محمود كرم الدين محمود يكتب: هل تذكر هذا الحب؟

بالحروب نسمع أن القوات نجحت فى السيطرة على طريق الإمدادات عن العدو، وأن العدو الآن بعد قطع هذا الطريق أصبح فى حصار لا يجد الوسيلة التى يلبى بها احتياجاته.

وأول ما يخطط له البناؤون عند بناء مدينة هو طريق الإمدادات الذى سيمدون به البنائين بمعداتهم وأدواتهم واحتياجاتهم للبناء، من ماء وكهرباء وخدمات.

إن طريق الإمدادات هو كلمة السر فى الحرب والسلم، وجوده أول علامات إمكانية البناء، وقطعه أول علامات الضعف والاحتياج والفقر.

لازالت القلوب فى حاجة إلى بعضها البعض لتتحابب وتتراحم وتتبادل الود والخيرات، كم من ثرى عاش فقره بقلبه ولا يشعر بغناه بحب من حوله، وكم من فقير أغناه الله بحبه وشعوره بحب من حوله، فإن قطع طريق إمدادات القلب فأصبح معزولاً عن محبيه، فلا عجب أن يبدأ موته البطىء حتى وإن كانت به كل علامات الحياة، لكن حتماً رغم وجودها يشعر أنه بحاجة إلى مدد يخرجه من نقص ما، ويرسم له طريق النجاة.

من لحظة الميلاد حتى الموت نحتاج إلى بعضنا البعض، كل منا له غناه وفقره فى ذات الوقت، فلا غنى مطلق ولا كمال إلا لله سبحانه، أما البشر فتباينت قدراتهم وألوان احتياجاتهم لتزداد الروابط بينهم، فما أحوجنا لفهم احتياجات بعضنا بصدق، فلا تتضارب الاحتياجات، بل ننشئ بين قلوبنا طرق حب وإمدادات، فلا تكون هناك قلوب معزولة بما فيها من ضعف وخوف، بل قلوب موصولة بالحب فتعرف بعضها فتسعى لإكمال احتياجاتها من بعضها.

وبقدر حبك لله يكون حبك لخير مخلوقاته، وبقدر حرصك على نفسك، يحرص غيرك على خيرك، من نعم الله عليك أنه لم يخلقك وحدك، بل سخر كل مخلوقاته بعضهم لبعض، بقدر ما تسخر نفسك لهم سيسخرهم الله لك، بحب الله الذى جمع بينكم، يعطونك المال فلا تحتاج لسرقتهم، وبرحمة فى معاملتهم يوقرونك فلا تحتاج إلى قهرهم، وبلين نصيحة يعلمونك فلا تخجل من محاسبتهم، فنور القلوب محبة الله، فكيف ينسى أحبابه الحب بينهم؟