د. فتحى حسين

سبايدرمان المصرى!

الثلاثاء، 30 أغسطس 2011 02:49 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم يكن السبب الذى دفع المواطن الشاب أحمد الشحات الملقب بسبايدرمان المصرى الذى قام بالصعود 22 طابقا فى عمارة بميدان الجيزة توجد فى أعلاها مقر السفارة الإسرائيلية فى مصر، ومحاطة بالشرطة والقوات المسلحة من جميع النواحى فى أسفلها وأعلاها، ثم يقوم بالسير على الحيط- بدلا من جنب الحيط – ثم تنكيس العلم الإسرائيلى من أمام مقر السفارة فى الأدوار الثلاثة الأخيرة من العمارة شاهقة الارتفاع وفى الواحدة والنصف فجرا، ثم وضع العلم المصرى مكانه، سوى عشق خالص وغير طبيعى لمصر ورفضه لما يحدث من قتل ضباط مصريين على الحدود وممارسات الكيان الصهيونى ضد الشعب الفلسطينى والعربى.

فقد حبست الخطوة غير المتوقعة من أحمد الشحات خلال دقائق قصيرة أنفاس ما يقرب من 10 آلاف مصرى كانوا يتجمعون أمام السفارة طيلة يومين منادين بتنكيس العلم الإسرائيلى وطرد السفير الإسرائيلى، رداً على جريمة قتل عدد من الجنود المصريين على الحدود برصاص إسرائيلى، فكانت الفرحة الكبرى والانتصار المنتظر بعد وصول الشحات بسلامة وحمله على الأعناق ونجاحه فى إنزال العلم الإسرائيلى الجاثم على صدورنا طوال أكثر من ثلاثين عاما، وكان أثناء النظام السابق من يضبط بحرق العلم الإسرائيلى يقبض عليه من قبل أمن الدولة– الذى يبدو أنه لا زال موجودا بعد الثورة – ويأخذ الطريحة التمام جزاء وفاقا على ما اقترفت يداه وحرقت العلم الإسرائيلى! فالعلم هو رمز الدولة وأيقونتها الذى تعرف به بين دول العالم، دون الحاجة إلى كتابة اسمها، لذا دائما ما يكتسب ذلك العلم قدسية عالية، ويعتبر إهانته إهانة للشعب الذى ينتمى إليه.
وأحمد الشحات شاب بسيط وفقير، وحيد أمه وله شقيقات، وهو العائل الوحيد لهن بعد وفاة والده، ويعمل فى مهنة النقاشة باليومية، جاء من محافظة الشرقية ليعمل فى القاهرة، لا ينتمى إلى أى حزب أو تيار سياسى، ومتوسط التعليم ليس خريج الجامعة الألمانية أو الفرنسية أو الأمريكية أو الجامعات الخاصة المنتشرة فى البلاد كانتشار النار فى الهشيم، وليس باحثا فى معهد كارينجى للسلام أو ناشط سياسى أو مُنظرا ينتمى إلى كريمة المجتمع من المثقفين الذين "يقفشون" من البرامج الفضائية بالدولار أو عضوا فى أحزاب كارتونية أو إعلاميا مرتزقا يأكل على كل الموائد وينافق هذا ويهاجم ذاك، ولا يدعى أنه من قيادات ثورة 25 يناير أو مفّجرها، ولا عضوا فى حركات أوجروبات على الفيس بوك أو جمعيات مجتمع مدنى تحصل على تمويل مشبوه من الخارج للإضرار بالبلاد، وليس من المرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية! بل شاب مخلص يعشق مصر عشق خاص دون مقابل، وقد عبر عن مشاعره بالتنفيذ الواقعى وخاطر بحياته ومستقبله ومستقبل أسرته وصعد 22 طابقا، بدافع من وطنيته وإحساسه بالمسئولية تجاه بلده، ومن خلال إيصال رسالة مهمة إلى الإسرائيليين وهى أن الشباب المصرى سيفعل أى شىء للذود عن بلده.

وكم من الشباب أمثال أحمد الشحات الذين يمكنهم فعل الكثير من البطولات لمصر لولا النظام السابق البائد الذى ظل جاثما على نفوسنا لعقود طويلة، وزرع فينا الخوف والريبة عبر جهازه القمعى التعذيبى الغشيم، وقتل فينا كل إنجاز يمكن أن يتحقق..

ويبدو أن ما سبق جعل إسرائيل تدرك أخيرا أن ما كان يحدث من صمت فى عهد نظام مبارك قد ولى إلى غير رجعة، وأن مصر الثورة لن تتسامح مع أى انتهاك لحدودها وأمنها القومى.. وأنه قد آن الأوان لكى يرحل السفير الإسرائيلى من مصر دون رجعة، وأن يعاد النظر فى معاهدة كامب ديفيد واتفاقية الكويز وتصدير الغاز.

فحركة العلم تبعث فى الوقت ذاته برسالة تحذير قوية لتل أبيب مفادها أن المصريين مستعدون لفعل أى شىء للدفاع عن أراضيهم وكرامتهم وشرفهم.







مشاركة




التعليقات 3

عدد الردود 0

بواسطة:

نادر

كلنا رجال

عدد الردود 0

بواسطة:

على حسن

نصيحة للكاتب

عدد الردود 0

بواسطة:

حنان المصرى

لحظة صمت

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة