يرى الناقد الأردنى فخرى صالح، أن المثقف العربى لم يكن له فعل مباشر فيما حدث خلال الأشهر الماضية، ويعتقد أنه لا يجب حصر مسألة مشاركة المثقف السياسية والاجتماعية فى الحراك الجماهيرى بالعالم العربى فى المشاركة بالجسد، لأن دوره أكبر من ذلك، ويتمثل فى التنظير لمطالب هذا الحراك. وشدد على دور المثقف فى أن يكون ناقداً للسلطة وليس جزءاً منها.
وقال صالح لراديو ألمانيا دوتشيه فيليه: "لم نشهد الكثير من المثقفين فى ساحات المظاهرات والاحتجاجات فى المدن والعواصم العربية المختلفة، لكن الدور الحقيقى للمثقف يكمن، وفق اعتقادى، فى عملية تهيئة التربة للمطالب الجذرية، التى نادى بها المتظاهرون فى الساحات العامة خلال هذه الفترة".
وأشار إلى أن المثقف له دور ملحوظ بصورة من الصور، رغم العمليات التى مارستها الأنظمة العربية فى محاولة تهميشه أو محاولة استتباعه وجعله جزءا من آلة النظام، ويجب أن لا نغفل أن هناك العديد من المثقفين شاركوا فى هذه الاحتجاجات، سواء بالنزول إلى الساحات أو بالتنظير لحركة الاحتجاج فى العالم العربى.
ويظن صالح أنه من الصعب التنبؤ بما سيقوم به المثقفون فى العالم العربى، بعد ما حدث خلال هذه الحركة الكبيرة التى غيرت من وجه المنطقة، وفتحت الباب واسعا على أفق ورؤية جديدين للعالم.
ولكن ما حدث خلال الأشهر الماضية يمكن أن يؤدى إلى ولادة أعمال كبرى ننتظرها فى أعوام قادمة، لأننا إذا راقبنا التاريخ بصورة مدققة فإننا سنجد أن هناك أعمالا كبيرة أنتجت بعد الحروب والهزات والخضات التى أصابت المجتمعات المختلفة فى العالم، ولا يمكن تصور ظهور بعض الأعمال الأدبية مثل "الحرب والسلام" لتولستوى، و"الجورنيكا" لبيكاسو، دون النظر إلى الأحداث التاريخية الكبرى.
وأضاف صالح أن تأثير التطور التكنولوجى سيؤثر على شكل الإنتاج الأدبى المستقبلى، و"نحن الآن نشهد ولادة أنواع جديدة من الأعمال الأدبية والثقافية والفنية، على سبيل المثال، الرسم لم يعد بالفرشاة بل أصبح يستخدم الكمبيوتر، وفى اليابان هناك روايات تستخدم الهاتف النقال.
كما أعتقد أن العصر الجديد سيفرض أشكالا مختلفة من الكتابة، ومن الفن، لأنه فى مراحل سابقة كان الشعر يتسيد عالم الأشكال الأدبية، ثم عندما أصبحت الكتابة منتشرة فى العالم بدأ الناس يكتبون الروايات والقصص، وصار السرد هو الذى يتسيد، ربما ستكون هناك أشكال جديدة فى العالم وليس فى العالم العربى فقط تعتمد على هذه التقنيات الحديثة".
وعن موقف المثقف من السلطة قال، "المثقفون ليسوا فئة واحدة، فبعضهم سيظلون جزءًا من السلطة، لأنهم كما يقال فى الثقافة العربية، يحبون ذهب المعز ويخافون سيفه، هؤلاء الأشخاص قد يظلون عاملين فى كنف السلطة ويحاولون أن يستفيدوا من أعطياتها، ولكن هناك بعض المثقفين الذين لهم موقف شديد الوضوح من السلطة، ويحاولون أن يكونوا دائما بعيدين عنها ويقفون إلى جانب تطلعات الناس والجماهير والفئات المهمشة فى المجتمع.
وشخصيا أومن بأن على المثقف أن يكون بعيدا عن السلطة، لأنه حالما يصبح جزءا من السلطة، فإن صفة الشاهد والقادر على نقد هذه السلطة وأفعالها، تنتفى فى هذه الحالة، فأنا أؤمن بالتفسير الذى قدمه الناقد والمنظر الفلسطينى الأصل الأمريكى الجنسية إدوارد سعيد حول دور المثقف، الذى يجب أن يقول الحقيقة للسلطة أينما وجدت، ومهما كان اللون الذى اتخذته هذه السلطة، على المثقف أن يكون ناقدا للسلطة لا جزءا منها".
عدد الردود 0
بواسطة:
د محسن أبوزيادة
هل عندنا مثقفون؟