وقف المثقفون والمؤرخون، عاجزين عن تجسيد وتسجيل تلك اللحظة التاريخية التى مرت بها مصر اليوم، وهى محاكمة الرئيس السابق محمد حسنى مبارك، ففى الوقت الذى أوحى فيه مشهد مثول مبارك خلف القضبان، لبعض الكتاب لتقديم عمل إبداعى يبرز الحالة النفسية لأول رئيس عربى يحاكمه شعبه، رأى آخرون أن هذا المشهد صعب للغاية ويحتاج كثيرًا من التوازن حتى يمكن تمثيله بمنتهى الواقعية والحيادية.
قال الروائى محمود الوردانى، لا يهمنى المصير الذى سيؤول إليه مبارك، ولكن ما يشغلنى الآن هو ما يحدث له شخصيًا، بعدما عرف أن المصريين أدركوا تماما أنه سارق وقاتل وبعدما ظهرت الجرائم التى ارتكبها طوال 30 عامًا أمام الشعب فجاء اليوم الذى يُحاكم فيه على جرائمه المنحطة ليصبح بمثابة أى حرامى غسيل أو مسجل خطر.
وأضاف الوردانى، أن مشهد مثول مبارك خلف القضبان "مُدهش" للغاية جعله عاجزًا عن تجسيده فى أى مشهد روائى الآن فلم يكن يتخيل يوما أن ينتقم الشعب من حاكمه بهذا الشكل، وأكد الوردانى على أنه لم يتعاطف لحظة مع الرئيس المخلوع فور دخوله قفص الاتهام قائلا: لم أتعاطف مع مبارك أو أى رئيس ديكتاتورى ويكفينا ما حدث لنا من تعذيب وقتل فى أقسام الشرطة.
وقال الروائى والقاص إبراهيم أصلان، مشهد محاكمة مبارك للاستيعاب وليس للكتابة على الأقل فى الوقت الحالى، وذلك لأنه مشهد يتجاوز مجرد وجود مبارك فى القفص والتحقيق معه ليصل لفكرة انتصار الشعب تحقيق إرادته، وأضاف أصلان، أن بعض الوقائع من الصعب أن توجد لها صيغة فنية تكافئها خاصة فى حالة محاكمة مبارك، وذلك لأنها لا تتعلق به وحده، ولكنها تخص الشعب بأكمله الذى طالب بالانتقام من هذا الحاكم وجماعته المفسدين.
وأوضح أصلان أن هناك عوامل كثيرة فى مشهد المحاكمة بالتأكيد ستؤثر فى أى كاتب خلال تقديمه لعمله الإبداعى من بينها على سبيل المثال صورة مبارك وهو مستلق على السرير خلف القفص وصورة أخرى وهو يرد على القاضى "أفندم" ليثبت حضوره.
فى حين قال المؤرخ عاصم الدسوقى، سيخصص التاريخ صفحات مستقلة لما يحدث اليوم، فلأول مرة تتم محاكمة رئيس عربى من قبل شعبه بهذا الشكل، ومن المؤكد أن التاريخ سيسجل تلك الوقائع، كما هى، بالصوت والصورة دون أى تجن، ونتمنى أن تتم المحاكمة بشكل سريع، وأضاف الدسوقى أنه سيتم تسجيل الوقائع وكتابتها دون انحياز وبعدها سيتم تحليل الموقف والبحث عن النتائج التى من المؤكد أنه سيكون فيها اختلاف وفقًا لرؤية كل باحث.
وأوضح الدسوقى أن تأريخ تلك الأحداث سيبدأ مع انتهاء محاكمة المخلوع وسيختلف بين الباحث والآخر، وذلك وفقًا لنوعية الدراسة وهدف كل منهم حيث ستكون هناك دراسات خاصة بالحالة النفسية للرئيس المخلوع ومدى ثباته الانفعالى ودراسات أخرى خاصة بتأريخ الـــ 18 يومًا للثورة ودراسات عن بداية حكم مبارك وأبرز قضايا الفساد فى عهده طوال الــــــ30 عامًا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة