منذ سقوط جهاز الداخلية عامة والأمن العام خاصة بعد أحداث الانسحاب المخزى، الذى حدث عشية جمعة الـ28 من يناير، والذى خطط له الرئيس السابق مبارك بغية إرهاب المصريين وتوجيه طاقتهم فى الحفاظ على ممتلكاتهم وأعراضهم من البلطجية والمجرمين ومصر لم تقم لها قائمة، وأصبح الجميع بمن فيهم ضابط الشرطة يخاف على نفسه وأهل بيته من عدم الأمان الذى أصبح يغلف كل نواحى الحياة المصرية، ولو كانت القيادات الأمنية تعلم كم لهذه الخطوة الهوجاء من تأثير جلل عليهم أنفسهم ما أطاعوا مبارك أو العادلى، فقد كسرت رهبة ضابط الشرطة فى عين المواطن العادى قبل المجرم والبلطجى، وقد تحتاج الداخلية لسنوات طويلة لبناء هذه الرهبة مرة أخرى، ولو نظرنا إلى المواطن البسيط بكل درجاته فلن تجد له مشاكل أمنية مع الداخلية لأن جل ما يتمناه أن يعامل معاملة آدمية بدون تطاول بالألفاظ أو الأيدى كما كان يحدث سابقًا، أما المصيبة فهى فى المجرمين وقطاع الطرق وتجار المخدرات فهؤلاء هم آفة المجتمع التى وقف الأمن فى السابق حائل بينهم وبين الشعب، وإن كانت هناك الكثير من الكوارث التى ارتكبها الأمن، بل وكان الأمن يحمى كثيرا من أباطرة الإجرام.. فنظرة بسيطة على المجتمع وجرائمه الآن تجد ما أشرنا إليه، فعندما تقرأ اليوم عن محاصرة البدو لميناء نويبع للإفراج عن شحنة مخدرات دون خوف من قانون أو شرطة أو جيش، وعندما تقرأ أيضًا عن محاولات بالجملة لتهريب مساجين من جميع أقسام الشرطة والسجون بماذا نسمى ذلك؟ وعندما تقوم اليوم عائلة بالفيوم بقطع عضو ذكرى لشاب لعلاقته بابنتهم أين الرادع لهؤلاء؟ لست مع الأمن فيما كان يفعله فى السابق، ولم أكن يوما أحبه، بل كنت كملايين غيرى أخاف دخول قسم الشرطة ولا ينتظم ضغطى ومعدل تنفسى إلا بعد الخروج منه، ولكن إذا آمنت أنت شر الشرطة هذه الأيام، فقد آمن اللصوص والقتلة العقاب، آمنوا الخوف من الجلاد آمنوا حتى من الملاحقة وتنفيذ الأحكام بحقهم واستمرار مدة سجنهم، إن المجتمع المصرى بأكمله فى حاجة إلى نظام أمنى جديد أساسه التعامل القائم على الاحترام والتفرقة الكاملة بين من يدخل القسم لقضاء ضرورة ومن مازال رهن المحاكمة وآخرين مسجلين خطر لديهم مئات القضايا قتل وسرقة بالإكراه واغتصاب ولا طائل من إصلاحهم بل إن الدين يحض على قطع رقابهم لأنهم مفسدون فى الأرض حتى ينعم الناس بالأمن والطمأنينة على أموالهم وأولادهم وأعراضهم فى بلد عرف عنه الأمن والأمان.
