محمد عبد المجيد يكتب: الشرعية الثورية والشرعية الصامتة!!

الأربعاء، 03 أغسطس 2011 03:27 م
محمد عبد المجيد يكتب: الشرعية الثورية والشرعية الصامتة!!

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كثر استخدام كلمة الأغلبية الصامتة حتى أصبحت كلمة سيئة السمعة ومرتبطة بنظام فشل أن يحشد حتى 20000 مواطن لتأييده بينما كانت الملايين تقف فى أنحاء مصر لتغير نظاما فشل على مدى عقود أن يحقق أبسط أحلامه، وهو رغيف خبز، يحصل عليه بكرامه وماء نظيف يشربه، مما دعاه إلى أن يعتمد على أناس لم ينزلوا للشارع!!

وبعد الثورة كثر استخدام كلمة الشرعية الثورية حتى أصبحت كلمة تدعو للفخر والاحترام ومرتبطة بمجموعة من الشباب فجأة وجد نفسه يتصدر المشهد وتفتح له أبواب الشاشات الرسمية والفضائية والثورية، وبقايا من الأحزاب التى عادت للحياة من بوابة سقوط مبارك وبعض المفكرين وكاتبى الأعمدة الصحفية.

نحن إذًا أمام تيارين رئيسيين، تيار يريدها ثورة من ثورات التاريخ الذى قرأوه، حيث المحاكمات الثورية والقرارات الثورية وباختصار يريدون فرض شخصية الثائر الذى يتحكم بالأمور ويدير القصة كما يرغب وكما يهوى!! وهم واهمون لأنهم يظنون أنهم وحدهم فى السفينة ونسوا أن الثورة لو كانت قامت بهم هم فقط لكانت الأمور سارت على غير ما سارت عليه، وأن الملايين من الشعب وليست الأحزاب وليست القوى السياسية وليس الإخوان المسلمون، وإنما الشعب العظيم هو الذى أعطى الشرعية لثورة يناير مثلما أعطى الشرعية لثورة يوليو المجيدة.

أما التيار الثانى فهو السواد الأعظم من الشعب الذى كان يظهر فى التقارير الاقتصادية باعتبارهم يعيشون فى أوضاع اقتصادية صعبة وهم الفلاح البسيط والموظف الكادح على أولاده وينهى شهره بالدين من هنا وهناك وربة المنزل التى تفكر بالنقود ليل نهار وكيف ستشترى لأولادها ملابس العيد وكيف ستدفع رسوم المدرسة وموظف المعاش والميكانيكى والسائق والمدرس وحتى المهندس والطبيب وغيره من مختلف المهن، وهؤلاء لا يقولون الثورة أولا لأن لهم عيونا ترى وقلوبا تشعر بنبض الشارع، إنهم يقولون الأمن أولا، استقرار الأوضاع أولا لأن حالة التصعيد الدائم أفقدت الثوار بعض الرصيد عند تلك الفئة الصامتة خصوصًا مع محاولات استعداء المجلس العسكرى والناس ترى أن المجلس العسكرى هو صمام الأمان الوحيد للوطن فى تلك الظروف الصعبة.

إن كثرة الضغط ومحاولات فرض وجهات النظر عبر المليونيات التى لم تعد مليونية والاعتصامات تعنى أن هناك حالة من انعدام الثقة بين الثوار والمجلس العسكرى والعجب أن تتم الدعوة إلى مجلس رئاسى مدنى فى تلك الظروف، لكن على الثوار أن ينظروا جيدا إلى حجم الدعم الجماهيرى الآن لهم فهم يظنون إنهم لا يزالون يحظون بدعم الملايين، وهذا خطأ لأن المشهد تغير والأعداد تغيرت.

والسؤال الآن هل الأقلية الثورية تستطيع أن تحكم الأغلبية الصامتة- مع الاعتذار طبعًا لاستخدام كلمة من العهد البائد!!؟

من قبل صادف إسقاط النظام هوى الشعب لكن هل يصادف إسقاط كل شرعية فى البلاد الآن هوى الصامتين؟

هل المعركة القادمة تكون بين حركات متهمة بقيادة البلاد للفوضى ومجلس عسكرى مفوض لإدارة شئون البلاد وهو يتسم بالحكمة ويمارس أقصى درجات ضبط النفس تجاه الاعتصامات المعطلة للإنتاج والمؤثرة على السياحة وعلى البورصة؟

كان يجب على الثوار أن يكونوا أكثر واقعية ورؤية للوضع على الأرض ولا يتعاملون مع الأمور بمنطق فلسفى ذهنى حين يحاول إقناعك ويسألك هل هناك شىء اسمه نصف ثورة أم أن الثورة ينبغى أن تكون كاملة وكأننا فى حالة تنظير سياسى متعال على أمان الشعب وطعامه اللذين هما أهم من أى شىء.

كان يجب على الثوار أن يكونوا أكثر احتراما لتلك الأغلبية الصامتة وتدرك أن شرعيتها هى التى تضيف للشرعية الثورية والاحترام يكون عبر إدراك أن التصعيد الدائم يضر بالسواد الأعظم من الشعب من خلال التدهور الاقتصادى التى تتسبب فيه الاعتصامات وتعطى صورة بأن الأوضاع غير مستقرة فى مصر مما يجعل السائح لا يفكر فى المجىء لمصر.

ويتمثل احترام الأغلبية الصامتة فى مصر بأن يدرك الثوار أن التصعيد مع المجلس العسكرى يقود البلاد لفوضى ويمهد أرضًا خصبة لشريعة الغاب حيث يصبح كل مواطن مسئول عن أمنه وأمن أسرته أمام ظاهرة البلطجة التى بدأت تختفى شيئا فشيئا بفضل الله ثم القوات المسلحة التى دعمت الشرطة فى أن يكون تواجدها فعالا ويظهر ذلك يوما بعد يوم.

إننى أسال الثوار سؤالا: هل يملكون القدرة على حماية الجماهير والأغلبية الصامتة إذا حدث مع الجيش مثلما حدث مع الشرطة؟ والآن فقط يشككون فى الدرع الواقى للوطن والمسئول عن أمنه الداخلى قبل الخارجى، وهذا التشكيك غير المقبول يجعلنا أيضا إدراك أن الشرعية الثورية لا يجب أن تصطدم بحق المواطن فى المعيشة الآمنة ولا يجب أن تتهمه بالغباء وتفرض الوصاية عليه وكأنه طفل وتفكر له وتضحك عليه بالكلام العاطفى.

إن الوطن يجب أن يسعنا جميعا فليسوا هم وحدهم الوطنيون وليسوا هم وحدهم المثقفون الذين يعرفون مصلحة الوطن!

أخشى من أن تنطق الأغلبية الصامته بعد فوات الأوان لأن ساعتها سوف تنطق غضبًا وجوعًا ورعبًا، فعندما تنظر لأولادك ولا تعرف كيف تطعمهم توقع أى شىء، وعندما تفقد الأمن وتعلم أن أولادك وزوجتك وأمك وأباك معرضون للخطر توقع أى شىء.

إن التهدئة وإعطاء صورة عن استقرار الأوضاع يجلب السياحة للبلاد ويساعد على تعافى البورصة وإعطاء مساحة للوزارة أن تعمل دون ضغط إعلامى وثورى مما ينمو بالبلاد اقتصاديا وينعكس ذلك على المواطن البسيط.

نعم يجب أن نكون شركاء فى الوطن سواء أكنا ثوارًا أم مواطنين بسطاء ليس لنا فى السياسة ناقة ولا جمل ويجب على الثوار احترام إرادة الجماهير الكاسحة التى ذهبت للاستفتاء، وقالت نعم للإستقرار من خلال انتخابات تجرى سريعًا، وقالت نعم للمجلس العسكرى الذى سيدخل التاريخ من أوسع أبوابه عندما أعاد مصر للمصريين من خلال ثورة يوليو وهاهو يدير أخطر مرحلة انتقالية فى تاريخ مصر بهدوء ويجب علينا دعمه ويجب على الثوار احترام الشرعية الصامتة فبدون الجماهير تسقط كل الشرعيات حتى لو كانت ثورية!!.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة