هذه رسالة صادقة خالصة لوجه الله تعالى أبعث بها لشرفاء ووجهاء مصر المحروسة، علها تجد أذانا صاغية، أبدأها بالسلام والتحية العطرة لشعبنا الحبيب المثابر الثائر، وبعد، لعله من الفطنة والكياسة استيعاب أن ما يدور فى سيناء قبل وبعد الهجوم الإسرائيلى غير المبرر على الشريط الحدودى، يجب أن يشد انتباهنا ويوقظ عقولنا الغافلة اللاهية على حقيقة لا مهرب منها، هى أن أفعالنا السياسية الطائشة منذ إسقاط نظام حسنى مبارك، كنز إسرائيل الاستراتيجى، على حد تعبير بنيامين بن اليعازر وزير البنية التحيتة الإسرائيلى، ساهمت فى إنهاك الجيش وشتت تركيزه، وبعثرت جهوده فى أمور داخلية ليست من صميم اختصاصاته الأساسية المنحصرة فى حماية أمن وحدود البلاد من هجمات ومكائد الدخلاء والأعداء.
وبدا من مهاجمة إسرائيل لسيناء أنها بدون قصد كشفت عن نية خبيثة لتنفيذ مخطط شرير بسيناء، تحت زعم أن مصر غير قادرة على بسط سيطرتها الأمنية عليها، وأنها كانت تختبر رد فعل القاهرة، حتى تعرف ما إذا كان سيكون على غرار المواقف المخزية للنظام السابق، الذى طالما غض البصر مرارا وتكرارا عن إهانات وتحرشات واستفزازات إسرائيلية كثيرة، خوفا من إغضاب تل أبيب، ومن ثم إغضاب الولايات المتحدة. ومن الواضح أن القيادة الإسرائيلية وصلتها رسالة شعبية ورسمية أن مصر فى عهد ما بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير لن تفرط ولن تتنازل عن تحصيل حقوق شهداء الواجب، ورد الصاع صاعين. ولربما تكون تلك فرصة، لفتح ملفات مجازر الجيش الإسرائيلى، التى راح ضحيتها المئات من جنودنا خلال الحروب المصرية الإسرائيلية ابتداء من حرب 1948 وانتهاء بالعاشر من رمضان، وأن نصر على رد الاعتبار لشهدائنا الأبرار مهما طال الزمن.
إزاء هذا الوضع هل يقتصر دورنا وواجبنا على الخروج فى مظاهرات تجوب الشوارع منددة بإسرائيل، ومطالبة بإلغاء اتفاقية كامب ديفيد للسلام، ووقف تصدير الغاز، وطرد سفير تل أبيب من الأراضى المصرية؟ بالطبع لا وألف لا، لأنه يقع على عاتقنا مسئولية أهم وأضخم، متمثلة فى عدم إنهاك الجيش، وأن نحكم عقولنا وضمائرنا فيما نفعله.
فما أسهل أن يتحول حادث بسيط لإضراب كبير عن العمل وإغلاق للطرق السريعة واقتحام مكاتب المسئولين والوزراء، بغرض نيل مطالب فئوية، وتبعا باتت المصلحة الشخصية الأنانية مقدمة على الصالح العام، وفى سبيلها نبدى استعدادا لإحراق الأخضر واليابس. ليت المسألة تنتهى عند حد الإضراب وتعطيل العمل، لكنها تفرض عبئا على قوات الجيش المطالبة بالانتشار فى هذه الأماكن لنجدة المسئولين عنها، ولمنع الاحتكاكات والاشتباكات بين المؤيدين والمعارضين، بل إن أقسام الشرطة، أو ما تبق منها تحرسها الشرطة العسكرية، وعناصر الشرطة لا تتحرك إلا فى معية قوات مساندة من الجيش. ستخرج أصوات مذكرة بأن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يتولى فعليا قيادة البلاد، وأن عليه القيام بهذه المهام، وأن يتحمل ويصبر، جميل وماذا عنا أيها الأبطال؟
نحن لا نكتفى بإلقاء مزيد من الأعباء على عاتق الجيش وحسب، وإنما نتطاول عليه بذريعة الحق فى حرية التعبير والرأى، وأننا لا نرغب فى حكم العسكر، وأتساءل: ما صلة حرية التعبير بالتهديد بتشكيل ميليشيات مسلحة لاغتيال قادته؟ وإياك أن تفهم كلامى على أنه دعوة صريحة لإقامة سياج يحول دون انتقاد المجلس العسكرى، بل على العكس يجوز انتقاده عندما يخطئ، ولكن فى إطار الاحترام وعدم التجاوز.
وفى الختام لنتذكر أن خطراً داهماً يحيق بسيناء، وأن ذلك يتطلب أن ننسى معاركنا الوهمية حول الدستور أولا أم الانتخابات أولا، واقتتالنا السياسى على كعكة السلطة غير الموجودة أصلا، وأن نصفى الخلافات ونسد الشروخ المتكاثرة بين فرقاء الأمة من الإسلاميين والليبراليين والسلفيين والإخوان المسلمين والصوفيين وشباب الثورة و6 إبريل، وماذا بعد النسيان؟
نبرم معاهدة صلح وطنية ونتعهد بأن يشغلنا توحيد الصفوف وتأمين سيناء وتنميتها، وأن نبتعد عما يفرقنا على الأقل لحين اجتيازنا بسلام المرحلة الانتقالية، والله الموفق والمستعان.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصر
مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
أبو حازم
حق شهداء الحدود
عدد الردود 0
بواسطة:
علي قنديل
صدقني ولا حياة لمن تنادي
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد نجم
أطمئن يا أستاذ .. شعب مصر كله خلف جيشنا الوطنى القوى
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد صبري
أوجزت فأبدعت
عدد الردود 0
بواسطة:
ali
كيف يحكم العالم
عدد الردود 0
بواسطة:
ايو محمد
كلمة صادقة ومخلصة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود على
احنا مش الضحية