إصلاحات.. كلمة تناقلتها العديد من الألسن فى الآونة الأخيرة وأكثرها لفتا للانتباه تلك التى نطق بها الرؤساء قبل تركهم لمقاعدهم التى شقت صدور شعوبهم، فقد سمعها الشعب التونسى قبل هروب رئيسه على زين العابدين، وهى نفس ذات الكلمة التى ترددت على لسان مبارك ورجاله وأبرزهم وريثه قبل الإطاحة بهم وإيداعهم ظلمات السجون، ليقضى الله أمرا كان مفعولا، وهى نفس الحروف التى لاكتها أفواه النظام اليمنى المستبد قبل مناورة الكر والفر، التى يلعبها فى الوقت الضائع ويستفز بها كرامة الشعب اليمنى العريق، بل هى الإصلاحات التى يتحدث عنها السفاح بشار الأسد فى خطابه الذى خرج به على شعبه والشعوب العربية أثناء نضاله الأسود ضد النفوس التى تاقت للحرية والعدالة المحرمة عليها مادام بشار وأسرته فى سدة الحكم.
السؤال هنا لماذا تقفز هذه الكلمة فجأة على الأذهان وتلفظها الألسن فور الإحساس بالخطر أو الشعور بأن الكرسى الذى يجلسون عليه بدأت تتفكك مساميره وتنهار دعائمه، هل أدرك من فى السلطة أن الوقت حان للإصلاح.. لعل معهم الحق.. ولكن من حق الشعوب عليهم أن يسألوا أيضا ومن سيحاسب على الفساد السابق الذى يستلزمه الإصلاح الآن؟ ومن سيحاسب على الأضرار التى لحقت بالشعوب جراء هذا الفساد؟ ومن جعلهم يعتقدون.. السؤال للشعوب.. أننا سنخولهم الحق فى التخلص من الفساد الذى كانوا سببا فيه.. أيلدغ المؤمن من جحر مرتين؟
الغريب أنه لا أحد من هؤلاء الرؤساء سأل نفسه قبل الخروج على مرأى شاشات التلفاز ووسائل الإعلام بفاهه الفاغر.. هل سيصدقه شعبه.. شعب عاش لسنوات طوال يتجرع الظلم والاستبداد ونتاج ثمار الفساد؟ شعبه الذى حرم حقه فى التعبير عن رأيه وعندما مارس هذا الحق جاء الرد قمعا وقتلا.
أى إصلاحات تتحدثون عنها، إصلاحات تبقيكم على مقاعدكم، أم إصلاحات لفساد يستحيل القضاء عليه مع وجودكم؟ إنما الإصلاحات الوحيدة التى ترغب فيها الشعوب الآن وفى كل وقت هى هذه التى تقصيكم عن رقاب العباد وقوتهم، وتضمن لهم قيم الحرية والعدالة والمساواة.
