أدت جمعة «لم الشمل ووحدة الصف» أو مليونية لم الشمل، التى دعت إليها تيارات الإسلام السياسى، والأحزاب والقوى السياسية، وائتلافات الشباب والحركات الاحتجاجية، ومنسقو الحركات المعتصمة فى ميدان التحرير، وحددت لها يوم الجمعة 19 يوليو، أى الجمعة الأخيرة، قبل شهر رمضان المعظم.. أدت إلى انقسام حاد بين قوانين الأولى «مدنية» تفصل بين الدين والسياسة «وفى غير خصومة مع الدين» وتسعى لإقامة دولة مدنية ديمقراطية حديثة فى مصر، والثانية تحالف من جماعات الإسلام السياسى يسعى لإقامة دولة دينية إسلامية أو دولة مدنية «ذات مرجعية إسلامية»، وكلاهما يؤدى إلى نفس النتيجة.
وتتحمل قوى وجماعات الإسلام السياسى ممثلة فى «السلفيين - الجماعات الإسلامية - جماعة الإخوان المسلمين» مسؤولية هذا الانقسام، بعد أن ضربت هذه الجماعات - خاصة السلفيين - عرض الحائط باتفاقها على عدم رفع شعارات تحض على الفرقة والتفتت، والتوحد حول أهداف الثورة وتحقيق مطالبها وأمانيها.
قام السلفيون وحلفاؤهم بحشد عشرات الألوف من جميع مدن مصر فى ميدان التحرير بالقاهرة تم نقلهم فى أكثر من 1400 أوتوبيس، بعد أن أعلن د. خالد سعيد - المتحدث باسم الجبهة السلفية - أن حشدهم فى ميدان التحرير لسيل من الإسلاميين يهدف إلى معرفة العلمانيين المطالبين بالدستور أولاً حجمهم الحقيقى، وللمطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية، وتأكيد أن القرآن والسنة فوق الدستور، وإعلان «عبدالمنعم الشحات» المتحدث الرسمى باسم الجماعة الإسلامية أن مشاركتهم فى مليونية الجمعة بهدف الاحتجاج على وثيقة المبادئ الحاكمة للدستور التى تؤكد مدنية الدولة، وتطهير الميدان من العلمانيين الذين اغتصبوا الميدان!
وأقامت جماعات الإسلام السياسى 12 منصة ضخمة أكبرها المنصبة الرئيسية بجوار الجامعة الأمريكية، ووضعوا لافتات ضخمة مكتوب عليها «مبادئ فوق دستورى = تنفيذ أجندات أجنبية» و«لا لأعداء الشعب والوطن الذين يريدون تغيير الإرادة الشعبية» وتعالت هتافاتهم: «إسلامية إسلامية.. لا شرقية ولا غربية» و«الشريعة بدمائنا»، و«ارفع رأسك فوق فأنت مسلم»، و«لا إله إلا الله العلمانى عدو الله» و«يا أوباما يا أوباما.. كلنا هنا أسامة» فى إشارة لأسامة بن لادن، وأعلن الشيخ المحلاوى أن ثورة 25 يناير هى ثورة إسلامية، واعتبر أمين عام حزب العدالة والحرية «الإخوان المسلمين» أن المعتصمين فى ميدان التحرير خارجين عن الإجماع الوطنى، وأن مصر لن يحكمها ليبرالى أو علمانى وسيحكمها إسلامى، وتم رفع أعلام المملكة العربية السعودية فى الميدان بصورة ملفتة للنظر، وعلى حساب الأعلام المصرية التى لوحظ تراجع عددها لأول مرة منذ ثورة 25 يناير، ومع كثرة الذين ارتدوا «الجلابية» القصيرة وأطلقوا ذقونهم بدا واضحاً هيمنة الإسلام الخليجى أو البدوى على هذه الجموع!
ووسط هذه الشعارات والهتافات «الإسلامية» أعلنوا تأييدهم للمجلس العسكرى والحكومة وهتفوا «يا مشير يا مشير عايزينك أنت الأمير».
وجاء رد فعل الأحزاب والقوى والحركات المدافعة عن دولة مدينة ديمقراطية حديثة مسؤولاً، فقرر 34 حزباً وحركة الانسحاب من الميدان لتجنب الصدام، خاصة بعد قيام حشود الإسلاميين بتمزيق صورة جمال عبدالناصر المعلقة فى الميدان منذ شهور، ولكن الانسحاب كان بمثابة تأكيد أن الانقسام أصبح حقيقة واقعة.
ولا يتحمل السلفيون وحلفاؤهم مسؤولية ما جرى وحدهم، فالقوى المدنية من ليبراليين ويساريين وقوميين يتحملون جزءاً من المسؤولية.
فحزب الوفد الليبرالى، حزب ثورة 1919 وسعد زغلول ومصطفى النحاس يفاجئ الجميع بإعلان تحالفه مع الإخوان المسلمين لحسابات انتخابية صغيرة.
وأحزاب «التحالف الديمقراطى من أجل مصر» تتبنى فى وثيقة المبادئ الأساسية التى وقع عليها 28 حزباً نص المادة الثانية لدستور 1971 الساداتى وتعديلها عام 1980، وهى المادة التى تؤسس لدولة شبه دينية فى مصر وتقدم سنداً لكل تيارات الإسلام السياسى ودعاة الفتنة الطائفية وتميز ضد أتباع الديانات الأخرى، ولا يغير من هذه الحقيقة إضافة فقرة تقول: «مع حق غير المسلمين الاحتكام إلى شرائعهم فى الأحوال الشخصية» فالمادة فى صياغتها الأصلية لا تتحدث عن الشريعة الإسلامية فيما يتعلق بالأحوال الشخصية، بل بالنسبة للتشريع فى كل شؤون الدولة، وتقول نصاً: «ومبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع»، وتتجاهل أحزاب وقوى التحالف الديمقراطى الصياغات التى طرحتها قوى عديدة لحل مشكلة هذه المادة والتى تقول: «ومبادئ الشرائع السماوية والقيم العليا للأديان مصادر رئيسية للتشريع».
وهنا الموقف المتراجع أمام جماعات الإسلام السياسى يمد هذه الجماعات بقوة إضافية، ويجعل الحديث عن «دولة مدنية ديمقراطية حديثة» فى مصر يفتقر للجدية والاتساق.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
سامى
اين هذا الانقسام الذى تتحدث عنه
عدد الردود 0
بواسطة:
أسامة الشريف
وَشّ !!!
عدد الردود 0
بواسطة:
واحد من المسلمين
و الله لينتصرن الاسلام
عدد الردود 0
بواسطة:
اد/محمدعباس
االاسلام واصول الحكم
عدد الردود 0
بواسطة:
hussien
مووووووووووووووووووووووووووت بغيظك
عدد الردود 0
بواسطة:
اسلام منصور
كلام مرسل
عدد الردود 0
بواسطة:
الحر
السيناريو
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد المصري
إن شاء العلمانيون أم أبوا ستكون بإذن الله إسلامية
عدد الردود 0
بواسطة:
soliman
مفيش فايدة
عدد الردود 0
بواسطة:
د احمد
مكر العلمانيين