الإصلاح الشامل ضرورة، وهو مطلب لكل المصريين.. يثور التساؤل وهل الإصلاح الشامل ممكن وهل يمكن ذلك فى نفس الخطة الزمنية وفى كل أرجاء مصر دفعة واحدة؟.
قبل أن ننشغل بإجابة السؤال السابق، وجب علينا الدعاء بالرحمة لأرواح شهداء الواجب على الحدود فى سيناء، ومن سبقهم على مرّ السنوات السابقة، والذين سكت عنهم النظام السابق فى تواطؤ، وصولا إلى شهداء حرب النصر فى العاشر من رمضان، ومن سبقهم من ضحايا القيادات الجاهلة المتسيبة أصحاب هزيمة 67 وعزاؤنا أن جميعهم أحياء عند ربهم يرزقون.
تحية لانتفاضة الشعب الحر غضباً لخرق حدود مصر وإهدار دماء أبنائها الطاهرة، إن هذه لرسالة واضحة من شعب عزيز يعلن فيها أن دولة العزة والكرامة قد قامت فى مصر، ولن تقبل ما كانت تقبله دولة الانحناء والانكفاء فى عهد النظام البائد.
رجوعاً للتساؤل السابق، وفى ضوء التهديدات الجسيمة للأمن القومى، وفى ظل ما يخص سيناء من خلفيات تثير قلق المصريين، تبرز الحاجة الماسة لخلق حقائق أرض جديدة، وواقع أكثر تماسكاً بهذا الجزء الحيوى من أرض مصر.
فى ظل مخاوفنا على مستقبل سيناء ورغبتنا الحارقة جميعا فى بدء انطلاقة النهضة المصرية، فقد وجب علينا اعتناق فكر إبداعى واستراتيجى فى التعامل مع هذا الملف، ومع كل الملفات الأخرى إذا أردنا إنجازاً متميزاً. استراتيجية بؤر التميز للإصلاح الجذرى وتحقيق النجاح هى مثال لفكر إبداعى قد يؤدى للإنجاز المنشود. إن تكثيف كل اجتهادنا الخلاق من أجل تحقيق النجاح على أرض الواقع الملموس فى تلك الأجزاء المختارة من الوطن لكفيل بإثارة همة الشعب نحو تحقيق النهضة والجهاد فى سبيل هذا الهدف.
لماذا لا نبدأ بسيناء ونعلنها إقليما ذى وضع إدارى خاص ليبدأ الكفاح الذكى المستميت من أجل إطلاقها من عقال كل النظم واللوائح التى تؤسس للبيروقراطية المعوقة والفساد الذى يوقف كل انطلاق ومن أجل تطبيق أسس الإدارة الحديثة بمواطنين أكفاء يملؤهم الحماس لتولى هذه المسئولية وبكادر مالى خاص لمرتباتهم يتواءم فى جدية مع أرض الواقع.
لماذا تعتبر سيناء فرصة ذهبية لتحقيق نموذج النجاح المصرى؟ تتمتع سيناء بثرائها فى المقومات الجغرافية وهى تطل على البحرين الأبيض والأحمر وخليجى السويس والعقبة وقناة السويس، بالإضافة للبحيرات المرة ولها مقومات سياحية وزراعية وتعدينية وصناعية كبيرة.
فى نفس الوقت، هى بمحافظتيها الأقل كثافة فى السكان من الغالبية العظمى من محافظات مصر، لماذا لا نستغل هذه الفرصة ونبدأ من الآن مشروعاً قومياً لنهضة سيناء، ونجعلها نموذجاً مختاراً لإثبات قدرتنا ونجاحنا.
هيا بنا نتخيل سيناء كإقليم ناهض انطلقت به الاستثمارات السياحية والعلاجية الاستشفائية على شواطئها وتحول وسط سيناء إلى أودية زراعية ومناطق صناعية وتحول الشاطئ الشرقى لقناة السويس إلى منطقة استثمارية حرة عملاقة تنافس "جبل على" بالإمارات، منطقة حرة ذات موقع تنافسى متميز يتيح لها فى ظل النهضة الإدارية التى ستشهدها سيناء أن تكون قبلة المستثمرين.
لنتخيل سيناء وقد قام عليها جهاز إدارى تم اختيار موظفيه بعناية من المصريين الأكفاء يسيرون الأمور حسب لوائح حديثة، تم بها نسف الروتين والبيروقراطية، ويعملون فى ظل كادر مالى خاص بهذا الإقليم المختار، ليضمن لهم مستوى المعيشة اللائق.
التميز هو عنوان كل ما يقدمه هذا الإقليم من خدمات لقاطنيه ويحصل عليها رسوما تتناسب مع هذا التميز، وبالمثل تحصل الضرائب فى هذا الإقليم بنظام محكم من كل فرد على أرضه بما يتفادى التسرب الضريبى الضخم الحادث فى ظل الاقتصاد العشوائى غير الرسمى فى باقى أرجاء مصر.
المواطن على أرض سيناء سيتمتع ببيئة منضبطة لا تلوث ولا إزعاج فيها، وله كل حقوقه كمواطن، فمثلا يتعلم أولاده تعليماً حكومياً متميزاً وتعالج أسرته فى مستشفيات حكومية منضبطة.
مجتمع سيناء الحديثة سيكون مجتمعاً جاذباً، يتمنى كل مصرى صاحب كفاءة أن يجد فرصة للانضمام إليه.
فى ظل جاذبية الحياة فى إقليم سيناء وانضباطها ستزيد بها الكثافة السكانية نحو اكتمال قدرتها الاستيعابية، ولكن فى ظل مستوى حضارى متميز بعيد عن العشوائية التى تتضخم تدريجيا فيصعب السيطرة عليها.
أملنا أن نعظم تنمية سيناء وكثافتها السكانية لتشكل عنصراً محورياً فى الأمن القومى لمصر.
سيناء هى بوابتنا الشرقية وما أسهل اجتياحها ما دامت قليلة الكثافة السكانية، ما أسهل الطمع فيها فى ظل سيناريوهات تحل بها إسرائيل مشاكلها، بالإضافة لذلك فأهلنا فى سيناء هم فى أمس الحاجة للتنمية والاستقرار، وهذا حقهم علينا منذ أن تم تحريرها. إن نهضة مصر هى أملنا، وسيناء يمكنها أن تكون قاطرة هذه النهضة إذا حسمنا أمرنا وبسرعة.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
العيساوى
هذا مانحتاجه لارض الفيروز