هو العيد الأول لمصر بنكهة مختلفة حرية تشوبها فوضى، حناجر ترفع رغبات أصحابها دون عقول واعية تماماً لأغراض البوح وطموحاته.. هل نحن بصدد فرحة بالعيد، أم استراحة إجبارية نعيد فيها قراءة الموقف؟
أظنها إجازة مضطرون لها جميعاً لنعيد التفكير فى كل ما حولنا، فى طموحاتنا بشأن الوطن، فى الزحف العشوائى لأصحاب المطالب اللحظية على حساب مستقبلنا جميعاً.
فى الإجازة سيحمل البعض فى نكاتهم وأحاديثهم الخاصة بعض من الشماتة فى الرئيس السابق، وهو نائم فى سريره فى قفص الاتهام منكراً جرائمه، سوف يتشفى البعض ويشمت البعض، ويتعاطف البعض الآخر، وسيكون هناك أيضاً من لا يكترث بالأمر برمته.
نحن المصريون بالفعل قوم لا يماثلنا أحد، ربما كنا بحاجة إلى ألف فرويد ليقرأ لنا مشاعر مبارك الآن وتفسير يريحنا عن موقفه، هل كانت شجاعة ألا يهرب، أم ثقة فى أن فساده سينجو به، هل بداخل هذا الرجل بقايا من ضمير، أو إنسانية؟ أم أنه يقرأ مستقبل انقساماتنا وحماقة البعض، ويعرف أن تصرفات الكثيرين ستحول الأغلبية من الكتلة الصامتة لداعمين له يرفعون أيدهم له بالدعاء والمساندة.
من أراد الديمقراطية والحرية عليه أن يقبل كل شىء ويقبل الجميع، وهو ما لا يتوفر لدينا كافة، لدينا ازدواجية فى الأداء وفى المحاسبة، وهذه قضية تحتاج أن نعالج أنفسنا منها وأن نعمل جاهدين للشفاء.
هو العيد الذى سيصاب الجميع بحالة من التوتر حين تصادف أفكارهم التهنئة الممزوجة باسم الرئيس السابق، ولا أجد مبرراً لهذه الحالة من التوتر، فمصر التى علمت الإنسانية الضمير، مازالت تتخذ موقع المعلم، فثورتها واتحفظ على لفظ ثورة لأسباب سيلى شرحها، هذه الثورة أسقطت النظام ولم يهرب الرئيس المخلوع، بل وتم القبض على رجاله وعائلته وتم تقديمهم للمحاكمة، وشاهد المصريون الرئيس سجين.
أما عن أحاديث الثورة وحكاياتها، فلأن هذا العيد هو عيد الفطر حيث الناس خارجة من تخمة غذائية فسيكون لدينا متسع من العقل والروح التى ستهرب فى العيد من الاكل المكثف للتخفيف –حسب ظنى والله أعلم-.
السؤال الذى أسأله لنفسى فى الخفاء ولكم أيضا فى الخفاء هل حدثت ثورة؟ الثورة هى حركة تقوم للتغيير، خرجت الجماهير تطلب اسقاط النظام والحرية والعدالة الاجتماعية والخبز فماذا تحقق بعد ستة أشهر ونصف، فوضى فى الشارع، انفلات أمنى، تراخى فى التنفيذ والعمل فى الجهات، قام بالثورة أصحاب المظالم وفاز بها أصحاب الغنائم، التجار الجشعين الذين رفعوا الأسعار بلا مبرر وارباحهم فى ازدياد لا يتوقف، رجال الشرطة الذين لا يعمل أغلبهم ويتاقضون أجورهم كاملة بحوافزهم ومكافآتهم، الباعة الجائلين الذين افترشوا مساحات شاسعة فى كل شارع ودخلوا الى عربات المترو وحولها إلى أتوبيسات نقل عام، البلطجية الذين علا صوتهم ونشروا مساحات قوتهم ونفوذهم، وهؤلاء الذين حول مبارك وعائلته ورجاله أموالهم لهم ليتم غسلها لحين خروجه من سجنه بلغه الله ما يستحقه.
وربما هناك آخرون استفادوا من الثورة، أما من قاموا بها فلم ينالوا شيء، فقط أن تتحدث الناس بحرية لكن هذا المكسب أيضاً تبخر بعد طوفان المحاكمات العسكرية إزاء التعبير على مواقع التواصل الاجتماعى تويتر والفيس بوك.. فهل قال أحد حدثت ثورة؟؟!!
الثورة أن تتغير حياتنا إلى الأفضل، أن نرى تحسناً فى مصر، وأخشى أن الأمور لا تسير فى هذا الاتجاه، أو أن التحسن المرتقب سيطول انتظاره كثيراً، فكما ذكرت فى مقال سابق إن الكيانات العشوائية التى تنامت بشكل جرثومى سوف تتدافع باستماتة للحفاظ على بقائها لأنه فى هذه الحالة سوف تدافع عن حياتها وعن أكل عيشها وهو الأخطر، لن تستطيع ثورة فى الدنيا أن تحارب الفقراء والمواطنون فى قوتهم، وأتصور أن جبهة حماية الثورة والشرفاء الباقين بهم بعض الأمل عليهم دور كبير فى الفترة القادمة ويجب أن نسارع لأن الوقت لن يكون فى صالح أحد.
عيد سعيد بلا مبارك لأن مبارك الآن مشغول فى مشفاه عفاه الله ليرى ما فعله فى قومه، وأذكره بأن كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، عل المجلس العسكرى والحكومة الحالية تتذكر ذلك فترحمنا من هذه الفوضى المعيشية، وترحم مصر من خلافات بين المصريين لن ترضى سوى أعدائنا.
عيدكم سعيد، وأيامكم حرية وديموقراطية عن جد.
عدد الردود 0
بواسطة:
ايهاب السعداوى
بيت القصيد