القضاء المصرى هو السلطة التى يفترض أن نسعى للحفاظ عليها واحترامها، إذا كنا نتحدث عن بناء دولة الديمقراطية والعدالة والمساواة. نقول هذا بمناسبة حملات الهجوم على النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود، والنيابة العامة، والانتقادات التى توجه إلى أحكام القضاء بالبراءة فى قضايا، متهم فيها مسؤولون فى النظام السابق أو ضباط. لقد انتقد البعض المستشار أحمد رفعت رئيس محكمة الجنايات، التى تحاكم الرئيس السابق حسنى مبارك وولديه علاء وجمال، ووزير الداخلية حبيب العادلى فى قضايا قتل المتظاهرين وإهدار المال العام. وهى انتقادات توجه إلى جهات قضائية تعمل فى ظروف صعبة ومحاولات لاتلاف الأدلة والتلاعب فى القرائن الخاصة بالقضايا.
الهجوم على النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود يأتى من أطراف تتهمه بالتباطؤ فى محاكمة مبارك ورجال نظامه، وتلقى باللوم على النيابة فى براءة بعض المتهمين، مع العلم بأن رجال النيابة العامة يعملون منذ شهور فى قضايا قتل المتظاهرين منذ فبراير الماضى، وهى قضايا تطلبت تفرغ مئات من رجال النيابة فى ظروف صعبة، وبعد إتلاف واختفاء الكثير من الأدلة، مما يجعل الهجوم والاتهامات تصب فى خانة التقليل من الثقة فى النيابة، التى تمثل المجتمع ويفترض أن ندفع إلى مزيد من الثقة فيها حتى يمكنها أن تؤدى دورها فى تحقيق العدالة.
ولا يمكن التشكك الآن فى النائب العام وهو الذى تصدى لقضايا أكثر تعقيدا، كانت فيها أطراف وتداخلات من نظام مبارك، أشهرها قضية العبارة «السلام 98»، والتى غرق فيها 1033 مواطنا فى البحر الأحمر فى فبراير 2006. وأصر النائب العام على مواصلة التحقيقاتت بالرغم من العلاقة التى كانت تربط بين زكريا عزمى رئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق بممدوح إسماعيل مالك العبارة، والضغوط، التى مارسها عزمى لتحويل اتجاهات التحقيقات وتبرئة حليفه، ولما قضت المحكمة الأولى ببراءة ممدوح إسماعيل، وابنه. قرر المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام الطعن بالاستئناف على الحكم حتى صدر حكم بالحبس فيها. كما أن تحالف المال والسلطة هو الذى ساهم فى تهريب صاحب العبارة وابنه فى واحدة من أكثر قضايا الفساد السياسى. وأصر النائب العام على العمل فى القضية، التى كانت ملغمة بالفساد والتواطؤ السياسى. كما أن المستشار عبدالمجيد محمود هو الذى تصدى للتحقيق فى قضية مقتل سوزان تميم والمتهم فيها هشام طلعت مصطفى رجل الأعمال والقيادى فى الحزب الوطنى، وتمت إحالة القضية إلى الجنايات وحكم فيها لأول مرة بالإعدام على المتهمين. بالرغم من أنها كانت محاطة بتشابكات المال والسلطة.
ونفس الأمر مع رئيس المحكمة التى تحاكم مبارك المستشار أحمد رفعت، حيث يوجه البعض له انتقادات من تعامله مع المدعين بالحق المدنى أو وقف بث المحاكمات بعدما رأته المحكمة من فوضى ومحاولات من بعض المحامين للاستعراض أمام الكاميرات أكثر من حرصهم على تحقيق العدالة أو توضيح طلبات الدفاع.
كان القضاء العادل المستقل هو أحد أهم مطالب الشعب المصرى. وتحقيقه يحتاج إلى الصبر ومنح الثقة فى القضاء. لأنه السلطة، التى يلجأ لها المواطن فى مواجهة قرارات السلطة التنفيذية والتشريعية.
والقضاء خلال السنوات الأخيرة تصدى لتغول السلطة التنفيذية وفسادها، فهو الذى حكم ببطلان مجلس الشعب خلال السنوات 1984 و1987 و2000، وفرض الإشراف القضائى على الانتخابات، الذى تدخل نظام مبارك لافشاله بتلاعب تشريعى. وكانت أحكام القضاء الإدارى ببطلان عقد مدينتى وتصدير الغاز لإسرائيل، وطرد الحرس الجامعى.
وبالتالى فإن الهجوم على النائب العام أو رؤساء المحاكم، يصب فى خانة الفوضى، ويمنع القضاء من التفرغ لملاحقة الفاسدين. فى ظل وجود آلاف المتهمين والبلاغات.. سيذكر التاريخ للنائب العام مواقف انحاز فيها للعدالة. وشواهد تؤكد أن القضاء المصرى لم يخضع لتدخلات.
علينا أن نسأل: هل نريد أحكاما ترضينا أم نريد العدالة.. وهل نطالب بقضاء مستقل أم نريد هدم القضاء؟
الثقة فى النيابة العامة هى الطريق الوحيد لتحقيق العدالة
أكرم القصاص يكتب.. هل نطالب باستقلال القضاء أم هدم المؤسسة القضائية؟
الأحد، 21 أغسطس 2011 03:23 م
أكرم القصاص
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد
راجل محترم
مقال عظيم ... و الناس لازم تفوق و تاخد بالها
عدد الردود 0
بواسطة:
miido
اخيرا !
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن مصري
سلطة الشعب المتمسك بأقصي درجات لضبط النفس
عدد الردود 0
بواسطة:
المصرى الاصيل
كلام معقول ولكن...
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد
هذا هو الوعى المفقود
عدد الردود 0
بواسطة:
eslam
الإجابة علي سؤال الكاتب
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد الوكيل
الا القضاء
عدد الردود 0
بواسطة:
mohamed bayoumi
تتلاشى العداله مع وجود ضغط على القضاء
عدد الردود 0
بواسطة:
د/عبدالفتاح الغنيمى
لانجرح فى المستشار ونجله ..لكن عليه اخراج ألوف البلاغات من مكتبه
عدد الردود 0
بواسطة:
مصري
السيد كاتب المقال