يجمع علماء الانثروبولوجى على أن مواطنى الوطن العربى من المحيط إلى الخليج يسبحون فى فلك واحد تجمعهم لغة واحدة على اختلاف لكناتها.. دين واحد يعم أرجاء المنطقة وعادات وتقاليد متشابهة إلى حد كبير تعود بالأساس إلى الجزيرة العربية التى نقلت عاداتها وتقاليدها مع الإسلام إلى كل ربوع المنطقة.. وأن الاختلافات بين تلك الشعوب ظاهريه وغير جوهرية وتعتبر اختلافات فى التناول ولكن الأصل واحد.. هكذا تقول معظم دراسات الأنثروبولوجى المنشورة على الإنترنت لتلك المنطقة المتسعة المسماة بالوطن العربى.. والحقيقة أن معظم الدارسين وأنا منهم قد استسلمنا لهذه القاعدة، ولم نحاول أبدا أن نحيد عنها، بينما أثبت الربيع العربى الأخير فشل هذه النظرية تماما وتحديدا ملف التوريث فى الحكم الذى كان وما زال هو أساس الحكم فى بلاد المسلمين منذ الدولة الأمويه وحتى اليوم.
نجد اليوم سكان اليمن وهم من أصل سكان الجزيرة العربية، كان التوريث هو السبب الرئيسى فى خروجهم على الرئيس عبد الله صالح بينما باقى الجزيرة العربية يعد فيها التوريث أحد أسباب استقرار الحكم، وأهم ركائزه.. وتجد التوريث فى مصر هو الداء الأعظم وكبيرة الكبائر التى خرجت مصر كلها عن بكرة أبيها لرفضه فى ثوره 25 يناير.. بينما جيرانها فى الأردن والسعودية لا يتصورون الحياة، ولا النظام السياسى بدون توريث.. والأغرب أن الشمال الإفريقى الملتهب اليوم فى ليبيا بسبب توغل أبناء القذافى فى الحكم والاتهامات لعائلة بن على التى كانت وقود ثورة تونس وعائله بوتفليقة فى الجزائر.
وتجد التوريث فى المغرب هو أحد أهم أسباب الاستقرار وأحد أهم ركائز التنمية.. الأغرب أن تجد قناة فضائية مثل الجزيرة التى تبذل الغالى والنفيس فى محاربة التوريث تخرج من دوله لا تؤمن بالتوريث فحسب، بل إن كل من هو وزير أو مسئول فى تلك الدولة هو من عائلة الأمير.. فنجد أهم محاربى التوريث نفسه وقد انتقل من التوريث إلى احتكار السلطة.. هذا التناقض الواضح وهذا الشرخ الظاهر بين جناحى الأمة العربية كجمهوريات وممالك أهديه إلى علماء الاجتماع والسياسة والأنثروبولوجى للبحث والتمحيص، ربما وصلت الدراسة إلى ابتداع نظام حكم جديد مستقر وراعٍ للتنمية والمواطن، تتحرك به الدولة الإسلامية خطوات إلى الأمام وتحقق به الريادة على مستوى العالم، لتستعيد أمجاد الدولة الأيوبية، والعثمانية وأمجاد محمد على باشا.
هشام الصادق يكتب: ملف التوريث.. الذى قتل الجمهوريات وأحيا الممالك والإمارات
الخميس، 01 سبتمبر 2011 06:29 م