جيهان فوزى

لماذا كل هذه المغالطات..؟!

السبت، 27 أغسطس 2011 10:16 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
شىء مؤلم أن أجد معظم تعليقات القراء الأعزاء، رداً على المقال السابق "لعبة إسرائيل المكشوفة"، تحمل كل هذه المغالطات تجاه الفلسطينيين، بلا شك إنه كان أمراً محيراً بالنسبة لى، هذا الخلط فى كيل الاتهامات جزافاً، وعدم التمييز بين شعب مقهور ومحاصر ومغلوب على أمره، وبين قيادته التى وصمت بالعمالة والتبعية لإسرائيل، وإن كان فى ذلك تجن أيضاً على القيادة الفلسطينية المحاصرة بتوازنات سياسية غاية فى التعقيد، ضغوط شعبها المشروعة تماما، والسياسات الدولية والتحالفات العربية التى لا تترك لها خياراً حراً مستقلاً، بعيداً عن لعبة التوازنات السياسية القذرة من جهة، والصراعات الفصائلية والحزبية الخفى منها والعلنى من جهة أخرى.

حينما يكون هناك إصرار غريب على أن الفلسطينيين خونة ويستحقون ما يلاقونه فهذه خطيئة كبرى، وحينما يقال إنهم المسئولون عن بيع أراضيهم لليهود، فهذا أيضا إصرار متعمد وتجاهل للحقائق التاريخية التى تثبت باليقين أن الفلسطينيين تعرضوا لمؤامرات عربية قبل أن تكون صهيونية، لاستلاب أرضهم وعرضهم وتاريخهم وحياتهم، وتعرضوا لمجازر إسرائيلية بشعة إبان إعلان قرار تقسيم فلسطين، ومجزرتا دير ياسين والقسطل تشهدان على ذلك، ومن بعدها مجزرة اللد وعسقلان ومدن كثيرة فى فلسطين تعرضت للغزو التتارى المنظم، والعالم العربى ساكنا متفرجا وأحيانا متواطئا، فيما كانت هناك مساعدات محدودة على استحياء لحفظ ماء الوجه، والمقاومة العنيفة التى خاضها أهالى فلسطين، فى مواجهة هذا الطوفان من القتل والتدمير والإصرار على سلب البلاد من سكانها وطردهم إلى غير رجعة.

أدهشنى أحد التعليقات التى تؤكد بضمير مستقر، أن الغاز المصرى يذهب للفلسطينيين، ولا أدرى من أين له هذا اليقين الذى لا يقبل الشك؟!.
ألا يعرف هذا القارئ أن أزمة الوقود مستعصية فى قطاع غزة، وأن معظم أيام الأسبوع تعيش مدن ومخيمات القطاع فى ظلام دامس، وذلك بسبب تحكم إسرائيل فى التيار الكهربائى ورفضها إمداد القطاع بما يكفى من الطاقة، لتشغيل المصانع والمستشفيات وغيرها، وأن الحياة تكون شبه معطلة بشكل يومى، وأن السكان تعتمد فى تشغيل الأجهزة الكهربائية فى المصانع والورش والبيوت، مستعينة بالمولدات الكهربائية الخاصة بهم، وأن اتفاق المصالحة الذى رعته القاهرة مؤخرا أحيا الأمل لدى سكان قطاع غزة فى ربط شبكة الكهرباء المصرية بالفلسطينية، كى تلبى ولو جزء يسير من احتياجهم للطاقة.

نحن نتحدث فى هذه اللحظات عن ظلم كبير يتعرض له الفلسطينى فى كل مكان سواء بالحق أو الباطل، وهو الآن وفى هذه اللحظة التى أكتب فيها المقال يتعرض قطاع غزة للقصف الوحشى والتدمير بالمدفعية الإسرائيلية الثقيلة، والناس تعيش على أزيز طائرات الـ"إف 16" المرعبة ليلا ونهارا، والصواريخ التى تسقط دون تمييز بعمق 15 متراً تحت الأرض، وتحدث فجوة لا يقل اتساعها عن عشرة أمتار، وأصبح هذا المشهد اليومى جزءاً من نسيج حياتهم اليومية البائسة.

لم يستفق أهالى غزة من الحرب الأخيرة التى دكت القطاع أواخر عام 2008 ليصبح ملاذاً للأشباح حتى الآن، فمازال مشروع الإعمار فى سباته العميق بفعل الوعود الكاذبة التى منى بها المنكوبون ولم يتحقق منها شىء، يسقط عشرات الجرحى والشهداء كل يوم بفعل الصواريخ التى تسقط من طائرات "إف 16" التى لا تنفك ترعد فى هدأة الليل، تروع الآمنين فى بيوتهم، والأطفال فى مخادعهم، فتحولت أصواتها إلى كوابيس لا تنتهى، رضعوا الخوف باكرا، وسكنتهم الأمراض النفسية المختلفة، وعزفت على مصيرهم أصوات البنادق والصواريخ، لتصبح جزءاً أصيلاً من حياتهم، فكيف لنا أن نحاكمهم وتلك حياتهم، وذاك مصيرهم، يتشبثون بالأمل مهما كان ضعيفاً، ويتمسكون بالحياة مهما كانت صعوباتها.

يبدو أنه قدر محتوم على الفلسطينيين أن يدفعوا وحدهم فاتورة نضالهم، ومن سلبوهم أبسط حقوقهم فى وطن مفقود، وهوية تائهة بين الحدود، ومصير يبحث عن فضاء الحرية المسلوبة منذ عقود، وسيبقى البحث مستمراً والنضال هدفاً وعقيدة، ومن شتات إلى شتات ربما يحط الطائر المهاجر على أرض صلبة، بعد رحلة البحث الطويلة عن الاستقرار والهوية الضائعة، فمن حق الفلسطينى أن يكون له وطن، وأن يسترد هويته ممن سلبوه حقه فى الحياة والحرية.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة