تطل علينا الساحة السياسية كل يوم بحزمة جديدة من الأحزاب التى وإن اختلفت فى أسمائها تبقى وليدة لأحزاب كبرى، إما انشق بعض أعضائها ليكوّنوا تلك الأحزاب بعدما ضاقت عليهم أحزابهم أو ربما كانت تلك الأحزاب هى الوجه الآخر ولسان المناورة لأحزاب تشرف عليها.
تعددت الأحزاب منذ أيام الثورة وأصبحنا نرى دورها الفعّال لا فى الشارع المصرى، ولكن فى الفضائيات ووسائل الإعلام بل وأصبحت المنابر ممتلئة بروّاد الساحة السياسية الجدد والقادمون من الميدان.. ولكن أحقاً قادمون من الميدان!
وهل كل من كان فى الميدان كانوا إعلاميين وسياسيين لدى جميعهم القدرة على خوض الحوارات التلفازية بقتال واستماتة للدفاع عن آرائه فى أى موضوع يطرح عليه وحتى إن طُرح بأسلوب المفاجئة؟
لقد رأيت فى الثورة مثلاً جليلاً فى التلاحم بين أطياف الشعب وبين أبنائه وعلى اختلاف ثقافة كل منهم وعلى اختلاف مستوى كل منهم الاجتماعى، فأين ذهب الملايين الذين كانوا فى ميدان التحرير! لقد صنعوا الثورة ثم ذهبوا ليستكملوا حياتهم وليحصدوا ثمار ثورتهم العظيمة وهذا أعظم وأجل من أن يبحث كل فرد فيهم عن شهرة تأتى له من الميدان ثم بدأنا ننتظر فى منتصف كل أسبوع لمن الجمعة القادمة وأقصد من سيسيطر على الجمعة القادمة وماذا سيكون اسمها ومن سيصعد المنبر وما طبيعة الشعارات التى سيصطحبها المصلّون إلى ميدان التحرير.
لقد كانت فى الثورة المصرية والثمانية عشر يوماً مثلا يُحتذى به ورونقاً له معانى الإيثار تحت شعار المواطنة، فهل غابت تلك الروح أم باقية فى جسد الأمة.
سوف أستبعد غياب تلك الروح ولكن أظنها اختلطت بطموح البعض جماعات وأفراد وجدوا الفرصة أمامهم لبناء قواعد سياسية تكون دروعاً لهم فى المرحلة القادمة.
وأظن التحوّل الأكبر فى الساحة السياسية قد حدث بالفعل حينما كوّنت جماعة الإخوان المسلمين حزبهم السياسى التى لم تبتعد مبادئه كثيراً عن الجماعة، تلك المبادئ التى تقف على مسافة واحدة من كافة الأحزاب والتيارات فى مصر، ولكن هذا التحول فى تاريخ مصر وفى جماعة الإخوان له أبعاده وتأثيره فى صناعة تاريخ مصر ما بعد مبارك، خاصة وأن أعلن الإخوان عدم نيّتهم خوض الانتخابات الرئاسية بمرشح خاص بهم، وهذا ما سيضع أعضاء حزب العدالة فى حيرة وحرية عند اختيار رئيس الجمهورية ولو أنه وبرغم قرار الجماعة يبقى الدكتور أبو الفتوح فى قلوب العديد من أبناء الجماعة.
لكن ربما الأهم فى المرحلة المقبلة كيف ستستوعب الأحزاب ائتلافات الثورة العديدة والمنتشرة فى المحافظات أم ستكوّن تلك الائتلافات أحزابها الخاصة أم ستتحد فى حزب واحد وإن حدث فكيف و هل ستنجح؟
تساؤلات عديدة تجعل من الصعب تخمين مستقبل مصر السياسى الذى يتابعه العالم ونصنعه نحن المصريون.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة