأموال إليها إعادتها إلا بموجب أحكام إدانة صادرة من قضاء مدنى عادى وليس استثنائيا- حتى وإن كانت كل هذه المبررات والأسباب منطقية ومقبولة، إلا أن ماهو مؤكد أنه حتى أشد المقتنعين بها لن يقبلوا أن تصدر أحكام ببراءة رموز النظام السابق وخاصة مبارك ووزيرداخليته حبيب العادلى ووريثه جمال ولن نقبل إلا بإدانتهم، وأن أى حكم غير ذلك قد يشعل نار الثورة من جديد، ويقلب الأمور رأسا على عقب، ويؤدى إلى فتنة كبرى قد تهدد أمن الوطن، وتشعل الفتنة بين الشعب والجيش، وتؤدى إلى فقدان الثقة فى القضاء الذى سيحكم بما أمامه من قوانين وأحكام ارتضينا أن تكون هى الفيصل فى محاكمة الرئيس المخلوع ونظامه البائد، وكذلك بأدلة وقرائن وشهادات شهود غالبا ما أثر على كل منها بقاء عدد من رموز هذا النظام ومعاونيه فى مناصبهم حتى بعد انتصار الثورة وتنحى المخلوع ليعبث كل منهم ويتلاعب بكل الأدلة التى يمكن أن تدين رؤوس هذا النظام وأذنابه وأذياله، حيث ظل المخلوع وأبناؤه وعدد من رموز نظامه طلقاء لفترة أظن أنها كانت كافية لإخفاء كثير من الأدلة والقرائن والأموال ولإعداد الخطط مع فلوله لإشاعة الفوضى التى توعدنا بها مبارك قبل تنحيه. كل هذا نراه رأى العين مع كل جلسة من جلسات محاكمة المخلوع وأبنائه ووزير داخليته ورجاله.. شهود إثبات يتحولون إلى شهود نفى، وأدلة يتم محوها – كالسى دى الذى كان يحوى كل الاتصالات بين قيادات الداخلية خلال أيام الثورة – وفتنة تشتد بظهور من يسمون أنفسهم أبناء مبارك واشتباكهم مع أسر الشهداء أمام المحكمة، وهتافهم باسم المخلوع ورفعهم صوره خارج قاعة المحكمة وداخلها، وقد بات صوت هؤلاء يعلو شيئا فشيئا فيظهرون على وسائل الإعلام وينشطون فى أماكن عديدة إذا أضفنا لكل هذا قدرة ودهاء "الديب" محامى مبارك الذى قال عنه البعض إن لديه القدرة على الدفاع عن الشيطان وتبرئته، وإذا أخذنا فى الاعتبار أن المحاكم المصرية تشهد لأول مرة مثل هذه القضايا غير العادية ومع ذلك يتم التعامل معها بالإجراءات وطرق التقاضى والقوانين العادية، وهو ما يمكن ألا نستبعد معه صدور حكم ببراءة مبارك، أو حتى وزير داخليته حبيب العادلى بشىء من حيل المحامين وخبرتهم فى التلاعب بالقوانين والأدلة.
فهل يتخيل أى منا وقع وتأثير هذا الحكم الذى تقتضى مبادئ عدالة المحاكمة - طبقا للقوانين التى ارتضيناها - أن نراه احتمالا قائما وأن نكون على استعداد لقبوله، وإلا فإن المحاكمة العادلة التى نرفع شعارها ستكون بعيدة كل البعد عما يحدث الآن وعما يمكن أن يحدث إذا ما صدر هذا الحكم، حتى مع ما يبذله القضاة الذين ينظرون هذه القضايا وعلى رأسهم المستشار أحمد رفعت من تحرى العدالة والدقة فى كل التفاصيل أثناء نظر هذه القضايا، ولكنه فى النهاية يحكم بما هو متاح أمامه من أدلة وقوانين وشهادات.
كل هذا يجعلنا نتساءل عما يمكن أن يحدث إذا ما صدر حكم البراءة على هؤلاء الذين أجرموا فى حق كل مواطن مصرى ناله نصيب من فسادهم وطغيانهم ولن يقبل بأى حال من الأحوال أن يبرئهم القضاء، وأن يخرج أى من هؤلاء المتهمين ومن أنصارهم أمام العالم ليعلن أن الثورة ظلمت هؤلاء الأبرياء الذين برأهم القضاء المصرى، وحينها قد ينقلب بسطاء كثيرون على الثورة بل وقد ينضم الكثيرون إلى مؤيدى مبارك وتشتعل الفتنة وتتحول الثورة إلى فوضى، فهل يقبل أى منا هذا الاحتمال؟
أرى أن أى سيناريو آخر قد يكون مقبولا عن هذا السيناريو، وأنه حتى وإن كان الكثيرون يرفضون المحاكمات الاستثنائية أو محاكم الثورة لمحاكمة الرئيس المخلوع ونظامه فإنهم سيقبلونها أو سيقبلون أى حل آخر إذا كان البديل عن ذلك هو براءة مبارك ونظامه طبقا للمحاكمات الحالية. وإذا كنا لا نقبل هذا الاحتمال فعلينا أن نتداركه قبل أن نصل إليه بأى إجراءات يمكن اتخاذها حتى لا نجهض آمال الشعب فى أن يتمكن من القصاص من جلاديه بألاعيب المحامين، وعدم كفاية الأدلة، أو بقدرة أذناب النظام على محوها، وقبل أن نصل الى ذلك سيكون اللجوء إلى الاحتكام إلى محاكم خاصة أو إلى قانون الغدر أو أية محاكمات استثنائية تضمن عدم إفلات من أجرموا فى حق الشعب من العقاب - رغم الاعتراضات عليها- أفضل بكثير من براءة هؤلاء، وما يمكن أن يترتب عليها من أحداث وفتن. فإذا كان ما يقرب من 67% من الشعب المصرى طبقا لدراسة أجراها مركزمعلومات مجلس الوزراء يؤيدون صدور حكم الإعدام على مبارك ونسبة 69% ترى أن المحاكمات فى قضية قتل المتظاهرين تسير ببطء، فبالتأكيد لن يقبل الشعب مجرد احتمال أن يصدر حكم بالبراءة على مبارك ووزير داخليته فى هذه القضايا، لذلك علينا أن نفكر فى هذا االاحتمال وأن نعمل على تداركه بكل الطرق قبل أن نصل إليه لأن وصولنا إليه يعنى فشل ثورتنا التى دفعنا ثمنها من دماء وأرواح وأجساد زهرة شبابنا.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
واضح
منتهى السخف
هو انتو مش لاقين حاجة تكتبوها بلاش تكتبوا
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرية
يجب ان نحترم قرار المحكمة ايا كان
عدد الردود 0
بواسطة:
ميرو
مقيش فايدة
عدد الردود 0
بواسطة:
أبو مريم
نعم الرأى
عدد الردود 0
بواسطة:
م.محمد فاروق
رأيك لا يصلح لمصر العظيمة
عدد الردود 0
بواسطة:
k
الاجابة براءة
عدد الردود 0
بواسطة:
متابع
لحساب من تعملون
عدد الردود 0
بواسطة:
ميشو
مقال راااااااااااااااااااااااااااااااائع
عدد الردود 0
بواسطة:
أين عقلي
كنتي فين
عدد الردود 0
بواسطة:
مجدي المنسي
الدنيا ريشة في هوا