عندما تحاول أن تحدد ملامح الشخصية المصرية تنتابك الحيرة، فهى ليست بالكتاب المفتوح الذى يسهل قراءته، كما أنها ليست باللغز صعب الحل، ولكنها شخصية ذات طابع خاص، فإذا أطلقت لذاكرتك العنان وجدت شعب مصر يعانق أحضان التاريخ ليمده بإشعاع الحضارة التى أبهرت العالم، والتى لا تزال تحمل فى طياتها الكثير من الأسرار التى تعكس درجة كبيرة من الشموخ والمهارة والرقى، وإذا نظرت إلى هذا الشعب نظرة طويلة ممتدة من أعماق الماضى إلى مستجدات الحاضر وجدته حليماً صابراً، بل وربما يمتزج صبره بالمزاح وخفة الظل حتى فى ظل الشدائد والحروب وغيرها من نوائب الدهر التى تواترت عليه، والتى كان لبنائه النفسى القوى ونزعته الدينية أثر كبير فى زيادة مرونته وقدرته على تحملها.
ولكن يخطئ من يخلط بين الصبر والاستسلام، وهذا ما يجب أن تعلمه الدنيا عن هذا الشعب، وهذا ما يجب أيضاً أن يعلمه كل من يطمح لقيادته, فقد تبين للجميع الآن أن الضغط المتواصل على وتر الصبر يقطعه، وأن الحليم عندما ينفذ صبره يصبح كالبركان الثائر الذى لا يهدأ إلا بعد أن يُخرج كل ما يعتمل بداخله. علينا إذن شعباً وقادة أن ندرك طبيعتنا الخاصة ونتعلم من تجاربنا فى الماضى والحاضر، ولندرك أننا أمام بداية جديدة هى على الأصح مفترق الطرق ينتظر عندها التاريخ مترقباً لمحاولاتنا الصادقة لاستعادة توازننا وتحقيق طموحاتنا التى لن تتحقق إلا بالإيمان الصادق بأنه لا مفر من ضرورة تلاحم كل عناصر المجتمع لتخطى هذه المرحلة الخطيرة، والتى ستكون بلا شك ذات مردود شديد التأثير على كيان مصر، وعلى شخصية الإنسان المصرى فى المراحل المقبلة، وإذا أردنا أن نتعلم من أنفسنا فليعلم كل منا فى موقعه، ويعلم كل من يهمه الأمر أن يتقى شر الحليم إذا غضب.
صورة ارشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
سحر
كلام مظبوط
هذا صحيح ولقد أثبتت ثورة 25 يناير صدق هذا الكلام
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد
مقال رائع
نعم الضغط المتواصل على وتر الصبر يقطعه