كتاب لعبد الرحمن بدوى يناقش تاريخ الإلحاد فى الإسلام ويسلط الضوء على أشهر الزنادقة

الأربعاء، 31 أغسطس 2011 02:08 م
كتاب لعبد الرحمن بدوى يناقش تاريخ الإلحاد فى الإسلام ويسلط الضوء على أشهر الزنادقة غلاف كتاب من تاريخ الإلحاد فى الإسلام
كتبت هدى زكريا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"ظاهرة الإلحاد من أخطر الظواهر فى تطور الحياة الروحية وهى أيضا ظاهرة ضرورية النشأة فى كل حضارة حينما تكون فى دور المدنية، وإنما تختلف وفقا لروح الحضارة التى انبثقت فيها، ذلك أن الإلحاد نتيجة لازمة لحالة النفس التى استنفدت كل إمكانياتها الدينية، فلم يعد فى وسعها بعد أن تؤمن وإذا كان الإلحاد الغربى بنزعته الديناميكية هو ذلك الذى عبر عنه نيتشه حينما قال "لقد مات الله"، وإذا كان الإلحاد اليونانى هو الذى يقول "إن الآلهة المقيمين فى المكان المقدس قد ماتت، فإن الإلحاد العربى وهو الذى يعنينا هنا فيقول لقد ماتت فكرة النبوة والأنبياء"، هكذا جاءت كلمات المفكر الراحل الدكتور عبد الرحمن بدوى لتوضح مفهوم قضية الإلحاد وليرسم المعالم الفارقة بين أشكاله المتعددة فى المجتمعات المختلفة وذلك فى كتابه "من تاريخ الإلحاد فى الإسلام" والذى صدرت منه طبعة جديدة عن مركز عبد الرحمن بدوى للإبداع.

والكتاب الذى يقع فى 212 صفحة يكشف فيه بدوى الأستار عن كثير من الشخصيات والمواقف التى ظلت فى طى النسيان متوغلا فى أكثر الفترات ظلمة فى التاريخ الإسلامى ألا وهى فترة الإلحاد، ويقدم بدوى فى عمله تاريخ هذه الظاهرة راجعا لأصولها ومبرزا ملامح تطورها ودارسا لأهم معالمها بداية من الزنادقة الأوائل وصولا إلى عالم كابن حيان أو فليسوف كأبى بكر الرازى، ويضع بدوى أمام القارئ أسباب زندقة أبن المقفع وإعدامه، وأثناء عملية رصد الظاهرة التى يقوم بها بدوى يفسر خصوصية الروح العربية والإلحاد العربى ثم يطرح مفهوم الزندقة متحدثا عن أصولها وعلاقتها بالديانة المانوية ثم ينتهى أخيرا بإعلام الإلحاد متتبعا أطروحاتهم الفكرية المختلفة.

يتحدث بدوى فى بداية الكتاب عن خصائص الحضارة العربية التى يرى بعض العلماء أنها لا تطلق إلا على الحضارة التى بدأت بالإسلام وانقسموا حيال ذلك إلى فريقين، الأول يجعلها مستقلة قد كونت دورة تامة مقفلة على نفسها وفريق يحاول أن يربط هذه الحضارة بالحضارة اليونانية الرومانية أو بحضارة البحر المتوسط بوجه عام، أما الفريق الأول فهو الفريق الشائع العام لكن رجاله لم يحاولوا أن يبينوا كيف تكون الحضارة العربية المفهومة بهذا المعنى حضارة تامة مقفلة ومرجع ذلك إما إلى جهل هؤلاء بفلسفة الحضارات وانعدام الحاسة التاريخية لديهم، مما جعل رأيهم هذا رأيا ساذجا قد أعفى الباحث من مهمة مناقشته ونقده وإما إلى أنهم استعملوا كلمة "حضارة" فى معنى غامض غير مفهوم لديهم ولا محدود، أما أصحاب الرأى الثانى وهو الذى يريد أن يربط الحضارة العربية بالحضارة اليونانية الرومانية، فعلماء ممتازون قد حاولوا تأييد ما ذهبوا إليه بحجج قوية تجمع بين دقة النظرة وسعة الإطلاع ولهذا يجدر بنا أن نتأمله بعناية ودقة.

ويوضح بدوى أن الحضارة الإسلامية قائمة على أسس حضارية ثلاثة وهى أولا: الشرق القديم خصوصا فيما يتصل بالنبوة السامية والشريعة الموسوية والثنائية والتصورات الأخروية الفارسية، والصورة التى رسمها البابليون للكون والأساس الثانى هو الحضارة الرومانية اليونانية على صورة الهلينية وبخاصة فيما يتعلق بالحياة اليومية وبالعلم والفن والأساس الثالث والأخير فهو المسيحية بما لها من عقائد وتصوف، وفى الفصل الثانى الذى جاء تحت عنوان "بواكير الإلحاد" فيتحدث بدوى عن الزندقة قائلا إن تاريخ الزندقة فى الإسلام موضوع غامض كل الغموض مضطرب كأشد ما يكون الاضطراب فلفظ زنديق غامض مشترك أطلق على معان عدة مختلفة فيما بينها على الرغم مما قد يجمع بينها من تشابه فكان يطلق على من يؤمن بالمانوية ويثبت أصلين أزليين للعالم هما النور والظلمة ثم اتسع المعنى من بعد اتساعا كبيرا حتى أطلق على كل صاحب بدعة وكل ملحد بل وصل به الأمر أخيرا إلى أن يطلق على كل من يسلك مذهبا بعيدا عن أهل السنة.

ويتطرق بدوى للحديث عن أشهر الزنادقة ذاكرا رجال الطائفة الأولى وهم أبو على سعيد، أبو على رجاء، أبو يحى، ويزدانبخت، أما الزنادقة من المتكلمين فأشهرهم أبن طالوت ونعمان اللذان كانا أستاذى ابن الراوندى الزنديق المشهور كما كان من أساتذته أيضا أبو شاكر الذى يذكر عنه الخياط أنه كان متصلا بهشام بن الحكم المتكلم الشيعى المعروف ولكن أظهر شخصية فى هؤلاء المتكلمين الزنادقة بعد شخصية ابن الراوندى هى شخصية أبى عيسى الوراق وقد كان هو أيضا استاذا لأبن الرواندى.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة