كان من المفترض أن يكون أول رد فعل طبيعى هو تطهير الأراضى المصرية بطرد سفير الكيان الصهيونى بعد ما قامت به، وهو ما يعرف بـ(دولة إسرائيل) من اعتداء على حدود مصر، واستشهاد عدد من الجنود المصريين.
ولا نعلم لماذا تنتظر الحكومة المصرية حتى تخرج المظاهرات المطالبة بخروج المدعو "إيتسحاق ليفانون" من مصر، فكان الأولى بحكومتنا أن تقوم بطرد السفير من تلقاء نفسها دون تظاهرات، خصوصا بعد تصريحاته المستفزة التى جاءت تعقيبا على المظاهرات المطالبة بطرده، بأنه لن يغادر القاهرة، داعيا السلطات المصرية لتكثيف قواتها الأمنية حول السفارة ومنع المتظاهرين من اقتحامها، وكذلك استنكار تلفزيون "العدو الصهيونى" قيام عدد من المتظاهرين بإزالة الحواجز الأمنية الحديدية من أمام الشوارع المحيطة بمقر السفارة دون تدخل من قوات الأمن المصرية لمنعهم من هذا.
ومن الواضح أن إسرائيل لم تستوعب الحقيقة بعد، وهى أن الشعب الذى قام بثورة 25 يناير والذى قدم مئات الشهداء لاستعادة كرامته فى الداخل، ووقف أعزل أمام الرصاص لإسقاط "مبارك" رجل إسرائيل الأول فى المنطقة، وهو ذات الشعب القادر على إسقاط إسرائيل نفسها، وتلقينهم الكثير من الدروس وتعليمهم أن دم المصرى وكرامته أصبح لهما ثمن غال بعد قيام الثورة.
لا نطالب الحكومة بأن نرى الدبابات المصرية فى قلب "تل أبيب" أو الدخول فى حرب، فهذا شأن وقرار عسكرى وله أهله ورجاله، ولكننا نطالب برد فعل عملى وموجع بعيد عن الشعارات، لنثبت لهذا الكيان الصهيونى أن كرامة كل مصرى هى كرامة وطن بالكامل، وذلك بدلا من مواجهة المتظاهرين الغاضبين لكرامة وطنهم وقطع التيار الكهربائى لإجبارهم على فض المظاهرات، خصوصا وأن تلك الأحداث تأتى كأول اختبار لحكم ما بعد الثورة، بل اختبار للثورة ذاتها بشأن الحفاظ على كرامة مصر والمصريين، فهل تنجح حكومتنا فى رد اعتبار كرامة الوطن، أم سيظل الدم المصرى بلا ثمن؟
