ليس بالضرورة أن نتجاذب ونتآلف دائماً لأننا نعيش فى مكان واحد وليس بالضرورة أن تفهمنى أو أفهمك لأنك مكثت معى وقتاً كبيراً، ليس بالضرورة أن تشعر بألمى وفرحى وحزنى لأنك بجوارى، فهناك خيوط رفيعة لتفاصيل صغيرة فى حياتنا لا يدركها إلا من يستشعر همسات الكون وتسبيحه.
أراك قبل أن تأتى تهمس لى طيور المحبة بتغريدها على نافذتى انك آتً عن بعد، تزف بشرى قدومك، أنسج من حروفى الهاربة كلماتٍ أعبر بها عن اشتياقى إليك، كل الأشياء التى تهواها وتحبها أحضرتها إليك، تُرى هل تستشعر ما بداخلى لحظة أن تطرق بابى وأنا أنظر إليك.. نعم هناك بشر نشتاق لهم دائماً بكل جوارحنا، وحتى تكتمل الصورة نتمنى أن يدركوا كم من المشاعر والأحاسيس التى نكنها لهم.
هناك على فراشه يرقد الأب بذاكرة الزمن التى توقفت عندها عقارب الساعة لتعلن له اقتراب نهاية محتومة منذ أصابته أمراض الشيخوخة، ليس بالضرورة أن يدرك كل من حوله صمته وإيماءاته ونظراته الحائرة، أولاده بجواره ولكن ماتت بداخلهم الصفات الجميلة التى كان يبحث عنها ويتمناها الأب فيهم، فتراه يطلب شخص بعينه خارج نطاق الزمان والمكان المحيطين به، شخص ما يدرك لغته ومشاعره وطقوسه قد يكون من يكون من يطلبه ولكنه يستشعر بوجوده لغة التواصل والحوار والتناغم التى لم ترتبط بزمان ومكان.
يبكيك أن يفترق زوجان بعد عمراً طويل لأنهما لم يدركا ويفهما كل منها الآخر لأنهم لم يصلوا إلى قدر من التناغم والمودة والرحمة فى التعامل مع بعضهم البعض، فقط تَحمل كل منهما الآخر من آجل حفنة أولاد، فالمكان والزمان والعشرة لم ينجحا فى تقريب وجهات النظر.
يبكيك أن ترى أخوات لا يشعرن بمدى صلة الرحم وترى كل واحد منهن فى اتجاه ولم تؤثر فيهن جذور النشأة، يبكيك أن ترى صديقان يصبحان بين يوم وليلة أعداء أو بمعنى آخر أنهما اعتادا على بعض بحكم المكان ولكن لم يدركا معنى الصداقة بمرور الوقت، يبكيك أن ترى إنسان يتألم لأى شىء أصابه ولا يشعر أحد بألمه، يبكيك أن تجلس فى مكان ولا يستشعر أحد قدسيته، يبكيك أن ترى وطن يحترق ولا يستشعر أحد قيمته.
فمن السهل أن تتقبل الناس على هيئتهم، ولكن من الصعب أن يحدث التفاعل والتناغم بين سطور العمر لمجرد وجودك بجوارى أو بمرور الزمن فأنا أعرفك من نبرة صوتك، من ملامح وجهك، من صمتك، من كلامك من همسك من انكسارك.. فهى أشياء حية نابضة كالشمس وقت الغروب يستشعرها من يفهم همس القلوب ولا يستطيع من نفسه الهروب.
صورة ارشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد بسيونى
يالك من مبدع حقا
عدد الردود 0
بواسطة:
ريم السيد
أبداع
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد الرحمن ابراهيم
همس المشاعر
عدد الردود 0
بواسطة:
د. طارق النجومى
ماتنافر منها أختلف
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود كرم الدين محمود
كلماتك جميلة يا عصام
عدد الردود 0
بواسطة:
نهله ماهر
ممتاااااااز
عدد الردود 0
بواسطة:
ميرفت عبد الرحمن
قلبك بصمة من السماء لا تعرف التبديل