عبد الله عبد الصبور يكتب: رسالة من صابر.. حارس زنزانة مبارك إلى أمه فى الصعيد

وحياتك عندى.. وتربة أبوى.. وغلاوة صابحة وخالتى بهانة وعمى أمين.
أنا عمرى ف مرة كدبت عليكى؟
عارفه أنا واقف أحرس على زنزانة مين؟
طب قولى إكده؟
زنزانة العمدة اللى مطهقنا فى القيراطين وبيشخط فينا؟ لع يا أماى
زنزانة الباشا.. رئيس البندر.. واللى تمللى بيظلم فينا؟ لع يا أماى
طب غمضى عينك.. افتحى قلبك.. شوفى مين خلاه يحزن.

أنا واقف على زنزانة الريس! طبعا قلتى ضناكى اتجن؟
أبدا يا أماى.. وحياة الطهر الساكن فيكى.. واللى لا يمكن أبدا أغشه.
أنا واقف أهه.. قدام زنزانته.. ووشى ف وشه!
مش عارف ليه ماصعبش علاى.. وأنا كلى حنان؟!
ولا شفت أبوى فى بياض شعره.. ولا طيف إنسان.
فى عيونه ماشفتش غير عبّارة.. وناس غرقانة بتحدف طوق إلآه للآه!
وغلابة بتولع جوه القطر.. وناس فى القصر.. مفيش ولا لحظة تخاف الله!
شايف فى عيونه شباب ضايع وفقير موجوع.
شايفك يا أصيله بتكسرى عيشنا الناشف وتبليه بدموع.
وآهى آخرته زى ما ولدك شايفه.. خزى وعار.
وورا الأسوار.. ولدك صابر شايل رشاشه ليل ونهار.
وصباعى واكلنى.. نفسى أخدلك يامه الطار.
لكن علمتينى ف صغرى.. الميت ميت.. يبقى هنضربه ليه بالنار؟
أنا واقف أحرس على ليلك.. وأحميلك ألف نهار ونهار!