عبد الباقى الدوى يكتب: بطل من ورق

الجمعة، 05 أغسطس 2011 08:31 م
عبد الباقى الدوى يكتب: بطل من ورق

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بدايةً المقصود من العنوان، هو كل من يحاول أن يدعى البطولة، أو ينسب عملا عظيما لنفسه، أو يرى الأفضلية فى نفسه على الآخرين، دون أن يكون له ما يؤيد كلامه، ويثبت ادعائه الكاذب، أو يمُن على الناس بخدماته وإنجازاته التى تكرم وتعطف وأسداها للشعب، وهى فى الأصل من صميم عمله، وجزء من واجبات وظيفته، ومسئوليات منصبه، التى يتقاضى عنها راتبه، تماما مثل المجذوب الذى يحمل سيفا خشبيا، ويهدد به المارة، ويتخيل أنه سلاح مؤثر وقاتل يستطيع أن يحقق به النصر.
منذ زمن بعيد، دأب أركان النظام السابق، وجوقة المنتفعين المحيطين به، على تكرار القول بأن الرئيس السابق، خدم مصر كثيراً، وقدم لها أعمالا عظيمه، وفى عهده أُقيمت المشاريع العملاقة، وغير ذلك من الكلام الذى شاع وقت أن كان فى السلطة، وحتى الآن، دائما يؤكدون أنه كان صاحب الفضل فى نهضة مصر، وأنه لم يتوان عن بذل كل غال ونفيس من أجل الوطن، وكم كان الإعلام الحكومى من قنوات التليفزيون والصحف القومية، وبعض الصحف الخاصة، تخرج علينا بعناوين ضخمة، وبتغطية واسعة عن الخدمات الجليلة، والنعم الجزيلة التى كان يغدقها بسلامته على مصر، وكيف أن هذا المشروع الذى افتتحه الرئيس، سيكون سببا للنهضة والتقدم، ولولا حكمة وبعد نظر الرئيس، ورؤيته الثاقبة....إلخ من قبيل تلك الدندنة التى كانت سائدة، وكانت تمجد كل لفته أو حركة أو كلمة من سيادته.
وكم كان حجم النفاق والرياء، الذى كان يتمتع به المنتفعون، والمسئولون فى الحكومة والحزب، قبل وبعد افتتاح أى مشروع قومى، وهم يخرجون علينا بتصريحاتهم النارية، ويتفننون فى إغداق التهانى للشعب، بمناسبة خدمات الرئيس، ويعدون بالخير الوفير، والحياة الرغدة، والعيشة المترفة التى تنتظر الناس بمناسبة قيام سيادته بافتتاح المشروع الفلانى، وأن سيادته عندما يزور مكان الخير يأتى معه.
المهم تناسى المنتفعون من النظام السابق، فى الماضى وحتى الحاضر، أن يخبرونا ما هو عمل الرئيس السابق، الذى يتقاضى عليه راتبه، هذا الراتب الذى أتحدى أن يستطيع أن يحدده لنا أى مسئول فى الدولة، كان الرئيس مجرد موظف كبير، يعمل عملا ويأخذ عليه أجرا، ولم يكن يعطى مصر شيئا لله، أو كان يتصدق على الشعب بعمله فى الرئاسة، فكل المشاريع التى تمت فى عهده البائد، وكل المدن والمصانع التى أنشئت فى أيامه السوداء، كانت من صميم عمله، الذى كان يتقاضى عليه راتبه، لم يكن يعمل لله، عملا تطوعيا دون مقابل.
علاقات مصر الخارجية واتفاقات التعاون مع الدول، أياً كانت اقتصادية أو عسكرية أو ثقافية وغيرها، هى من صميم عمله، وليست أعمالا إضافية يتبرع بها من أجل مصر، وليست خدمات وأعمال بر، يشكره الشعب عليها، ويسبح بحمده شكرا وعرفانا على مجهوده، بل هى من واجبات الوظيفة التى أخذ على عاتقه أن يتحملها ويؤديها بكفاءة وأمانة، والشعب كان يرد له هذا المجهود فى صورة راتب كبير، وحياة رغدة تفوق حياة الملوك، ونعيم ليس بعده نعيم، كان الشعب يعطيه من قوته ومن ماله الكثير، كى يحيا الرئيس حياة القصور، ويلبس أحدث صيحات الموضة، ويوفر له أفخم أنواع السيارات، ويؤثر نفسه بما لذ وطاب من مأكل ومشرب، كل ذلك من ثروات الشعب ومن الضرائب التى كانت تُفرض عليه، الشعب الذى يمُن عليه الرئيس السابق، والشلة المنحرفة التى كانت تحيط به، الشعب هو الذى كان يعطيه الحق فى استخدام كل القصور الرئاسية، التى تضارع أفخم قصور ملوك الخليج فخامة وجمال، بما تحويه من تحف ومقتنيات لا تقدر بثمن، يتمتع بها وحده هو وأسرته، تلك الأسرة التى تمت معاملتها معاملة الملوك وكانت كل المخصصات المالية التى يتمتع بها الرئيس، تتمتع بها أسرته بالتبعية، دون رقيب أو حسيب، الشعب الذى أعطاه حق التصرف فى ثرواته وموارده، وجنى من ورائه أموالا طائلة هو وأسرته، وتمكن من خلال حكمه لمصر من تكوين ثروات تفوق ثروات أغنياء الخليج.
بعد كل هذا ويقول المنتفعون لقد خدم البلد، ولا يصح أن نُهينه بعد كل التضحيات التى قدمها لمصر، ودائما ما يذكرونا، بما فعله فى حرب أكتوبر، ويتحدثون عنه كأنه كان يحارب العدو بمفرده، ولم يكن معه أحد، وتجاهلوا أدوار القيادات التى كانت فى الحرب، وحتى لو كان هو بطل الحرب، كما يزعمون، ألم تكن تلك وظيفته التى يتكسب قوته منها، وأن النصر الذى تم تحقيقه، هو نتاج مجهود وفكر كتيبة الرجال التى خططت لتلك الحرب، وكان هو جزء من تلك الكتيبة، وأحد أفراد القيادة التى عانت الأمرين حتى تحقق النصر لمصر.
وبعد كل هذا يخرج علينا المنتفعون إياهم ويقول فعل كذا وكذا، فلو وضعنا ما فعله فى كفة وما أخذه هو وأسرته من مصر والمصريين طوال أيام حكمه وأيام حكم السادات فى كفة أخرى، لأصبح مديونا لنا بالكثير، هم يتصوروا أن ما قدمه كثير ويصمد فى وجه منتقديه ويقف فى وجه الزمان شاهدا على تلك الخدمات، لكنهم مثل المجذوب الذى يتصور أن السيف الخشبى الذى بيده يستطيع أن يوفر له الحماية أو أن يحارب به ويكسب المعركة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة