يعنى إيه ثورة؟؟! يعنى فى المترو تنزل من الباب المخصص للنزول وتطلع من الباب المخصص للطلوع.
يعنى إيه ثورة؟؟! يعنى تمشى فى شوارع بلدك ما تلاقيش زبالة تكاد توصل لنص الشارع بجد والمشهد العام يبقى مشهد بشرى مش تحس أن البشر مختلطين بأكوام الزبالة وكأن ده جزْء من نسيج وطنك، الغريبة أنه الناس ما بتتألمش واعتادت ده زى ما يكون الناس ما بتحسش بوطنيتهم وبمتعة وجودهم فى مصر الحنونة إلا بمرافقة الزبالة.
يعنى إيه ثوره؟؟ ! يعنى تمشى بعربيتك على الدائرى ماتحسش أنك فى مغامرة فى الأدغال بتعدى حفر وبلاعات وبروزات خارجة من فواصل فى الطريق ليها سنون لدرجة أنها ممكن تفجرلك كاوتش عربيتك وأنت سايق، يعنى كمان وأنت مسافر على الطرق السريعة إلى مكنتش بأهمية طريق الساحل الشمالى أيام المخلوع زى القاهرة الفيوم مثلا، إنك ببساطة شديدة تلاقى نور على الطريق وأنك كمان بمنتهى البساطة تلاقى طريق واسع يحتمل كم السيارات والمقطورات اللى بتمثل وحوش على الطريق، وأنك تلاقى حوارى تقدرتسوق فيها بنظام وبعدين ما شاء الله على مصر والحمد لله إحنا ماعندناش أكتر من الصحراء هنخسر إيه لو وسعنا الطرق أو حتى الطرق المهمة لو على سبيل الأولوية، الحقيقة كمان أنه الطرق الفرعية اللى رابطة قرى ومدن الدلتا الداخلية حاجة فى منتهى الخيال العلمى أنا مش عارف ليه فى مصر إحنا عندنا كوارث تعتبر من النوادر، غريبة من نوعها.. مثلا بعض الطرق دى زى ميت غمر المنصورة والمنصورة السنبلاوين وأكيد ما خفى كان أعظم حضرتك تلاقى بجد الأسفلت وأخذ شكل غريب كده اشبه بمطب ولكن للأسف هو مش بعرض الطريق! كعهدنا بالمطبات، فتقدر حضرتك تتجاوزه بعربيتك ومفيش مانع من حكة بسيط فى بطن العربية ولكن هو فعلا وبدون مبالغة بطول الطريق .. عمرك شفت حد يحب يلعب لعبة انه ياخد المطب فى نص عربيته! ، بجد فى منتهى الخطوره لأنه ممكن يقسم العربيه نصين فعلا مع العلم أنه ده طريق سريع و مش منور وصغير جدا .
كمان ..
يعنى إيه ثورة؟؟ ! يعنى مامشيش بسرعات جنونية على الطرق وأخاف على البشر .
يعنى إيه ثورة؟؟ ! يعنى مدرسة نضيفة ومدرس مبتسم وديسك عليه اتنين فقط مش أربعة مزنقين .. تربى الطفل و الشاب المصرى على كرهه للالتزام و كرهه لبلده و استهتاره بمؤسساتها الفاشلة وبالتالى فقد الثقة فى كل حاجة.
يعنى إيه ثورة ؟؟ ! يعنى ما يبأش اليوم اللى تحتاج فيه مؤسسات الدولة زى مصلحة الجوازات أو المرور مثلا أو سجل مدنى فى شىء يخص حياتك أو أسرتك أو ممتلكاتك وما يتعلق بذلك من وثائق أو ما شابه أنه يصبح يوم تعيس ومرهق و جاف و شاق بالمعانى الحرفية للكلمات يومها فعلا يمكن أن تلقى بالسباب واللعنات على يوم ولادتك فى هذا البلد وعن القدر الإلهى الذى اختارك ها هنا وتعلم حينها أنك تلقى بيوم من حياتك فى البحر و تشعر أنك تقوم بمهمة انتحارية فى بحور ظلمات القطاع العام.
والحقيقة أنا بتستوقفنى كلمة قطاع عام فى دعوة للتأمل من منظور فلسفى نابع من العقل المصرى .. مش عارف ليه!؟ لما تيجى كلمة قطاع عام لأى أذن مصرية الواحد مننا يحس إنه الحاجة دى أكيد بايظة أو مهملة أو فيها مشاكل كتيرمن النوع اللى تستغرب ليه ماتتحلش مع أنه حلها ممكن يكون بسيط قوى ويجى فى ذهنك شكل الموظفين بملفاتهم الكبيرة جدا المجلدة بلون تحس أنه جلد معيز أو ما يشبه وتحس أنه أكيد اللى عنده قدرة التعامل مع كم الورق ده أكيد كائن فضائى أو حد عنده قدرات خاصة .. و الكاربون الباهت على الوصولات الحمراء اللى اتحدى أى حد ممكن يقرأ الكلام المكتوب عليها بوضوح و الموظف اللى قاعد يعمل كل حاجة بالورقة والقلم و كأننا فى الستينيات من هذا القرن .. وتحس أن مصر شغالة بالمنافلة.
المهم ..
يعنى إيه ثورة ؟؟ ! يعنى أدخل مستشفى عام أحس أنى غالى على وطنى بمعنى أنه أكيد محدش بيروح المستشفى وهو مش تعبان أو بيشتكى من حاجة فبالتأكيد عايز يروح عشان يرتاح، لكن للأسف هو بيقابل أهوال وآلام فى المستشفى أصعب من آلام مرضه لدرجة أننا لو هنفترض أنه ده طريقة من طرق العلاج المبتكرة إننا نصبره على بلوته فده فعلا بينجح لأنه بيهون عليه مرضه وألمه و بيشعر أنه ده أحن عليه من من وطنه و المهانة و قلة القيمة اللى بيشوفها فى كل تفصيلة وفى كل شبر داخل أى مستشفى حكومى ناهيك عن كوارث الأطباء وأخطائهم المميتة اللى أحيانا تندم المريض أنه أصلا قرر يتعالج .. و يعينى لو راح قصر العينى مثلا ، يبقى كتب على نفسه يبقى فأر تجارب كبير بأنك تلاقى نفسك و بمنتهى المهانة بيدخل عليك طلبة الكلية وبمنتهى الاستهتار و اللا مبالاه يجربو فيك اللى اتعلموه و طبعا يعينى المصرى مايقدرش يفتح بؤه لأنه حاسس أنه بيشحت من بلده مع ان ده حقه على بلده و حكومته، ولأنه ببساطة فى قطاع عام .
هل هنقدر بنفس عزم و تفانى وقفتنا فى الميدان و الدفاع عنه و نومتنا على الأرض لهدف عاوزين نحققه وتحملنا و صبرنا فى اللجان الشعبية أننا فعلا نقدر نخلى مصر كده لو ده ماحصلش يبقى سلملى على 25 يناير اللى كان أقيم و أعظم يوم فى حياتى .
فى النهايه يعنى إيه وطن .... يعنى إنسانيتك وأشيائك كيف ترتبها وكيف ترتاح وتهنأ بجوارها..!
