لقد افرد "أرسطو" مساحة كبيرة من كتابة ( السياسة) للحديث عن الثورات، حيث يرى الفيلسوف الإغريقى الكبير دواعى قيام الثورات ترجع إلى "الشعور بالرغبة فى المساواة"، هذه المساواة يتطلب تحقيقها تغيراً جذرياً فى كل جوانب الحياة السياسية والاجتماعية، لتبديل كل أوجه الفساد فيها، فلا تقتصر الثورة على تغيير نظام الحكم – الذى يعد أحد أهم أولويات هذه الثورة – بل يتجاوز ذلك إلى تبديل النسق السياسى الذى كان سائدا، وكذا تبديل ميكانزمات عمل مؤسساته.
إذن ما هو مطلوب لا يعنى مجرد تغيير الحكام ولا حتى الإطاحة بنظام سياسى ضرب الفساد أوصاله فمزقها، بقدر ما يقصد به إعادة هيكلة المجتمع وتنظيم ممارسة السلطة فيه ووضع قواعد اجتماعية جديدة وصولا إلى إحداث "تغييرات جذرية فى إيديولوجيات وفلسفات التنظيم السياسى".
هذه حقائق لو تحققت نستطيع وقتها فقط أن نقول بأن ما حدث يوم 25 يناير كان ثورة مصرية مجيدة بل أعظم الثورات على مر التاريخ، لأنه إذا كان سقوط النظام السياسى كأشخاص وبقائه كإيديولوجية فكرية يؤكد فرضية تسلط وفساد من سوف يخرج من رحم هذا النسق الفاسد أصلا، فان هذا الطرح يدعونا إلى مراجعة كل ما يحيط بنا لتطهير الجسد المصرى من الفساد الذى استشرى فيه. لأن الثورة فى جوهرها حركة تجديدية ووسيلة إصلاحية شاملة.
ولعلك تؤيدنى القول بأن أحد أهم الشرارات التى أشعلت نيران الثورة المصرية تمثلت فى الانتخابات البرلمانية التى اتخذت فى العقود الماضية اتجاه الصعود السريع نحو قمة الفساد السياسى فبدلا من أن تفرز سلطة تشريعية مستقلة تدفع المجتمع للأمام، غدت أداة لينة تتشكل وفق الإرادة السياسية للسلطة التنفيذية، فإذا نحن زرعنا فى تربة سابق القوانين والأعراف السائدة والمنظمة لتكوين وتشكيل السلطة التشريعية، أو حتى تلك القوانين الخجولة والقاصرة التى سنتها سلطة مرتعشة - يفترض أنها ثورية – فلن نجنى إلا برلماناً أعرجا يحمل بين طياته كل عوامل الفساد والإفساد السابقة وربما ما هو أكثر.
يجب علينا الآن – وقبل فتح باب الترشح للانتخابات – إصدار قانون جامع مانع للممارسات الدستورية يحول كل خطايا وأوزار البرلمانات السابقة إلى حسنات وايجابيات على النحو التالى:
أولاً: إذا أردنا تطهير البرلمان من النظام السابق لا يسعنا إلا حرمان أعضائه من أن تطأ أقدامهم أعتاب البرلمان، عن طريق تغيير نظام الانتخاب من الفردى لنظام القائمة، فإذا كانت القوائم تقضى على آمال المرشحين المستقلين فى خوض الانتخابات، فلا مشكلة فى انضمام هؤلاء المستقلين إلى كيانات حزبية قائمة خاصة فى ظل انتشار هذا العدد الهائل من الأحزاب التى تجمع كل الأطياف السياسية وتضم كل الرؤى الفكرية المختلفة.
ثانيا: لن يتسنى لنا التخلص من أصحاب المصالح والمطامع الشخصية التى تدفع خلال لهثها خلف العضوية كل ما ملكت أيمانها، إلا بحجب كل المميزات البرلمانية – ما عدا الحصانة – لان أصل العمل التشريعى "خدمى تطوعى"، ولا يجوز إغراق (المتطوع) بالأموال وتأشيرات العمل والحج، ومنحة أراضى الدولة، والعلاج المجانى.. إلى آخر الأسباب والدوافع الحقيقية للقتال الانتخابى.
ختاما أعتقد أن بهاتين الخطوتين السابقتين نقى مصر من برلمان منسوخ من السابق، ونقى أنفسنا من المعارك الانتخابية المسلحة التى دارت رحاها قبل الأوان بين المشتاقين إلى جنة الحصانة.
عصام البنا يكتب: الانتخابات التشريعية وإجراءات لابد منها
الإثنين، 22 أغسطس 2011 08:47 ص
مجلس الشعب
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
رأفت
الرد من الحرفيش
عدد الردود 0
بواسطة:
مهندس/خالد زهير
الانسب للضعيف
عدد الردود 0
بواسطة:
mmmm
كيفية الفساد
عدد الردود 0
بواسطة:
مارسيل
مصر بخير طول مافيها هذه العينات المستنيرة مثل الكاتب